تأملات

غوستافو بيترو .. يا أخي!

سبتمبر 26, 2025

غوستافو بيترو .. يا أخي!

مَنْ أنتَ يا رجل؟

بينما أعاني الأمرّين تحت الإبادة منذ أكثر من 700 يوم، إلى حدّ اشتهائي سماعَ كلمةٍ واحدةٍ تروي غضبي الطويل على هذا العالم الأصمّ، وبالأخصّ الذي ينتمون إلى عرقي، فقد ذبحنا صمتهم وتخاذلهم وخطاباتهم الرديئة، يَرِدُ عليّ صوتكَ كأنّه شعاع شمسٍ لا يأبه بالظلام، صباحٌ يفتح نوافذي المغلقة رغماً عنّي، بياضٌ ينتصرُ على الجزء الأسود من الشطرنج بحركةٍ واحدة، فماذا فعلتَ وكيف نطقت بكلِّ الذي نطقته؟

كلماتُكَ ليست مجرّد كلمات، أتعرف لماذا؟

لأنّ الحكّام العرب عاجزون منذ أن بدأت الإبادة عن قول رُبْعِ كلماتك.

لأنّ الكلمات الحقيقيّة تحتاج رجالاً حقيقيين، ولأنّك رجل حقيقيّ يليق بك أن تتكلم، ويليق بنا أن نفرح بك ونصدقك.

لأنّني شعرتُ أنّ هنالك حقّاً من يؤمن بإنسانيّة أهل غزّة ووجوب توقف هذه الحرب بعيداً عن الخطابات السخيفة والتي تلقي اللوم دوماً على الضحية وتمجّد الجلاد وتجد له مبرراً.

كلماتكَ ليست مجرّد كلماتٍ يا أخي، اسمح لي أن أقول لك أخي، وسأذكرها لك وأنا أستشعر في خطابي لك معناها حين قالها سيدنا يوسف عليه السلام لأخيه بنيامين حين أحسَّ بالخوف فقال: “إِنِّىٓ أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ”

أحبُّ هذه الآية والتي أجد فيها حنان الأخ على أخيه وإسناده له، وكأنّ سيّدنا يوسف يقول لأخيه:

(أنا أخوك فلا بأس عليك ولا حزن ولا قلق، عليك أن تطمئن لأنني معك)، بعد كلمتك في الأمم المتحدة اليوم استطعت أن أشعر بمذاق ومعنى هذه الإخوة الإنسانية العظيمة، خفت كفلسطينية غزّية أن أموت قبل أن يستطيع زعيمٌ ما في هذه الأرض التي أفسدَ فيها الإنسانُ الظالم وسفك الدماء أن يقول كلمةَ حق أمام الولايات المتحدّة الأمريكية والتي يدفعُ شعبنا ثمنَ وقوفها بجانب الباطل يومياً دماً وجوعاً وقهراً ونزفاً.

كلماتك ليس مجرّد كلمات، إنّها شواهد من أجل التاريخ، هل أحزنُ لأنّ الله استبدل العرب من قول كلمة الحقّ بك، أم أفرح لأنّني اكتشفت أنّه استبدال عظيم يا سيدي غوستافو وأحمد الله عليه

تكلّم يا غوستافو فالعرب يخافون حتى من الكلام.

تكلّم يا غوستافو فنحن عطاشى إلى خطابٍ نشعر معه أنّه لا زال في هذا العالم مكان للحقّ.

تكلّم يا غوستافو فإنّك والله حجّة على الساكتين والخونة والمتخاذلين والمشاركين في إبادتنا.

تكلّم يا غوستافو فإنّك أخٌ لكل مقهور في غزّة، فقد نصرتنا حين عزّ النصير، وحين تخلّى عنا القريب والبعيد.

تكلّم يا أخي، فنحن نحبّكَ يا رجل.

ــــــــــــــــــــ

* المقصود في المقال هو الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو

شارك

مقالات ذات صلة