سياسة

بنك القاهرة.. حصان طروادة!

مارس 28, 2025

بنك القاهرة.. حصان طروادة!

قبل يومين اثنين من كتابة مقالي هذا، أعلن بنك القاهرة أحد أضخم بنوك القطاع المصرفي المصري الحاجة إلى وظائف فورية في المحافظات؛ لتعزيز كوادره وتحسين جودة الخدمات المصرفية المقدمة للعملاء، بينما على صفحة فرص العمل للمصرف في صفحاته الأنيقة باللغة الإنجليزية رأيت وظائف شاغرة إدارية عليا أهمها مديرا مستقبليا لفرع من الفروع.

تردد قبل أيام أن بنك القاهرة بِيعَ ضمن أصول مصر المباعة، وهو الثالث في تراتبية الأهمية بعد الأهلي المصري وبنك مصر، ثم عاد السيد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ونفى ذلك في تصريحات مصورة قبل أربعة أيام. على الرغم من أن شبكة CNBCarabiatv نقلت عنه قبل أربعة أيام أيضا التالي: ”نقوم حاليا بتقييم بنك القاهرة تمهيدا لطرحه ضمن برنامج الطروحات. لم نحدد حتى الآن حجم الحصة التي ستطرح من بنك القاهرة وما إذا كان الطرح في البورصة أو لمستثمر أجنبي”.

آلية بيع بنك القاهرة

قبل الاستقرار على الآلية لابد أن أتوقف عند عملية أظن من اللازم تفسيرها لحضراتكم من غير ذوي الاختصاص؛ وهي مفهوم ”الفحص النافي للجهالة“: ”هي عملية التحليل، والتحري، والتقييم المهني للمؤسسة المالية التي يجب أن تُتخذ قبل التصديق على عقد أو معاملة مع طرف آخر ويتطلب مجهود مستمر للتأكد من أن كل السجلات المالية والمعلومات تم تحليلها بدقة والتأكد من صحتها لمساعدة جميع الأطراف لفهم العملية التجارية كاملة وتحديد أي مناطق تثير الشك أو القلق. حيث إن كل الأطراف سواء في عمليات الاستحواذ والدمج كبائعين أو مشترين يجب عليهم التأكد من أن كل المعلومات الخاصة بالشركة دقيقة و صحيحة لا لمنع المشتري من دفع مبالغ أكثر من المستحق أو أن يستلم البائع مبالغ أقل من المستحق ولكن أيضا للتأكد من جودة إدارة الحوكمة داخل المؤسسة وإدارة المخاطر.

المناطق الرئيسية التي يغطيها الفحص النافي للجهالة:

  • تقرير فحص مالي نافي للجهالة
  • تقرير فحص قانوني نافي للجهالة
  • تقرير فحص فني نافي للجهالة
  • تقرير بالتنبؤات المستقبلية للشركة“

لكي نفهم آلية بيع بنك عملاق كهذا، لابد لنا أيضا من فهم المسافة بين ملكية هذا البنك من الدولة لنحدد مسافة السلطة بالمعنى المباشر وإدارة المال العام كما حللناها وتقصينا عنها في الصندوق السيادي. الحكومة لا شك تروج لبيع البنك. بدأت الحكومة في الترويج لبرنامج سمته ” طروحات“ لتوفير غطاء ”مشروع“ لبيع بنك القاهرة والمصرف المتحد، ويتم حاليا عمل شيء استرعى انتباهي جدا ” الفحص النافي للجهالة“ وقد شرحته تفصيلا لحضراتكم أعلاه؛ لبنك القاهرة لتقييم البنك وتحديد قيمته.

هنا يُفتح الباب وأنا لا أوجه اتهاما لأنه لا قرينة بين يدي غير النمط المتكرر للتصرفات المريبة، أنا أشير لثغرة تفتح الباب لتلاعب يُمَكٍّنُ فسادا أو لإدارة بأسهم أجنبية تدير لمصلحتها خارج دورة رأس المالي الوطني (المال العام) أو حتى المساعدة في سد الدين العام أو الدين الخارجي. اللافت أن دورية تُعنى بشؤون العقارات الصديقة للبيئة أكدت ضمن مصادر أخرى أن مزادا عقد بالفعل ٢٠٠٨ لبيع بنك القاهرة وسبق وعَرَض البنكُ الأهلي اليوناني آنذاك ملياري دولار (٢ مليار دولار) لشرائه.

