أكثر فيلم مظلوم ومهمّش للمخرج “ستيفن سبيلبيرغ”: The Terminal
فيلم “The Terminal” أو “محطة الطيران” الذي أُنتِج في عام 2004 هو أكثر فيلم مظلوم ومهمّش للمخرج “ستيفن سبيلبيرغ”، ولم يتم تقديره كما يجب من قبَل النقّاد وكذلك في الترشيحات والجوائز، إذ لم يترشّح الفيلم لأيّة جائزة أوسكار على الإطلاق، وبالنسبة لإقبال الجمهور الأمريكي للفيلم في دور السينما فلم يكن مُرضيًا أيضًا، بذكر ميزانية إنتاجه التي بلغت نحو 60 مليون دولار.
على الجانب الآخر نال الفيلم إعجاب الجمهور في بقية دول العالم وحقّق إيرادات عالية في شبّاك التذاكر العالمية، وتجاوزت إيراداته 219 مليون دولار، فبالتالي يُعتبَر الفيلم ناجحًا بشكل عام، ولكن ليس النجاح المعهود لأفلام المخرج “ستيفن سبيلبيرغ” السابقة.
الفيلم يمكن مقارنته بالفيلم الرائع “Cast Away” الذي هو أيضًا من بطولة “توم هانكس”، وأيضًا بحبكة مماثلة حول رجل عالقٍ في مكانٍ ما لظروف عصيبة ولا يستطيع الخروج منه، وبالنسبة إليّ استمتعت بهذا الفيلم أكثر من فيلم “Cast Away” الذي لا أنكر جودته، فهو من الأفلام المفضّلة لديّ بكل تأكيد، ولكن هناك سر في فيلمه اللاحق هذا، الذي يستحوذ على مشاعرنا منذ بدايته حتى نهايته.
الفيلم يحتوي على الكثير من الكوميديا السوداء واللحظات الرومانسية، ونحن كمشاهدين لا نشعر أبدًا أنه تم التحضير لها مسبقًا، فقد جاءت عفوية بشكل لا يُوصَف. الفيلم قائم بشكل كلّي على بطله الرئيسي، ويظل منسجمًا معه طوال الوقت.
البطل هو “فيكتور نافورسكي”، وقد وصل إلى مطار أمريكا في الوقت نفسه الذي انهارت فيه بلاده “كراكوزيا” بعد تعرضها لانقلاب من الثوّار، فبالتالي ليس لجواز سفره وتأشيرته أيّة قيمة. بلاده لا وجود لها بعد الآن في الخريطة، وهو لا يستطيع دخول أمريكا، ولا يستطيع أيضًا العودة إلى بلاده. يخبره مسئول الجمارك “فرانك ديكسون” أنه حُر في البقاء في المطار، ولكن من غير المسموح له أن تطأ قدماه الأرض الأمريكية.
قام الكاتب “أندرو نيكول” بكتابة القصة بشكل رائع ومشوّق، وقد شاركه في الكتابة زميله “ساشا غيرفاسي” الذي تولى كتابة النص السينمائي مع “جيف نيثانسون”. الموسيقار العملاق “جون وليامز” دائمًا ما يأسرنا بموسيقاه الرقيقة والعذبة، وقد أبدع في هذا الفيلم كالعادة. التصوير كان متقنًا وكذلك المونتاج وبقية الأمور الفنية والتقنية الأخرى، ولا أنسى طاقم الممثلين: “كاثرين زيتا جونز” بشخصية مضيّفة الطيران “أميليا وارن”، و”ستانلي توشي” بشخصية مسئول الجمارك “فرانك ديكسون”، و”زوي سالدانا” بشخصية الموظفة “دولوريس تورس”، و”دييغو لونا” بشخصية الموظف “إنريك كروز”، و”كومار بالانا” بشخصية عامل التنظيف “غوبتا راجان”، الذين قدموا أداءً رائعًا.
“توم هانكس” قام في هذا الفيلم بفعل شيء حاول فعله العديد من الممثلين ولكنهم فشلوا، فقد أدى شخصيته كاملة باستخدام لكنة بدرجات متفاوتة، حيث تتحسن لغته الإنجليزية بشكل تدريجي مع مرور الأحداث، ولا يبدو الأمر أبدًا. أنه يريد إضحاك المشاهدين باستخدام لكنته المضحكة كأسلوب تحايل. أجل، إنه يضحكنا بالفعل، ويكمن السبب في تمثيله المتقن والعفوي، وكأنّ الكوميديا هي آخر ما يريد إيصاله لنا. هذا الأمر صعب جدًّا، وقد فعل الشيء نفسه بشخصية “فورست غامب”.
النص السينمائي يتجنّب العديد من المنعطفات التي قد تقوده إلى أحداث مصطنعة، أو حدث رئيسي متصاعد بشكل مبالغ فيه، فالفيلم لا يملك حبكة. إنه يروي قصة، ونحن نريد أن نعرف ما سيحدث لاحقًا بكل اهتمام وتركيز.
من المؤسف أن هذا الفيلم لم يحظَ بالاهتمام اللائق، فهو من أجمل أفلام “ستيفن سبيلبيرغ”، ومن أجمل الأفلام على الإطلاق، ويستحق التقدير.