مدونات

توظيف الكفاءات السورية في مواجهة التضليل الإعلامي الغربي ضد سوريا

مارس 22, 2025

توظيف الكفاءات السورية في مواجهة التضليل الإعلامي الغربي ضد سوريا

في عصر الإعلام المفتوح والمعلومات المتدفقة بلا حدود، أصبحت الحروب لا تُخاض فقط في ساحات القتال، بل أيضاً في فضاء الإعلام، حيث يمكن لكلمة واحدة أو تقرير إعلامي أن يغير الرأي العام العالمي، وأن يوجه سياسات دول، وأن يعزز شرعية حكومات أو يسقطها. سوريا، التي واجهت أعتى الحملات الإعلامية والتضليل المتعمد، بحاجة إلى استراتيجيات جديدة لمخاطبة العالم، ليس فقط لتصحيح الروايات المغلوطة، بل أيضاً لعرض الواقع بعيون السوريين أنفسهم، لا من خلال عدسات الإعلام المسيس الذي اختزل المشهد إلى عناوين دعائية تخدم أجندات محددة.

 

هناك حاجة ماسة إلى توظيف الكفاءات السورية التي تتحدث لغات مختلفة وتفهم العقلية الغربية، ليس فقط لتقديم سوريا في صورتها الحقيقية، ولكن أيضاً لفضح الأكاذيب الممنهجة التي تُستخدم لضرب استقرارها. هذه الكفاءات تمتلك مفتاح الوصول إلى المنصات الإعلامية العالمية، ولها القدرة على تقديم الحجج والردود بأسلوب عقلاني بعيد عن العاطفة، قائم على الأدلة والبراهين التي يمكن توثيقها دولياً.

 

من أهم الأدوات التي يمكن توظيفها في هذه المواجهة الإعلامية، هي المقالات التحليلية التي تُنشر في الصحف والمجلات الغربية المرموقة، حيث يمكن عبرها تفنيد المزاعم والافتراءات التي يتم الترويج لها ضد سوريا. فالمقال الرصين الذي يعتمد على أرقام ووثائق، له تأثير أقوى بكثير من الخطابات الإنشائية أو التصريحات العاطفية. يمكن من خلال هذه المقالات إبراز تناقضات الإعلام الغربي في تغطيته للأحداث السورية، وتسليط الضوء على الجهات التي تستفيد من تضخيم الأحداث أو تشويه الحقائق.

 

الإعلام الاستقصائي هو سلاح آخر يمكن توظيفه بفعالية، حيث يمكن عبره كشف التضليل الإعلامي بالأدلة الملموسة، وعرض التقارير التي تم التلاعب بها، وكشف الجهات التي تقف خلف حملات التحريض والتشويه. الإعلام الغربي يعتمد بشكل كبير على ما يُعرف بـ “الحقائق الميدانية”، ولذلك فإن توفير تقارير مهنية موثقة من داخل سوريا، يمكن أن يكون له تأثير كبير في فضح التضليل، خصوصاً إذا تم نشر هذه التقارير عبر قنوات لها مصداقية في الأوساط الغربية.

 

وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً تشكل ميداناً أساسياً في هذه المعركة، حيث يمكن استغلال المنصات مثل تويتر وفيسبوك ويوتيوب لنشر فيديوهات قصيرة تشرح الحقيقة بلغة مبسطة، وتفضح الأكاذيب بأسلوب مباشر وسلس. كثير من الحملات التي أثرت على الرأي العام العالمي لم تبدأ من مؤسسات إعلامية كبرى، بل من أفراد عاديين نشروا مقاطع فيديو أو تغريدات مدعمة بالحقائق، واستطاعوا من خلالها أن يصلوا إلى جمهور واسع.

 

لكن الأهم من كل هذه الأدوات، هو خلق جبهة إعلامية موحدة من السوريين القادرين على إيصال صوت بلدهم بطريقة منظمة ومنهجية. لا يكفي أن يكون هناك بضعة أفراد يكتبون مقالات أو ينشرون فيديوهات متفرقة، بل يجب أن يكون هناك تنسيق مستمر بين الكفاءات السورية في الداخل والخارج، بحيث يتم توزيع المهام وتحديد القضايا التي يجب الرد عليها وفق استراتيجية مدروسة. فالعمل العشوائي، مهما كان صادقاً، لن يكون له التأثير المطلوب ما لم يكن ضمن رؤية متكاملة.

 

سوريا اليوم تواجه حملة تضليل ممنهجة، لا تقتصر فقط على تحريف الحقائق حول الأحداث السياسية والعسكرية، بل تمتد إلى تشويه صورتها بالكامل أمام الرأي العام العالمي. من هنا، فإن استخدام الكفاءات السورية ليس خياراً، بل ضرورة استراتيجية يجب العمل عليها بكل الوسائل، لأن الحقيقة لا تنتصر بمجرد كونها حقيقة، بل تحتاج إلى من يحملها ويدافع عنها بحكمة وإتقان.

شارك

مقالات ذات صلة