آراء

بلطجة ترامب عجز أوروبا شلل الأمم المتحدة وهوان العرب!

يونيو 22, 2025

بلطجة ترامب عجز أوروبا شلل الأمم المتحدة وهوان العرب!

برغم إطلاق يده يتصرف باعتباره فوق القانون، ومع إمداده بكل ما يحتاج إليه من أسلحة وذخائر وغطاء سياسي ودعم اقتصادي، لم يستطع الكيان المحتل بعد ما يقارب العامين القضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، كما لم ينجح سلاح القتل والتجويع والتعطيش والمنع من العلاج في تركيع الشعب الفلسطيني المحاصر في القطاع، ولا يبدو هذا الكيان الاستيطاني الاستعماري قادرًا على تحقيق أهدافه التي أعلنها من حربه الوحشية رغم قدرته الهائلة على ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية تجاه شعب ومقاومة يفوقان في الصمود والشجاعة والفداء حدود طاقة البشر، في كل ما سجله التاريخ الإنساني.

 

ورغم أن حرب الكيان المحتل على إيران لم يمضي عليها سوى ١٠ أيام، ومع الاعتراف بتفوقه المعتاد في القتل والتدمير، إلا أنه لا يبدو قادرًا على نصر يحقق أهدافه البعيدة من تلك الحرب أيضًا، إذ أن هذه المعركة، طال أمدها أو قصر، ظلت عند حدود قواعد الاشتباك الجارية أو تطورت إلى حرب مفتوحة وصراع إقليمي، لن تنتهي -في هذه الجولة على الأقل- بالتخلص من النظام الإيراني أو استسلامه وتركيعه، وسيتوقف القتال في النهاية وفق تسوية سياسية تؤخر الصعود والتسلح الإيراني في الداخل والدور المتصاعد والمؤثر في الإقليم، لكن لا تنهيهما، وفي المقابل توفر تلك التسوية المخرج للكيان من مستنقع الحرب واستباحة جبهته الداخلية، دون أن يتعرض لهزيمة واضحة أو يتعرض لعقاب مفترض.

 

والواضح أنه رغم الدعم اللامحدود من أمريكا وبعض الدول الأوروبية، والتواطؤ أو الصمت من معظم دول العالم، والاكتفاء من بقية الدول بالمواقف الرمزية أو الكلمات التي لا تنقذ طفلًا أو تنصر مظلومًا أو تطعم جائعًا أو تعالج مصابًا، فإن الواقع اليوم يؤكد أن الكيان المحتل يعرف كيف يبدأ الحروب لكنه لا يعرف كيف ينهيها، وأنه في حاجة دائمة إلى أمريكا لتنقذه من ورطته ليس فقط بالدعم العسكري المباشر الذي لا يستطيع الاستغناء عنه، ولكن أيضًا بطرح صيغ لإنهاء الحرب سواء بذاته أو عبر حلفائه، بعد منحهم الضوء الأخضر ومحددات التسوية المطلوبة.

 

هذه الصيغ التي تطرحها الإدارة الأمريكية اليوم تجاه حقوق فلسطين والمنطقة العربية وإيران إنما تكشف حجم الوقاحة في التعامل مع القانون الدولي، والاستهانة بحلفائها الأوروبيين وقبلهم العرب طبعًا، واحتقار النظام الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها، بحيث يتعامل ترامب باعتباره الحاكم المتحكم في مستقبل المنطقة والذي يطلق يد الكيان المحتل ويقدم له كل ما يحتاج إليه، وما يعجز عنه، لينفذ ما وصفه المستشار الألماني الجديد بـ “العمل القذر نيابة عن الغرب بأكمله”، وهي المقولة التي رددها مندوب الكيان المحتل أمام مجلس الأمن التابع، أو المهيمن حقيقية على الأمم المتحدة، مع توسيع الدائرة، حين قال: “إسرائيل تقوم بالعمل القذر نيابة عن العالم”.

 

وإذا كان الحال كذلك من قبل إدارة ترامب التي توافقها بعض دول المنطقة وتخشى معارضتها البعض الآخر، فإن حال الاتحاد الأوروبي مجتمعًا، ودوله الكبرى منفردة، قد بلغ من العجز عن القيام بدور فاعل في قضايا السلم والأمن الدولي، أو الدفاع عن أسس النظام العالمي وقواعد القانون الدولي، حدًا من الضعف وعدم القدرة على اتخاذ مواقف خارج الفلك الأمريكي حتى لو دفاعًا عن مصالحها الحيوية المباشرة، وإن لم يمنع ذلك بعض الدول الأوروبية على اتخاذ بعض القرارات والمواقف المبدئية، والتي وإن تفوقت في انحيازها للحقوق الفلسطينية عن معظم الدول العربية، تبقى غير حاسمة، وضعيفة الأثر على أرض الواقع، وهي المواقف التي يرجح أن تتخذ مثلها ذات الدول تجاه الحرب على إيران إذا طال أمدها وتحرك الشارع الأوروبي رافضًا لها.

 

الأمم المتحدة من جانبها باتت مشلولة عن القيام بواجباتها المنصوص عليها في ميثاقها تجاه صراعات المنطقة والإقليم، وذلك بفعل الڤيتو المتحكم في قرارات مجلس الأمن المسئول وحده عن التفويض تحت الفصل السابع باستخدام القوة المسلحة لردع العدوان ومحاسبة المعتدين، وهو التفويض الذي يمنح فقط عند توافق الدول الخمس دائمة العضوية والتي لكل منها القدرة على منع أي قرار، حتى لو كان العالم كله يطالب به، إذا كانت هي ترفضه، وهو الأمر الذي يستوجب الآن، بالتوازي مع كل ما يجب القيام به من أدوار عاجلة، تنظيم الجهود وتصاعد المطالبة وتجميع كل أصحاب المصلحة في الإصلاح الشامل لمجلس الأمن الدولي الذي تعطي الدول الكبرى الحق لنفسها في تجاوزه متى اصطدمت مصالحها بإجماع دوله الخمس التي تملك الڤيتو، بينما تستخدمه في عقاب الدول الضعيفة متى اتفقت على ذلك.

 

أما العرب في مجموعهم، وباستثناء أشرف من فيهم ممن يقاومون دفاعًا عن حقوقهم ووجودهم، والقلة القليلة ممن حقًا يناصرونهم، فقد بلغ بهم الهوان، بسبب خوفهم لا ضعفهم، مبلغًا جعلهم كمن ينتظرون دورهم في فصول المؤامرة الجارية على كامل المنطقة دون اتعاظ من دروس التاريخ، أو رغبة في البقاء على أرضهم وهم يملكون بعضًا من زمام أمرهم ويحتفظون بشيء من عزهم ومجدهم الذي كان، والذي يؤمن فقط من يقاومون -بكل أشكال المقاومة- بأنه يومًا سيعود.

شارك

مقالات ذات صلة