تجارب
عندما يعجبني كتاب أعرضه في مقال، وعندما أهتم بكاتب أعيش بين كتبه، وأحكي عنه بين الأصدقاء، وأقتبس من عباراته على وسائل التواصل الاجتماعي، ولو رحل عنا أعيد ذكره وأترحم عليه، ولو على قيد الحياة فهو يستحق أن نقول له شكرًا بصوت مرتفع؛ أمر رسول الله صلى الله وعليه وسلم بمكافأة من صنع إلينا معروفًا فقال: “مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ”. ومن أجمل هدايا الكاتب تقديم خلاصة بحثه ونظراته في الدنيا وتأملاته في العلوم، ويستحق أن نشكره وندعو له، فخير الحب ما اقترن بالدعاء كما يقول الطناحي رحمه الله.
مؤخرًا توسَّع مفهومي لشكر المؤلفين إلى البحث عن كتبهم غير المرفوعة على الإنترنت، وأحيانًا بعد التصوير أكتشف أنّها كانت مصورة بالفعل في موقع في زاوية على الإنترنت، ثمّ أقول: “معلش، زيادة الخير خيرين”. وعلى مدار عام رفعت ما يقارب من ثلاثمئة كتاب على الإنترنت، إيمانًا بمفهوم المصادر المفتوحة، خصوصًا مع دور النشر التي أغلقت والكتب التي مَرَّ عليها كثير من السنوات.
سألني صديقي: “لماذا ترفع كتبًا قديمة لم يسبق رفعها على الإنترنت؟”، وكان جوابي أنّني استخدمت الكتب الإلكترونية كثيرًا، وأنا مَدين لها، خصوصًا مع تنقلي وحاجتي إلى العودة إلى المراجع، ومؤخرًا شعرت بأنّ كتبًا صدرت قديمًا يحتاج إليها القراء، وقد تلتفت إليها دُور النشر الجديدة وتُعيد طباعتها.
في بعض الكتب أحصل على موافقة المؤلف بنفسه، مثل موافقة السيدة صافي ناز كاظم على تصوير كتبها، تحية لقلمها الصادق المميز، مثل كتابها عن “السجن والحرية وصورة صدام”، لذلك ربطت بين القرصنة والطيبة في دلالة على احترام حقوق النشر وسوق الكتاب العربي الذي يعاني من ضعف البيع والشراء.
وكذلك استأذنت المؤرخ خالد فهمي، مؤلف كتاب “كل رجال الباشا”، في توفير الفصل الخاص بحرب يونيو 1967، كتابة المؤرخ خالد فهمي، وهو فصل مطول من كتاب “في تشريح الهزيمة حرب يونيو 1967 بعد خمسين عاما“، تحرير خالد منصور. والفصل خمسون صفحة من الكتابة المتقنة لتفاصيل وملابسات هزيمة 67، وأهم ما فيها توضيح السرديات التاريخية التي ارتبطت بالنكسة، والتشكيك في روايات بوق عبد الناصر، الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، وتقديم رؤية نقدية لهذه الفترة الحساسة من تاريخ مصر، وذكر تفاصيل الخلاف بين عبد الناصر وعبد الحكيم عامر. كتابة متقنة وتأريخ محترف.
صورت الأعمال الكاملة للمازني التي حققها د. عبد السلام حيدر، وتعثرت في الحصول على المجلد الرابع، فساعدني القراء على الإنترنت بتصويره واكتملت المجموعة من خمسة مجلدات وأصبحت متوفرة. وكذلك صوَّر لي أفاضل عدة كتب لزكي مبارك، وقدمت التحية للكاتب فتحي رضوان في رفع عديد من كتبه وتصويرها، ومن أهمها “دور العمائم في تاريخ مصر الحديث” وكتابه “أفكار الكبار”، وكتابه“مشهورون منسيون”.
كمال النجمي الفنان
أرسلت تحية إلى الكاتب المميز كمال النجمي عندما صورت كتابه “القلم والأسلاك الشائكة” على الإنترنت، وعلَّق الروائي أيمن العتوم على نشري للكتاب بقوله: “قرأتُه بعد أن نشرتَ عنه هنا، فوجدتُه ممتِعًا سَلِسًا يذوب كالشهد، وتعجّبتُ من بعض أخباره وأسراره مثلما روى عن العقّاد وزكي مبارك، وتعرّفتُ من خلاله على شخصيات جديدة مثل الشاعرة جليلة رضا… كتاب يفيض عذوبة وشجنًا… شكرًا يا محمّد على هذه الإفادة القيّمة…”.
