الأحرار يفكرون بنفس الطريقة..آرون بوشنيل ومحمد الضيف نموذجًا
ما الذي يجمع رجل مقاومة فلسطينيًا بجندي أمريكي؟ ما الذي يجمع آرون بوشنيل بمحمد الضيف “رحمة ونور على روحهما”!
كلاهما أحرار، لا يعرفان معنى الانهزام. يعرفان أن الطريق إلى الأمام يبدأ من الخيال، وحين يوشك الطريق على الانسداد، فإن الخيال هو الذي يفتح له آفاقًا، حتى إن كان الخيال فعل رجل واحد، أو شخص واحد.
فعندما قيل للضيف إنه لا أمل، وإن رفاقه بين شهيد وأسير وتارك للسلاح، أجاب بجملته المشهورة: “حتى لا يسجل التاريخ أن الجميع قد استسلم وألقى السلاح.” وفي سياق مختلف تمامًا، وعلى أرض تُعتبر أرض الأعداء، قال الحر آرون بوشنيل إزاء قضية الأحرار: “لقد أدركت أن الفارق بيني وبين أصدقائي الأقل راديكالية هو أنهم أقل قدرة على تخيل عالم أفضل.”
كلا البطلين قاما -باختلافهما- بأعمال بطولية تُسجَّل في التاريخ. لم يقولا إن النصر محتوم، ولم يعوّلا على الرفاق أو الأسلحة أو الدول. هما بمسيرتهما زرعا بذرة، الأول لم يُلقِ السلاح حين ألقاه الجميع، والثاني صرخ هاتفًا، والنار تلتهم جسده: “الحرية لفلسطين. ليس لأنه يائس، بل لأنه يحلم بعالم أفضل، بفلسطين حرة.
لا أحد يعرف المستقبل، وماذا سيحل بالقضية، بفلسطيننا وببلادنا، وبالكيان الغاصب التوسعي. وها هو دونالد ترامب – رئيس أقوى إمبراطورية – يسعى جاهدًا للتخلص من سكان غزة، حتى لا يبقى من فلسطين سوى الضفة، وتنتهي القضية، مع أن هذا الحل يبدو إلى الآن مستبعدًا. لكن ما نعرفه هو أننا لن نُهزَم إلا عندما نؤمن أننا هُزِمنا. ومشكلة دولنا العربية أنها آمنت بانهزامها، وآمنت بمن هزمها. أما عن شعوبنا، فتحتاج تحليلًا عميقًا. لكن من بعض انهزاماتها أنها صدَّقت ما قيل عنها، إنها إرهاب. نعم، حتمًا نعاني من مشكلة الإرهاب في وطننا، لكن ليس عندما نقاوم محتلينا ومغتصبي أراضينا.
علينا أن نستعيد ثقتنا مجددًا بمقاومتنا وجدواها. هناك في الوقت نفسه حسرة وحرقة في بالي عندما أتابع الحسابات والإحصائيات الأجنبية. فمنذ مدة، انتشرت “صورة تعبيرية ساخرة” حصلت على آلاف الإعجابات، لشابة تجلس أمام الحاسوب لتسأل جوجل: “لماذا يكره الناس إسرائيل؟، وبعد خمس دقائق فقط من البحث، تتحول صورة الشابة إلى صورة أبو عبيدة. صدمني وأفرحني في الوقت ذاته، أن ما يقارب ٣٧٪ من يهود أمريكا -الذين يُفترض أنهم من معسكر خصوم القضية- ليس فقط يتعاطفون مع القضية، بل يتعاطفون مع المقاومة.
فها هي مقاومتنا اليوم، ودولنا في قمة خذلانها، تحقق في الوقت ذاته قمة التعاطف معها حول العالم. فها قد استشهد الضيف، ولم يتمكن أحد من القول إن الجميع استسلم وألقى سلاحه، وها قد استشهد بوشنيل وهو يحلم بعالم أفضل، بل ويتخيله واقعًا.
فهل نحلم معهما، وتتحرر فلسطين، ويُنثر رفات آرون على أراضيها – كما تمنى؟