فنون
هناك مشهد في الفيلم العظيم “Hugo” للمخرج العظيم “مارتن سكوسيزي”، حيث يقوم “هيوغو كابري” وصديقته “إيزابيل” بالتسلّل إلى قاعة السينما لمشاهدة أحد الأفلام، دون أن يدفعا ثمن التذكرة. كان الفيلم على وشك نهايته، مع أهم مشاهده، وهو مشهد لرجل يتسلّق بناية شاهقة ويتعلّق بعقارب الساعة.
ذلك الفيلم هو “Safety Last!” أو “السلامة أخيرًا”، الذي أُنتِجَ في عام 1923، وذلك المشهد هو واحد من أشهر المشاهد الخطرة في تاريخ السينما، و”مارتن سكورسيزي” معجبٌ بالفيلم وبـ “مشهد الساعة” الشهير، وانعكس ذلك في البوستر الرسمي لفيلمه “Hugo”.
هذا الفيلم الصامت يُعدّ الأفضل والأشهر في مسيرة الفنان “هارولد لويد”، وبالتأكيد من أفضل الأفلام الكوميدية على الإطلاق، والذي يتصدّر قوائم معظم النقّاد والجماهير لأفضل الأفلام في التاريخ.
“هارولد لويد” هو من روّاد السينما الصامتة منذ نشأتها، بجانب زميليه “تشارلي شابلن” و”باستر كيتون”، ووقد بدأ مسيرته السينمائية في عام 1913، وكان حينها في سن الـ 20، بما يفوق الـ 100 فيلم كوميدي قصير، كما هو رائج في تلك الحقبة، حتى انطلق في عام 1922 بفيلمه الطويل الأول، وقد كانت بداية موفّقة له، واستمر بالعمل بنجاح على امتداد حقبة الأفلام الصامتة، ومع انطلاق الأفلام الناطقة لم يستطع “هارولد لويد” مواكبتها بالشكل المطلوب، ولم يوفّق في أفلامه الناطقة، حتى قرّر الاعتزال لاحقًا، وقد تم تكريمه بجائزة الأوسكار الفخرية عن مجمل أعماله في عام 1953.
تبدأ أحداث الفيلم مع الشاب “هارولد” الذي يترك حياة الريف ويتوجّه للعمل في المدينة الكبيرة، ويقطع وعدًا لخطيبته “ميلدريد” بالعودة والزواج بعد أن يكوّن ثروة تؤهّله لذلك. يتوظّف “هارولد” كرجل مبيعات في أحد المتاجر الضخمة، ويوهم خطيبته “ميلدريد” بأنه أصبح مديرًا مرموقًا، وتشك والدتها بالأمر، وتطلب منها أن تقوم بزيارة “هارولد” للتحقق من ذلك، ومن هنا تتفاقم الأحداث.
لقد أبدع “هارولد لويد” في أداء شخصيته، وهو من الممثلين القلّة، مثل “توم كروز” حاليًّا، الذين يمتلكون الجرأة والشجاعة للقيام بالمشاهد الخطرة بأنفسهم، دون الاستعانة بأشخاص مختصّين، وما فعله في “مشهد الساعة” كان إنجازًا مدهشًا، وأي خطأ كان يمكن أن يودي بحياته.
حين عرِض الفيلم في مسرح دار الأوبرا في ولاية مينيسوتا، أعلن مدير المسرح أنّه ستكون هناك مقاعد خاصة مزوّدة بالأحزمة للأشخاص المصابين بالهستيريا حفاظًا على سلامتهم أثناء مشاهدة “مشهد الساعة”، وسيكون الطبيب حاضرًا لأيّة حالة طارئة قد تحدث.
“ميلدريد ديفيس” قدّمت أداءً جميلًا أيضًا بشخصيتها، والجدير أنها تزوّجت “هارولد لويد” في أثناء تصوير الفيلم، وعاشا معًا بسعادة مع أبنائهما الثلاثة حتى وفاتها في عام 1969، وهو توفّي بعدها بعامٍ ونصف، وتحديدًا في عام 1971.
الفيلم من إخراج “فريد سي نيوماير” و”سام تايلور” الذي كتب النص السينمائي مع “هال روتش” و”تيم ويلن” بشكل مذهل ومشوّق بمزجهم للدراما والأكشن والإثارة، ولا أنسى المشاهد الكوميدية التي تعلَق في الذاكرة.
قامت شركة “كرايتيريون” المختصة بالأفلام النخبوية بترميم الفيلم وإصداره بأفضل جودة ممكنة على أسطوانات البلوراي، وقام الموسيقار “كارل ديفيس” بإعادة تسجيل الموسيقى التصويرية بنظام صوتي متقدّم كالأفلام الحديثة تمامًا، مما جعل مشاهدة الفيلم متعة حقيقية.