نشرت كذلك كتابه عن قارئ القرآن مصطفى إسماعيل وحياته مع القرآن الكريم، وعديد من كتبه الأخرى، وسعدت باكتشاف عالم هذا الكاتب الجميل. ونشرت ذات مرة مقالة بعنوان “كمال النجمي والثغور” التي تتساقط للأستاذ محمود محمد الطناحي، وعلّق الأستاذ مصطفى محمود أبو السعود على نشري كتب كمال النجمي بقوله: حثّ الدكتور الطناحي أبناء كمال النجمي عقب وفاته -رحمه الله- على جمع إرث أبيهم سواء كانت مقالات أو كتيبات لعظمة ما فيه ودقّته. وقد عرض له -رحمه الله- في مقالة باذخة الجمال رائعته في جمهرة مقالاته. يستحق أن تبحثوا عنه وتتمتعوا بمراجعة الطناحي لتراث كمال النجمي. وقد دعا الأستاذ الطناحي لصدور الأعمال الكاملة للنجمي.
يقول محمود الطناحي: لقد كتب النجمي كثيرًا، وحلل كثيرًا، وسجَّل تاريخًا عزيزًا، ومن أبرز ما شهده وسجَّله بقلمه البديع: ذلك اليوم المشؤوم الحزين الذي احتبس فيه صوت الشيخ محمد رفعت وسط مستمعيه يوم الجمعة بمسجد مصطفى فاضل باشا بدرب الجماميز (بور سعيد الآن)، وما أحسب أنّ أحدًا سجّل هذا اليوم الأسود غير كمال النجمي. وقد نشر كمال النجمي هذا المشهد يوم توقف صوت الشيخ محمد رفعت، في كتابه الذي صوَّرته بعنوان “الغناء المصري“.
زكي مبارك وثرثرة مطرب غير محترف
كمال النجمي له تعليقات جميلة على كتابة زكي مبارك، يقول عن ديوانه: “هذا الديوان الذي أقول -بلا مبالغة- إنّه يمتع قارئه بثرثرةٍ فريدة في نوعها.. آية في خفة الظل وبشاشة الوجه”. ثم يكمل النجمي تفسير كتابة زكي مبارك، ويقول: “وتبدو استطرادات زكي مبارك وأقاصيصه كلون من الكتابة ذي طابع خاص، فهو ليس كتابة علمية ولا أدبية، بل ثرثرة مرسلة راقصة، أساسها خفة ظل الصياغة. لقد كان زكي مبارك ثرثارًا فصيحًا، لا ثرثارًا مهذارًا جاهلًا بأصول الكتابة، ولهذا ترتفع ثرثرته الى مستوى الفن الجميل، ويمكن أن يقال إنّ زكي مبارك في عصره كان أستاذ فن الثرثرة.. وكان يمارس فنه هذا بلا افتعال، في كتبه الأدبية ودواوينه الشعرية وكتاباته الصحفية.
ولولا الثرثرة لما بلغ عدد صفحات ديوانه وألحان الخلود أربعمئة صفحة، فقد انساق وراء المقدمات النثرية، فكتب لمعظم قصائده مقدمات طويلة، طار فيها شرقًا وغربًا، وانطلق يثرثر عن كلّ شيء حتى يتعب، فيتوقف عن الثرثرة النثرية ليبدأ الثرثرة الشعرية.
والفرق بين ثرثرته ناثرًا، وثرثرته شاعرًا، فرق كبير جدًّا.. فهو كاتب بارع الأداء لذيذ التعبير، ولكنّه شاعر يحاول الشعر ولا يكاد يقيم بيتًا جيدًا متينًا وسط حشد الأبيات الواهنة التي يقيمها بسرعة وإسراف وقلة مبالاة، مرغيًا فيها ومزبدًا كما يشاء.. ولكنه مع ذلك تأخذه “الجلالة” في ثرثرته فيسمى نفسه “ملك الشعراء”، ويتحدى جميع الشعراء أن يأتوا ببيتٍ واحد كأبياته التي يعتبرها من المعجزات، ثم يمعن في الثرثرة فيزعم لقرائه أنّ له صوتًا جميلًا لو غنّى به واحترف الغناء لبزَّ الأولين والآخرين من كبار المطربين”. من كتاب الغناء المصري لكمال النجمي.
