فنون

الإثارة والغموض داخل أروقة المحكمة: Witness For The Prosecution

يوليو 13, 2024

الإثارة والغموض داخل أروقة المحكمة: Witness For The Prosecution

 

فيلم “شاهدة إثبات” هو أجمل فيلم شاهدته للكاتب والمخرج الكبير “بيلي وايلدر”. هذا الفيلم وفيلم “12 Angry Men” اللذين تم إنتاجهما في نفس العام، وتحديدًا في عام 1957، هما أجمل فيلمين غير ملوّنين شاهدتهما في حياتي.

 

قصة الفيلم مقتبسة من مسرحية شهيرة تحمل نفس الاسم، للكاتبة العملاقة “أغاثا كريستي”، والتي كانت أساسًا قصة قصيرة نشرتها في عام 1925 بعنوان “أيدي الخائن”، وقد قام “بيلي وايلدر” بكتابة النص السينمائي مع زميليه “هاري كورنيتز” و”لورانس بي ماركوس” بشكل رائع ومُحكَم جدًّا.

 

يبدأ الفيلم مع المحامي البريطاني المُحنّك السيد “ويلفريد روبارتس” الذي تعافى من أزمة قلبية حادة، ويأمره الأطباء بالامتناع عن الشراب والتدخين، والعمل فقط في قضايا الجنح والمخالفات البسيطة.

 

السيد “ويلفريد” لا يستطيع الالتزام بذلك، فهو مهووس بالقضايا الجنائية، وبالأخص القضايا الغامضة والصعبة منها، وينجذب نحو إحداها رغم التحذيرات الشديدة من الأطباء وممرّضته الخاصة الآنسة “بليمسول”، حيث أن الشاب الأمريكي “ليونارد فول” متّهم بقتل الأرملة الثرية الفرنسية “إميلي جين فرينتش”.

 

يعتمد المحامي السيد “ويلفريد” على شهادة زوجة المتّهم الألمانية “كريستين فول” كشاهدة نفي وحيدة لتثبت مكان زوجها وقت ارتكاب الجريمة، ولكن النيابة تعترض على شهادة الزوجة، كما أنها لا توافق على الشهادة. تحدث المفاجأة حين توافق النيابة و”كريستين” كذلك على الشهادة، ولكن ليس كشاهدة نفي، بل كـ “شاهدة إثبات”، وهذا ما يُشعِر السيد “ويلفريد” أنّ هناك أشياء غامضة تُحاك ضد موكّله المتهم “ليونارد”.

 

الفنان الكبير “تشارلز لوتون” قدّم واحداً من أروع الأدوار في تاريخ السينما من خلال شخصية السيد “ويلفريد”، فقد تقمّص الشخصية بشكل مدهش. بقية النجوم: “تايرون باور” بشخصية “ليونارد فول”، و”مارلين ديتريتش” بشخصية “كريستين فول”، و”جون وليامز” بشخصية “بروغن مور”، و”إلسا لانشيستر” بشخصية الممرضة الآنسة “بليمسول” أبدعوا في أداء أدوارهم، والجدير بالذكر أنّ “إلسا لانشيستر” هي في الواقع زوجة “تشارلز لوتون”، ومَشاهدهما معًا في الفيلم كانت رائعة وظريفة جدًّا.

 

حين عُرِض الفيلم لأول مرة في السينمات الأمريكية والبريطانية، تم توزيع أوراق على الجمهور وطُلِب منهم التوقيع عليها، وقد كُتِب فيها: “أقسم بشدّة أنني لن أكشف نهاية فيلم Witness For The Prosecution”. بالإضافة إلى ذلك تمّت إضافة هذا التنبيه في تتر نهاية الفيلم بصياغة مختلفة: “توصي إدارة السينما من أجل تجربة ترفيهية أفضل لأصدقائك الذين لم يشاهدوا الفيلم بعدم كشف سر النهاية الفيلم لأي شخص”.

 

ويرجع هذا القرار إلى أنّ “بيلي وايلدر” وزميليه الكاتبين “هاري كورنيتز” و”لورانس بي ماركوس” قاما بتغيير النهاية الأصلية التي عرفها الجميع من المسرحية منذ عرضها لأول مرة في عام 1953 في مسارح بريطانيا ثم أمريكا بشكل متواصل حتى عام 1956، بإجمالي 654 عرضًا، بحضور غفير من الجماهير، وآراء نقدية إيجابية وجوائز مرموقة.

 

الكاتبة “أغاثا كريستي” صرّحت بأنّ هذا الفيلم هو الفيلم الوحيد الذي نال إعجابها من بين الأعمال المقتبسة من قصصها، ولاحقًا في عام 1974 أيضًا أبدت إعجابها بفيلم “Murder On The Orient Express” المقتبس من روايتها، وكان ذلك آخر فيلم شاهدته مقتبس من قصصها، فقد توفّيت بعدها بعامين، وتحديدًا في عام 1976، عن عمر 85 عامًا، ومنذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا لا تزال الاقتباسات السينمائية والتلفزيونية لأعمالها مستمرة وبنجاح.

 

ترشّح هذا الفيلم لنيل 6 جوائز أوسكار لأفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل ممثل “تشارلز لوتون” وأفضل ممثلة مساعدة “إلسا لانشيستر” وأفضل مونتاج وأفضل تحرير صوتي.

شارك