التخبط في التصريحات من جانب السيد رئيس الوزراء يعكس عدة أمور نطرحها بالترتيب:

  • الدكتور مصطفى مدبولي نفى أن يكون تقييما قد حسم قيمة البنك بعد مرور وقت التقييم السابق له. هذا يعني أن النية مبيتة لتقييمه أكثر من مرة.                               
    فإما أن هذا يحدث دوريا بأن يطلب تقييمه في إطار دوامة الاستدانة من باب تقييم الأصول بدفع من صندوق النقد، أو أن بنك القاهرة يقيّم ضمن قائمة المبيعات من أصول الدولة من أملاك الشعب دون رقابة ويباع ما يباع منها في السر دون محاسبة وهذا على الأرجح ما يحدث.
  • يتحدث السيد رئيس الوزراء عن أن ”الدولة“ والبنك المركزي يقومان بتحديد النسبة التي سيتم طرحها من البنك سواء كانت لمستثمر ”استراتيجي“، أو طرح في البورصة ، مؤكدا أن هذا ما يتم حاليا. كانت هذه التصريحات المنسوبة إليه في العشرين من مارس! يعني ذلك أن ”الدولة“، ولست أفهم ما يقصد سيادته بهذه الكلمة، والبنك المركزي يتصرفان في تقييم البنك! وأن ”مستثمرا استراتيجيا“ – أيضا لا أفهم العبارة – هل تعني مستثمرا في مصر على المدى الطويل؟ الإمارات مثلا؟ أم أن هناك مستثمراً استراتيجياً آخر سيشتري ما بقي؟! بمعنى آخر أصبح للإمارات منافسٌ في شراء أصول مصر؟
  • البنك المركزي المصري وافق على قيام بنك الإمارات دبي بعملية الفحص النافي للجهالة لبنك القاهرة (لست أدري بأي صفة) تمهيدا لشراء حصة قد تصل إلى ٦٠٪ (أيضا لست أدري بأي شروط معيارية).
  • مصادر ”المستقبل الأخضر“ غير المسماة طبعا – وأنا هنا لا ألقي باللوم على المنصة الناشرة – قالت إنه في حال عدم ملاءمة التقييم (لم يذكروا من وجهة نظر من ومن بيده قرار عدم الملاءمة وبأي معيار“ سيتم طرح ”حصة“ من بنك القاهرة في البورصة المصرية بدلا من بيع حصة كاملة فيها. يعني إذا بيعت لبنك الإمارات دبي تباع بحصة حاكمة بينما لو طرحت في البورصة المصرية تطرح حصة غير حاكمة!
  • أخيرا ويمكن لحضراتكم قراءة ما نشره الموقع في الرابط أعلاه ذُيّل الموضوع المنشور بجملة تبدو خاتمة لكنها بالنسبة لي فاتحة لبحث عميق كما كانت القاهرة الخديوية تدار عبر شركة مصر القابضة للتأمين. ورد التالي: قام بنك مصر بتنقية القروض الخاصة ببنك القاهرة، ومن فترة قصيرة نقلت الملكية من بنك مصر إلى شركة مصر المالية، التابعة لبنك مصر نفسه!!“. استحواذ جديد، وضع يد جديد، على المال العام.
  • أخير على موقع بنك القاهرة إعلانات تعرض امتيازات لعملائها تشمل التمويل العقاري من بينها قرض لمجمعات فاخرة للتقسيط ٨٠٪ من سعر العقار ويعادل ١٥ مليون جنيه!