قنطرة الذي كفر
صورت كذلك على “القرصان الطيب” كتاب “المملكة المستحيلة فرنسا وتكوين العالم العربي الحديث”، للمؤرخ هنري لورنس، الذي انتهى من الأسواق بسبب إغلاق دار سينا للنشر، ترجمة بشير السباعي. مشاعري ناحية بشير السباعي مرتبكة، فهو مترجم قدير أتعلَّم منه، لكن لا أنسى له حديثي معه ودعوته في الهاتف لحضور مؤتمر في الترجمة في الدوحة، فقد رفض بغضب وأخذ يُكيل الاتهامات جزافًا للجهة المنظمة. لعلّ مواقفه الأيديولوجية جعلته يتسرع في الحكم.
ورفعت كذلك كتاب هنري لورنس “كليبر في مصر.. المواجهة الدرامية مع بونابرت“، من إصدار دار شرقيات التي أغلقت كذلك ولم تعُد متوفرة في الأسواق. كلّما تذكرت الحملة الفرنسية تذكرت تحريف المصريين نطق اسم قنطرة على الخليج كانت على اسم القائد الفرنسي “كفاريللي” إلى “قنطرة اللي كفر”.
مذكرات الفنانين
رفعت على الإنترنت كذلك مذكرات المسرحي زكي طليمات بعنوان “ذكريات ووجوه”، التي تحدّث فيها عن ذكرياته مع محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ونجيب الريحاني وعلي الكسار والشاعر خليل مطران وغيرهم من الذين عاصرهم. يقول زكي طليمات عن نجيب الريحاني: “ثم أحببت نجيب الريحاني بعد كُره، وصافيته بعد عداء، وصرت أحرص على أن ألقاه كما أحرص على مطالعة كتاب شيق بحوادثه وساحر بأسلوبه… وفي الحقّ أنّ كلّ إنسان بطبعه وبسلوكه يؤلف كتابًا… ولكن ما أكثر التافه من هذه الكتب، وما أقل الطريف فيها!!”. وقد افتتح زكي طليمات مذكراته بعبارةٍ طريفة: “مهما كان الماضي قاسيًا ومظلمًا، فإنّه مع ذلك يُمتِع ويُطرِب إذا ما تحوّل إلى ذكريات… إنّه يصبح قصيدة رائعة من الشعر المشرق الآسر”.
أصارحكم بأنّ لديّ غواية القراءة في مذكرات الممثلين والفنانين، مثل مذكرات يوسف وهبي. ورفعتُ كذلك مذكرات الممثل عماد حمدي، وكتابًا كتبه السيناريست يوسف معاطي عن الفنانين بعنوان “نجوم في عز الظهر”، وصورت مذكرات فنانة المسرح فاطمة رشدي “بين الحب والفن”، ورفعت كذلك كتابًا لصحفي اسمه فوميل لبيب بعنوان “نجوم عرفتهم”، وكتبت مقالة منذ مدة عن مذكرات الممثل ماثيو بيري وما عاشه من معاناة مع الإدمان والكحول. وفّرتُ كذلك كتاب “شخصيات” لمحمود عوض، الذي يحوي حكايات عن الفنانين. وسبب اهتمامي بمذكرات الفنانين أنّهم يعيشون حياة عريضة من التمثيل والأسفار والزواجات والعلاقات مع رجال الأعمال والمال، ويجربون أنماطًا لا تتوفر لعامة الناس، فهُم يعيشون حياة صاخبة.
