فكر

عن استخدام الشتات السوري لمصلحة سوريا

مارس 14, 2025

عن استخدام الشتات السوري لمصلحة سوريا

أحمد الحميدان

 

استخدام الشتات السوري كقوة استراتيجية يتطلب نهجًا متكاملًا يجمع بين الاقتصاد، القانون الدولي، والدبلوماسية، بحيث يتحول ملف اللاجئين والكفاءات السورية المنتشرة في الخارج إلى فرصة لتعزيز التنمية وإعادة بناء الدولة بدلًا من اعتباره أزمة يجب حلها بالقوة أو التهديد.

إعادة الكفاءات السورية يمكن أن تكون ركيزة أساسية لإعادة إعمار البلد إذا تم توفير بيئة استثمارية مناسبة، تشمل حوافز اقتصادية وإعفاءات ضريبية، إضافة إلى تقديم تسهيلات قانونية تضمن عودتهم واستقرارهم. إنشاء شراكات مع الجامعات والمؤسسات البحثية الدولية يساهم في نقل التكنولوجيا والخبرات إلى الداخل، مما يعزز قطاعي التعليم والصناعة ويدعم الاقتصاد الوطني.

دبلوماسيًا، يمكن لسوريا أن تستخدم ملف عودة اللاجئين كأداة تفاوضية مع الاتحاد الأوروبي والدول العربية، بحيث يتم ربط تسهيل العودة الطوعية بدعم مالي وتقني يساهم في إعادة الإعمار، وتخفيف العقوبات الاقتصادية التي تعيق التنمية. من جهة أخرى، يمكن توجيه الجاليات السورية في الخارج لممارسة الضغط السياسي على الحكومات الأجنبية لصالح سوريا، سواء من خلال التصويت في الانتخابات أو عبر جماعات الضغط والمناصرة الإعلامية.

اقتصاديًا، تحويلات المغتربين السوريين تشكل مصدرًا هامًا للعملة الصعبة، ويمكن مضاعفة تأثيرها عبر إصلاحات مصرفية تضمن تسهيل التحويلات المالية وتشجع المغتربين على الاستثمار داخل سوريا. كما أن تقديم مزايا استثمارية لرجال الأعمال السوريين في الخارج، مثل إنشاء مناطق اقتصادية خاصة ومنحهم إعفاءات ضريبية، سيساهم في تعزيز الإنتاج المحلي وخلق فرص عمل، مما يدعم الاستقرار الداخلي ويخفف من تداعيات الأزمة الاقتصادية.

قانونيًا، أي تحرك في هذا الملف يجب أن يكون متوافقًا مع القوانين الدولية، مثل اتفاقية اللاجئين لعام 1951 التي تمنع الإكراه على العودة، إضافة إلى القانون السوري للاستثمار الذي يمنح مزايا خاصة للمغتربين. بدلًا من ممارسة الضغوط على الدول المضيفة أو استخدام اللاجئين كأداة تهديد، يجب التركيز على خلق بيئة جاذبة داخل سوريا تجعل العودة الطوعية خيارًا مربحًا لهم وللدولة.

إذا تم التعامل مع هذا الملف بذكاء، يمكن لسوريا تحويل الشتات السوري من تحدٍّ إلى فرصة استراتيجية تعزز النمو الاقتصادي، تقوي الموقف السياسي والدبلوماسي، وتضع سوريا على مسار جديد من الاستقرار والتأثير الإقليمي والدولي.

شارك

مقالات ذات صلة