لماذا إذن يباع بنك القاهرة؟

لست أدري في الحقيقة لكننا نبحث معا في كيفية إدارة المال العام كما بحثنا في خديعة الصندوق السيادي ونقل إدارة جميع الشركات المملوكة للشعب (الدولة) للصندوق السيادي في تحقيقين سابقين. بنك القاهرة حقق أرباحا عام ٢٠٢٤ بنحو ١٢.٥ مليار جنيه، بنمو ٨٤٪، وارتفع إجمالي الأصول بنحو ٢٠٪ إلى ٤٨٣ مليار جنيه عام ٢٠٢٤، ويبلغ رأسماله المدفوع مليار جنيه والمرخص به ٥٠ مليار.  قُيم للبيع بملياري جنيه عام ٢٠٠٧، الآن وهو ثالث بنك حكومي من حيث القيمة بعد البنك الأهلي وبنك مصر يقدر بمليار ونصف. ولما يقيم بنك مصر كما أسلفنا محفظة قروض بنك القاهرة وهو نفسه نقل ملكيته من بنك مصر لشركة مصر العالمية التابعة له، فهناك تلاعب. شيء غير مستقيم.

التخارج الحكومي تداخل مالي

بلا مواربة، التخارج الحكومي صورة لطيفة الغرض منها إقناع جهات الإقراض بأن كل الإملاءات تنفذ: مرونة سعر الصرف، وسياسات خفض معدلات التضخم، ورفع مستوى الاحتياطي الأجنبي وخفض الدين العام ورفع كفاءة النظام المصرفي. والأخيرة هذه التي فتحت باب التخارج الحكومي الصوري طبعا وإعادة هيكلة (قشرة) القطاع المصرفي. ٢٠٢٤ كان عاما مهما جدا لضحد كل حجج الاقتراض مع العجز المذل في التعثر في خدمة الدين وسداد الفوائد. فُتح الباب على مصراعيه لبيع أصول الدولة، وجل ما بيع أو نعرف عنه على الأقل هو للمُطبّع الأول في المنطقة؛ الإمارات طبعا. هل هناك أي قيود على تصرف الإمارات فيما تملك الآن في مصر شراءً أو انتفاعا آجلا للبيع للغير؟ لإسرائيل مثلا؟ للأسف: لا.

د.مدحت نافع كتب عنوانا لافتا وأكثر رفقا من عنواني كتبت أن بنك القاهرة حصان طروادة الذي سيزرع الإمارات وغيرها في النظام المصرفي والسياسات النقدية في مصر. أما عن الدكتور نافع، فكتب في المصري اليوم عنوان مقاله ”بنك القاهرة وقميص عثمان“. لفت نظري جدا في المقال فقرة بعينها: ”لطالما كان بنك القاهرة أيقونة التحدّى الجماهيرى لقرارات التخارج الحكومى، وقميص عثمان الذى يُلقى به فى وجه الشارع المصرى للتنديد بتفريط الدولة في حقوق المواطنين، وبيعها للأصول بثمن بخس لا يعبّر عن القيمة العادلة لتلك الأصول والممتلكات.. عام ٢٠٠٧ شهد واحدا من تلك الاحتجاجات المتصاعدة ضد ما عرف حينها بسياسة الخصخصة، وكان الاعتراض على بيع بنك القاهرة يتذرّع تارة بقيمته التاريخية الوطنية! وتارة بانخفاض التقييم عن توقعات غير المختصين أصحاب الضجيج الإعلامى.. النتيجة كانت دائمًا فشل التخارج الحكومى من البنك، وتأخر فى إعادة هيكلة القطاع المصرفى، الذى نحتاج اليوم إلى ضبطه وحوكمته التزامًا ببرنامجنا الإصلاحي مع صندوق النقد، وتحقيقًا لرفع كفاءة النظام المصرفى، بما يساعد على إصلاح تشوّهات الاقتصاد الكلى، ويكافح نمو الدين الداخلى، ويساهم فى استقلالية البنك المركزى.“

مرة أخرى أدعو بالحرية والعدالة للمهندس يحيى حسين عبد الهادي والدكتور عبد الخالق فاروق، الأول وقف ضد بيع القطاع العام في ذلك الزمن الي يكتب عنه الدكتور نافع والآخر لم يصمت لحظة عن أثر السياسات الاقتصادية الكارثية في العشرية السوداء الأخيرة وأتمنى له أيضا الحرية والعدالة. الاثنان في السجن. ليست مفاجأة أليس كذلك!