كذلك وفّرتُ كتب مؤرخ الثقافة القدير علي شلش، مثل دراسته عن المنفلوطي، ويتناول مقالات المنفلوطي السياسية ويستعرض الوجه السياسي لهذا الأديب. وأعجبتني كتب عديدة لعبد المنعم شميس، مثل كتابه “شخصيات مصرية”، وهو كتاب طريف عن شخصيات مصرية وأدبية مثل المازني وكيف حسد العقاد على بدلته، ونتف من أخبار الشاعر محمود أبو الوفا، وقصص عن حافظ إبراهيم ومحجوب ثابت وبُخل الزيات وأحمد أمين، وحكايات عن الدكتور أحمد زكي مؤسِّس مجلة “العربي”، وغيرهم من صعاليك الأدب العظام مثل عبد الحميد دياب ومحمد مصطفى حمام وإمام العبد مُرافِق الشاعر حافظ إبراهيم، وهي نتف لخصها بقوله: “رأيت، وما أكثر ما رأيت في القاهرة، هل تسمح لي أن أحكي لك بعض ما شاهدت ورأيت؟ هذا حديثي عن القاهرة. ما أجمل هذه الصفقة، فقد كان الأدب والفن غلالة حريرية رقيقة شفافة تلف المدينة”.
كذلك وفّرت على هذه المجموعة على الإنترنت دراسة لمصطفى بيومي عن “الفكاهة عند نجيب محفوظ”، وتذكرت حينها رواية “بين القصرين” حين تزور سلطانة متجر السيد أحمد عبد الجواد ويهديها من البضاعة ويسأل حمزاوي عامل الدكان كيف يمكن أن يسدد هذا الحساب، فألقى السيد أحمد على وكيله نظرة باسمة، وقال: “اكتب مكان الأرقام: بضاعة أتلفها الهوى”، ثم غمغم وهو يمضي إلى مكتبه: “الله جميل يحب الجمال”.
يقول الناقد مصطفى بيومي: “ثمة قانون ينبغي أن نرصده في الفكاهة عند نجيب محفوظ، وهو أنّ الضحك من سمات الشخصية المصرية. وبهذا القانون يمكننا أن نفهم ونتأمل عن وعي ما يقوله نجيب محفوظ واصفًا زهير كامل: {ولعله المصري «الوحيد» من معارفي الذي لم أسمعه يمزح أو ينكت قَطّ}. إنّ الذي لا يمزح ولا ينكت هو الاستثناء”.
يستهويني نوع الكتب التي تقدم سيرة ذاتية عبر علاقة الكاتب مع شخصيات وأعلام عصره ومن تعرَّف عليهم وتأثر بهم وتعامل معهم، مثل كتاب “رواد” لنعمان عاشور، إذ يحكي فيه نعمان قصة حياته عبر علاقاته مع الأدباء والشعراء والفنانين. كتاب يتحدّث عن الرواد: العقاد والمازني وطه حسين، بمواقف ذاتية كتبها نعمان عاشور عن هؤلاء الأدباء وقصصه معهم بأسلوبٍ ممتع، وتحدّث عن الشعراء مثل محمود حسن إسماعيل وإبراهيم ناجي وصلاح عبد الصبور ونجيب سرور، والفنانين مثل نجيب الريحاني وجورج أبيض وبيرم التونسي وزكريا الحجاوي.
تذكرت كذلك رفعي لكتاب لحسين أمين حينما حصلت من الناشر دار سعاد الصباح على صورة شرعية لكتابه بعنوان “رسائل تحت الماء”، والكتاب صدر عام 1992 ويحتوي على مقالات حسين أمين، وهو شقيق جلال أمين، وهما أبنا الكاتب المصري أحمد أمين. ولجلال وحسين رسائل جميلة منشورة في دار الكرمة، ولهذه العائلة سير كثيرة من الأب إلى الأبناء.
المهم، كتاب حسين يحتوي على مقالاته وبعض سخرياته الصغيرة، منها قوله:
الأذواق: الأمور الوحيدة غير القابلة للمناقشة.
الاستماع: ما من أحدٍ مستعد له إلا إن كان واثقًا بأنّ دوره في الكلام آتٍ.
الاستماع ليس عكس الكلام، وإنّما عكس الكلام الانتظار.
الرغبة: هي عند الرجال في النساء، وعند النساء في رغبة الرجال.
وعن المرأة: كائن إن تنازلت له عن شبر جاء بسيارته ليوقفها فيه.
أمّا المرآة: فهي عند المرأة بمثابة الضمير، تنظر فيها قبل الشروع في أيّ أمرٍ هام.
