وتظهر استطلاعات الرأي تباينًا ضئيلًا بين المرشحين، مع قدرة الولايات المتأرجحة مثل بنسلفانيا وميشيغان وأريزونا على تحديد مصير الانتخابات. بالنسبة لهاريس، كانت المناظرة فرصة لترسيخ مكانتها كقائدة قادرة على توحيد أمة منقسمة. أما بالنسبة لترامب، فقد شكلت المناظرة فرصة لاستعادة سرديته وإثارة حماس قاعدته الانتخابية.
تناولت المناظرة مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك الاقتصاد والهجرة والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. على صعيد القضايا الداخلية، شددت هاريس على ضرورة إعادة بناء التحالفات الدولية ومعالجة القضايا النظامية مثل عدم المساواة العرقية وتغير المناخ. أما ترامب، فقد أعاد التأكيد على موقفه القائم على “أمريكا أولاً”، مجادلًا بأن سياسات إدارته السابقة قد جلبت الرخاء والأمن للبلاد.
فيما يتعلق بغزة، قالت هاريس إن فهم جذور الحرب الحالية يبدأ بالاعتراف بالأحداث المأساوية التي وقعت في 7 أكتوبر، عندما قامت حماس، وهي منظمة إرهابية، بقتل 1200 إسرائيلي بوحشية، بينهم شباب حضروا حفلة موسيقية ونساء تعرضن لاعتداءات شنيعة. كررت هاريس موقفها الثابت بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها. لكنها أكدت أن الطريقة التي تدافع بها إسرائيل عن نفسها مهمة، مشيرة إلى العدد الكبير من الأبرياء الفلسطينيين الذين قتلوا، بما فيهم الأطفال والأمهات.
رد ترامب مدعيًا أن الصراع الحالي لم يكن ليحدث لو كان هو الرئيس، واتهم هاريس بأنها تحمل كراهية عميقة تجاه إسرائيل واستشهد برفضها لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثناء خطابه الهام في الكونغرس كدليل على ازدرائها لإسرائيل. وحذر ترامب من أن إسرائيل لن تبقى لأكثر من عامين إذا أصبحت هاريس رئيسة، مؤكدًا أن سياساتها ستجلب كارثة للإسرائيليين والعرب والشرق الأوسط بشكل عام. كما قال إنها بطريقتها الخاصة، تكره أيضًا السكان العرب لأن سياساتها ستشعل فتيل الانفجار في المنطقة بأكملها.
سيسعى الآن كلا المرشحين إلى استثمار أدائهما في المناظرة لتعزيز حملاتهما الانتخابية خلال الأسابيع المقبلة. من المتوقع أن تواصل هاريس التركيز على رسالتها التي تدعو إلى الوحدة والقيادة الفعّالة، مستغلة أداءها في المناظرة كنقطة قوة لاستقطاب الناخبين المترددين، خاصة في الولايات المتأرجحة. وقد تسعى إلى تسليط المزيد من الضوء على مؤهلاتها في السياسة الخارجية، مقدمة نفسها كالقائدة الثابتة التي تحتاجها أمريكا للتعامل مع تعقيدات المشهد الدولي.
أما ترامب، فيواجه تحديًا مزدوجًا يتمثل في إعادة تنشيط قاعدته الانتخابية وكسب ثقة الناخبين المترددين الذين ربما أزعجهم سلوكه خلال المناظرة. من المرجح أن تتركز استراتيجيته على تنظيم مزيد من التجمعات الانتخابية والتواصل المباشر مع أنصاره، حيث يتمتع بقدرة أكبر على التحكم في سردية الأحداث مقارنة بأجواء المناظرة. من المتوقع أن يستمر ترامب في الترويج لأجندة “أمريكا أولاً”، وربما يضطر إلى تعديل نهجه للتعامل مع القضايا التي أثيرت أثناء المناظرة.