لكن على الرغم من دقة الخبير الدكتور نافع وحديثه عن إملاءات صندوق النقد فيما يتعلق بتحريك أسعار الطاقة، والضغط على القوى الشرائية للمواطنين – أذكّر سيادته ونحن في انتظار رفع الدعم جزئيا أو كليا عن أسعار الطاقة بعد العيد خلال أيام – مضيفا أن الضغوط ذات البعد الاجتماعي التي أشار إليها الصندوق كالعادة كما تفضل ليغسل يده (الصندوق) من تداعياتها الحتمية دون أن يفصح عن كيفية التعامل معها في ظل الضغوط الخارجية وضيق الحيز المالي.  وأنا أثني على كل كلمة مما سبق، لكن الخبير الدكتور نافع ذهب بعد عدة أسطر من مقاله المكثف وأشكره عليه إلى أن نية الفحص النافي للجهالة من قبل ”أحد المشترين المحتملين“ والتي أفترض أنا أنها المليار والنصف التي كنا نتحدث عنها قبل هذه الفقرة مثلا، يكمل الدكتور نافع تسببت في ”ارتفاع عقيرة غير المختصين“ في التشكيك في نوايا البيع، والنزول بسعر طلب الشراء عن نظيرة الدولاري منذ سنوات“. ويزيد: ” علماً بأن ذات المعترضين اليوم هم أنفسهم من اعترضوا على العرض القديم لأسباب مشابهة!“

بداية قراءة مقال الدكتور مدحت نافع مهمة جدا لدراسة  آلية التخارج الحكومي من النشاط الاقتصادي المزاحم فيه القطاع الخاص كما تفضل، بعين نقدية أو بقراءات متعددة تضم كتابة عدة خبراء؛ لأنه يبدو لنا أننا سنكون بحاجة لأن نفهم ذلك كثيرا في الفترة المقبلة. ثانيا بكل صدق المجتهد في تعلم وفك الطلاسم، غير المختصين ياسيدي الفاضل تعلو عقيرتهم لأنه لا جهاز واحد يوحد الله في هذه الدولة معنٍ لا بإفهام المواطنين كيف تدار أموالهم وأصول دولتهم ومصارفها وتخارج الحكومة من النشاط الاقتصادي القائم على أموال الشعب – يعني المال العام! اتهامات الترخّص والتفريط كما تفضل  السيد الخبير نوعان: بعضها من مصريين يدرسون في كبريات الجامعات المصرية والدولية ودراساتهم عن انهيار القطاع الاقتصادي والمصرفي المصري وافية جدا. وبعضها له كل الحق في هذه الاتهامات لأسباب عدة، دعني أوصلها لسيادته بمنتهى التهذيب عشرات السنوات من الإفقار والتجهيل، فضلا عن أنه لا يلزم كل مواطن فوق المئة مليون أن يكون أستاذا في الاقتصاد والسياسات المالية والنقدية والاقتصاد السياسي، يفترض أن هناك مجلسا للنواب قائما على حماية مصالح الشعب والمال العام، وسلطة تنفيذية حرفيا ملزمة بالعمل لخدمة الشعب وليس منحة أو عطية أن تدير مصالحه بعد استئذانه في كل خطوة عن طريق مجلس النواب، ثم الجهات الرقابية التي تحاسب الحكومة ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية دوريا. أما السلطة القضائية، فمن الحتمي أن تعاقب أي فاسد يدير المال العام كما يحلو له من أول رئيس الجمهورية حتى أدنى موظف في سلم البيروقراطية سواسية. لو اكتمل كل هذا لن يجأر أي مواطن بأي شيء مزعج.  ما يروع المستثمر ليس الضجة ياسيدي المفضال، ما يروع المستثمر أن بلدا بكل هذه الفرص والاستعداد والأفق، لا قانون فيها ولا نظام. المقاومة المجتمعية تُسحق تحت حذاء الكبار. لم يعد ملف حقوق الإنسان سرا يدفن تحت الشراشف الحمراء والأحذية اللامعة، ولا القصور الرخامية.