رئيس التحرير: صحفي يفصل بين الغث والسمين، ثم ينشر الغث.
الصحفيون: أناس عاجزون عن التفرقة بين حادث دراجة، وانهيار حضارة.
الصحف: كل أخبارها صادقة، إلا تلك التي صادف أن عرفناها بأنفسنا.
الدبلوماسية: فن تملق الكلب إلى حين عثورك على حجر.
كنت أقرأ في مقالة عن رسائل الشاعر ت.س. إليوت وقصة زواجه الأول. يقول الكاتب ماهر شفيق فريد إنّ إليوت انتقل إلى لندن وتزوّج على عَجَل، ثم علّق بالقول المأثور: “تزوج على عَجَل، وندم على مَهَل!”. ذكّرني ذلك بكلمة قرأتها قديمًا لحسين أمين في كتابه “رسائل تحت الماء” في قوله عن الزواج: “هو وجبة تقدَّم فيها الحلوى في بدايتها”.
أما عن رفعي لكتب الناقد ماهر شفيق فريد فهذه قصة أخرى تستحق مقالة بمفردها. وكذلك نشرت كتابًا بعنوان “12 قصة قصيرة لماركيز”، بسبب ذكريات صديقي الصحفي محمد طلبة رضوان مع هذه المجموعة التي حكى لي عنها، فقد دفعه لحكاية قصته معها بقوله: “هذه المجموعة {العجيبة} فعلًا هي أول ما قرأت لماركيز، وهي في رأيي أفضل مجموعاته، كما أنّها الأفضل على الإطلاق في ترجماته إلى العربية. ليت المترجم الرائع محمد أبو العطا تفرّغ لماركيز، لكان لهما شأن آخر مع القارئ العربي. أخذت هذه المجموعة من صديق، وكعادتي الساذجة، أعدتها إليه، ثم شرعت في قراءة ماركيز بترجمات مختلفة، فإذا بي أحتاج بين الحين والآخر إلى العودة إلى “الحالة” التي أخذتني إليها هذه المجموعة الساحرة. جربت أن أقرأها بترجمة صالح علماني وأعجبتني، لكنّها ليست كترجمة أبو العطا. بحثت عن هذه المجموعة من منشورات دار سعاد الصباح ولم أجدها، لا ورقية ولا إلكترونية، بل لم أجد حتى صورة الغلاف في أيّ موقع. وفقدتُ الأمل، وبالصدفة حكيت الحكاية لعفريت الكتب النادرة محمد عبد العزيز فقال لي: بسيطة. ورفع تليفونه واتصل بواحد من أصدقائه المهمين وقال اسم المجموعة.. وبعد عشر دقائق أرسلها إليَّ على واتساب. أنا في الحقيقة لي ذكريات حلوة مع إصدارات كثيرة من سعاد الصباح، منها مثلًا أنّني لم أستطِع قراءة أحمد عبد المعطي حجازي من نسخة غير نسخة سعاد الصباح، لا الهيئة ولا العودة، وأتمنى أن يتيحوا إصداراتهم المهمة بأيّ وسيلة، كما أتمنى وأحرّض عشاق ماركيز على قراءة هذه المجموعة بهذه الترجمة البديعة”. انتهى حديث الأستاذ طلبة رضوان.
رفعت كذلك كتاب “الحائط الحديدي للمؤرخ” آفي شلايم، ووضعت كتاب “كامل الشناوي: سيرة حياة شاعر، آخر ظرفاء ذلك الزمان”، وعندما نشرت غلافه تذكر أحد الأصدقاء أنّ هذا الكتاب كان لدى أمه التي رحلت رحمها الله. وعثرت على كتاب “ساعات” لكامل الشناوي، ومنه قرأت هذه العبارة الجميلة: “كلما ضاع منّي صديق بكيت عليه كما لو كان قد فارق الحياة، ودفنته في قلبي! وضعت اليوم يدي على صدري فخُيّل إلي أنّه مقبرة تضم مئات من الأضرحة”.
أخيرًا، تصفحوا هذه الكتب وغيرها على قناة “القرصان الطيب” على الإنترنت لتعيشوا مع هؤلاء المؤلفين، فيها كتب قيمة، وحكايات وسير ذاتية، ونقد أدبي.