Blog

سوريّا: فلسطين أُخرى وثورة لا تموت 

مارس 7, 2025

سوريّا: فلسطين أُخرى وثورة لا تموت 

 

 أمل سامر


في مساء يومٍ عاديّ كنتُ أقلّب هاتفي، لأجد نصًّا قديمًا كتبتُه، مركونًا في قائمة الـ “Notes”، بين لوائح التسوّق واقتباسات أكدّسها لكي لا تضيع، فتحتُ النّص بحذرٍ لكي لا يضيع تاريخُ كتابته: [15 آذار/ مارس 2022]، فتذكرتُ أنني نشرتُه في ذكرى الثّورة السورية أسفل صورة علم الثّورة في ساحات المسجد الأقصى المُبارك، مرسومٌ عليها: “حتّى نارك جنّة”.


يُذهلنا القدر حين يُحيينا بضع سنوات قليلة، تخرجُ فيها حروفنا من الأدراج العتيقة ومن خيالات الحالمين، إلى مساحة الممكن، بل الحقيقيّ والواقعيّ، والذي عشناه بأنفسنا، لكنّه كان أجملُ من أن يُصدّق، وأوفى من أن يُرد!


أضعُ بين علامتيّ تنصيص هذا النّص الغضّ، والذي لم تكن تعلمُ صاحبته أنّه متبوعٌ بنصر عظيم، لسوريّا ولفلسطين:

“لطالما شعرتُ أنّ سوريّا هي فِلَسطين القرنِ الواحدِ والعشرين؛ كلّما نظرتُ في وجه سوريّ رأيتُ أجدادي، رأيتُ نفسي، في عيونٍ أرهقها كلّ شيء في البلاد، لكن لا ترى الأمل إلّا فيه. تتشابه بلادنا في الألم وفي الجمال، أينما أدرتَ وجهكَ فيهما ترى طيف هُتاف الحُريّة حاضر، وأينما سجدتَ على ترابيهما تتحسس دم الشّهداء الذي لم يبرد بعد. 


في مساحتين صغيرتين من العالم، عشنا كلّ أنواع الموت، ولكننا لم نمت! وكثير منّا ضاقت عليه الأرضُ حتّى وجد نفسه خارجها، بعيدًا عن جنّة البيت والحارة والأهل، يتآكل ما بقي من فُتات عُمره وهو يعدّ مرور الأيام.


لكنّها مهما كانت تكلّفنا فاسمها “ثورة”! اسمها “ثورة” لأنّها لا تنطفئ ولا تهدأ ولا تنتهي، هي نصرٌ متى رأى الحُرّ نوره صار ملازمًا له، هي جنّة متى دخلها ما عادت تهمّه نار العِدا، هي أفواجٌ وأفواجٌ من الغليان تسري في عروق البلاد حتّى يتجلّى معنى واحد: “الحريّة”.


أُحبّ دم السّوريين الثائر، أحبّ طاقتهم، حركتهم، حتّى غضبهم، وأغبطهم على هذه الثّورة التي تحيا كأنّها جزء أصيل فيهم، فنحنُ الفلسطينيون، وبالتّحديد من هُم في المنفى، نميلُ إلى أن نكون حزانى، مُتعبين، أو يائسين ربّما، وبعد النّكبة تحديدًا دخلنا في حالة ذهول وصدمة امتدّت حتّى نكستنا الكُبرى، فأخذ منّا احتلالنا كثيرًا من الوقت الثّمين حتّى تحركنا أخيرًا، وحملنا سلاحًا في وجهه، لكنّ السوريين أكثر استيعابًا لكلّ هذا الألم، وإن شاء الله سيكونون أسرع في الثّأر له.


ثورتنا هذي كاشفة، سوريّا ظلّي واقفة..كلّ عام وسوريّا ثورة.”


وعلى سطورِ سوريّا نرتّبُ كلماتنا اليوم، في حضرةِ الحُلم الذي صار نصرًا وذكرى للحالمين، وزادًا لأيّام تصيرُ فيها سوريّا ميزان السّطر وثبات القلم..وقِبلة العائدين.

شارك

مقالات ذات صلة