المستثمر يريد كل شيء

رأس الحكمة – دراسة حالة

في التاسع من فبراير الفائت أعلنت ”مدن القابضة“ الإماراتية عن تطورات مشروع رأس الحكمة في مصر. بسبب هذه الصفقة وسنعرض لها تفصيلا قال وزير المالية المصري أحمد كجوك في التاسع عشر من يناير ٢٠٢٥ إن مصر ”تتحرك باستراتيجية متكاملة لخفض سعر الدين والتضخم والدين الخارجي لإزاحة السحابة السوداء التي تحجب ما تشهده البلاد من إنجازات غير مسبوقة؟“ ما يدفع به بكثافة منذ سمعنا عن مشروعي رأس الحكمة ورأس جميلة أن الأول ساهم كثيرا في تراجع حجم الدين الخارجي في مصر بنحو ثلاثة مليارات دولار.

إذن هناك ”سحابة سوداء“ يتحدث عنها السيد وزير المالية تحجب الإنجازات غير المسبوقة. وأن المشروع ”أسهم في زيادة احتياطي النقد الأجنبي، وخفض دين أجهزة الموازنة إلى 89% من الناتج المحلي، وتراجع حجم الدين الخارجي بنحو 3 مليارات دولار.“ بيان التاسع عشر من يناير؛ فضلا عن السحابة السوداء بدأ بالإشارة إلى المشروع نفسه الذي عقد ”التطوير“ الذي وقعته مصر في فبراير ٢٠٢٤ بشراكة إماراتية لاستقطاب استثمارات قيمتها ١٥٠ مليار دولار حلال مدة تطوير المشروع، تتضمن ٣٥ مليار دولار استثمارا ”أجنبيا“ مباشرا للدولة المصرية خلال شهرين من التعاقد. (يعني بالفعل مصر تسلمت مارس أو أبريل الفائت مفترض استثمارات أجنبية قيمتها ٣٥ مليار دولار.“

الاستثمارات العامة للدولة في مصر

أشار وزير المالية العام الماضي في نفس البيان إلى أن العمل جارٍ على تحسين حوكمة الأداء الاقتصادي، ووضع ”سقف للاستثمارات العامة للدولة، ودين الحكومة العامة، والضمانات. ولأول مرة منذ سنوات ترتفع نسبة الاستثمارات الخاصة إلى إجمالي الاستثمارات لتصل إلى 63%، مؤكدًا الإعلان عن 17 مشروعًا للشراكة مع القطاع الخاص خلال النصف الأول من العام المالي الحالي.“

حتى التحديات الجمركية جاء الوزير على ذكرها أما مشروع إزالة السحابة السوداء التي تحجب الإنجازات غير المسبوقة عنا، “أطمئنكم جميعًا.. شايفين التحديات الضريبية والجمركية كويس.. وسنعمل سويًا بكل جهد لتحسين الأوضاع، ودفع وتنمية دور القطاع الخاص ودعمه للمنافسة الدولية وخلق فرص عمل لائقة لشبابنا“.

ارتفاع الدين على الرغم من ”الأموال المزمعة من صفقة رأس الحكمة“

الدين الخارجي في فبراير ٢٠٢٥ (بعد سنة بالتمام والكمال) ارتفع خلال الربع الأول من العام المالي ٢٠٢٤-٢٠٢٥ بنحو ٢.٣٢ مليار دولار بحسب البنك المركزي للدين الخارجي المنشورة. ديباجة طويلة معقدة كتبتها روسيا اليوم أكتفي منها بآخر سطر في صيغة خبرية لعنوان ارتفاع الدين الخارجي على الرغم من صفقة رأس الحكمة. ” وجاءت الزيادة في الدين الخارجي بنسبة 73% بسبب ارتفاع مديونيات قطاعات أخرى لم تسمها بيانات البنك المركزي المصري بنحو 1.704 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي الحالي لتصبح 19.07 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي مقابل نحو 17.366 مليار دولار بالربع السابق له.“

ارتفاع مديونيات قطاعات أخرى لم تسمها بيانات البنك المركزي المصري. وسؤال واحد: أين الشفافية في التعامل مع المال العام؟ وأين الرقابة على انعدام الشفافية الذي رفع الدين الخارجي في الربع الأول من ٢٠٢٥؟ أسئلة منضبطة وتنتظر الصحافة إجابات شافية.

كيف يرُوِّج لصفقة رأس الحكمة

في الرابع من أكتوبر ٢٠٢٤ عنونت ”اليوم السابع“ بالأحمر العريض (مباشرة يعني ذلك أمر من فوق) :   ”٧ مكاسب لمصر من ”رأس الحكمة“.. تحويل الساحل الشمالى لوجهة للسياحة العالمية.. تحقيق الموازنة أعلى فائض أولى فى التاريخ.. تسجيل رقم قياسى فى الاستثمارات الأجنبية.. وتراجع الدين الخارجى.. توفير آلاف فرص العمل“. انبرت ”اليوم السابع“ في الحدث عن مخطط ”تنمية الساحل الغربي“ اهتممت وسط الديباجات الطويلة بعدة أمور:

  • “دفعت صفقة رأس الحكمة، الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر ٤٦.١ مليار دولار خلال العام المالي الماضي ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣ مقابل ١١ مليار جنيه.
  • تطوير مدينة رأس الحكمة من قبل شركة أبو ظبي التنموية القابضة بقيمة 35 مليار دولار ما بين  ٢٤ مليار دولار سيولة دولارية مباشرة تتدفق للدولة المصرية من الخارج بالإضافة إلى ١١ مليار دولار كودائع مستحقة للإمارات بالبنك المركزي المصري يتم تحويلها بالجنيه المصري لاستخدامها في تنمية المشروع.
  • ينعكس نمو الاستثمار الأجنبي في زيادة تدفقات السيولة الدولارية مما يزيد من صلابة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات العالمية على الصعيد الجيوسياسي والاقتصادي على السواء، وتخفيف أزمة النقد الأجنبي بعدما تأثرت تدفقاته جراء الأزمات الدولية وخاصة الحرب على غزة بما أثر على عائدات قناة السويس. تراجع الدين الخارجي.كما ساهمت التدفقات الدولارية من صفقة رأس الحكمة، وتنازل الإمارات عن ١١  مليار دولار من ودائعها بالبنك المركزي المصري في خفض الدين الخارجي لمصر بأكثر من ١٥  مليار دولار خلال آخر ٦ شهور من ١٦٨  مليار دولار مطلع العام الحالي إلى  ١٥٢.٨ مليار دولار  بنهاية يونيو من العام الجاري.“

تركت لحضراتكم النص كما هو تماما. ولي عليه ملاحظات أسردها لكم:

لمن سلمت قيمة هذه الاستثمارات؟ إن كانت في عهدة الدولة ووزارة الاستثمار أين وكيف وكيف تدخل في دورة رأس المال العام الذي من المفترض أي يكون له حسن الأثر على المواطن إذا لم يكون فورا في تحسين ظروف المعيشة ويُتفهم أن مشروعات تنموية متوسطة إلى طويلة الأجل والمشروعات التنمية المستدامة مثلا دورة رأس المال فيها قد تكون طويلة نسبيا. بفرض ذلك، ما الجدول الزمني لهذه الدورات لرأس المال ومتى تستشعر الطبقة الوسطى على الأقل ريعها لأن الاستثمار السياحي والعقاري والعلاجي كما يبدو في مشروع ”رأس الحكمة“ لا صناعيا ولا زراعيا من ثم لن يعود بالأثر المباشر على الطبقات المسحوقة إلا بتحسن الموازنة العامة ورفع الأجور وتحسن مستوى المعيشة للمواطنين. جزء من تحسن الأداء الاقتصادي لبلد غرق في خدمة دينه الخارجي وانحيازه في الموازنة العامة واختياراته الاقتصادية كما نرى ليس للمشروعات التنمية المستدامة، فمن يحاسب وزارة المالية أو الاستثمار أو التنمية والحكم المحلي، أو رئيس الوزراء عن ارتفاع الدين العام في الربع الأول من عام ٢٠٢٥؟ والا كالعادة لن يحاسب أحد؟

شارك

مقالات ذات صلة