من يقف خلف جحافل الوسوم المسيئة لعلاقة المغاربة بفلسطين؟
يناير 21, 2025
32
من يقف خلف جحافل الوسوم المسيئة لعلاقة المغاربة بفلسطين؟
للكاتب: عادل العوفي
إذا قمت بجولة على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، أو تأملت المواضيع الرائجة التي تُفرض على الفضاء الرقمي بفعل فاعل، ستتفاجأ بشعارات تكتسح “الترند” مثل: “تازة قبل غزة” و*”المغرب أولاً”*. قد تبدو هذه العناوين في ظاهرها عفوية، لكنها تحمل دلالات أعمق وموجهة لهدف محدد: إقناعك بأن المواطن المغربي هو من يقف وراء هذه الصرخات، وأنه يتبناها بكل إخلاص لرفض ما يسمى بـ”توغل الخطاب الفلسطيني المنبوذ” داخل المجتمع المغربي.
لكن، مهلاً. لا تتسرع في إصدار الأحكام الجاهزة وتصدق أنك أمام حقيقة مجردة. فزيارة بسيطة للشارع المغربي كافية لتفنيد هذه المزاعم ودحض ملايين التغريدات التي أُعدت بعناية للتلاعب بالواقع.
السؤال المهم هنا هو: من الجهات التي تقف خلف هذه الوسوم التي تجتاح السوشال ميديا المغربية في ذروة انتصار غزة ومقاومتها؟ وهل التوقيت نبيل وبريء؟ أم أن هناك خطة ممنهجة لإفساد فرحة المغاربة بانتصار أشقائهم في غزة؟
المؤكد أن كثافة هذه الوسوم المسمومة ليست وليدة الصدفة. فمن الواضح أن هناك جهات تهدف إلى تقزيم مكانة القضية الفلسطينية في قلوب المغاربة، رغم كل الأدلة التي تؤكد عكس ذلك، مثل المظاهرات غير المسبوقة التي جابت شوارع المغرب تضامناً مع غزة خلال أيام العدوان، والتي أثبتت أن الشعب المغربي متشبث بدعمه الكامل لفلسطين.
منذ السابع من أكتوبر، ظهرت بعض الوجوه الإعلامية التي تبنت الخطاب الصهيوني بشكل صارخ. هذه الأسماء، التي يمكن تصنيفها ضمن مجموعة “كلنا إسرائيليون”، جَهرت بعلاقاتها وصفقاتها مع الكيان المحتل. من خلال تصريحاتها، حاولت تصوير الانتماء للقضية الفلسطينية وكأنه يتعارض مع الوطنية المغربية.
هذه الأصوات تدّعي أن تبني قضية فلسطين يتنافى مع الاعتزاز بالهوية المغربية، متجاهلة أن هناك آلاف المغاربة الذين ضحوا بأرواحهم من أجل فلسطين، مثلما يرمز حارة المغاربة في القدس. هؤلاء المأجورون يسعون للترويج للتطبيع مع الكيان الغاصب، تحت شعارات خادعة عن التقدم والازدهار، بينما يخونون تاريخهم وحاضرهم.
شعار “تازة قبل غزة” هو خير مثال على الشعارات المعدة ببراعة. تم الزج باسم مدينة تازة المغربية العريقة فقط لأن اسمها يتطابق في القافية مع غزة. ومع ذلك، فإن من يردد هذا الشعار هم آخر من يكترث بتنمية تازة أو تلبية مطالب سكانها. بل إنها وسيلة مكشوفة للتنفيس عن أحقاد دفينة تجاه فلسطين وشعبها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: من يمثل هؤلاء حقاً؟ وما حجمهم الحقيقي؟ حتى إن سلّمنا جدلاً بوجود أشخاص حقيقيين يروجون لهذه الخطابات، فإن الشارع المغربي أثبت أنه أكبر من هذه التفاهات، كما تجلى في احتفالات جماهير الرجاء البيضاوي بانتصار غزة، وفي الهتافات التي صدحت في المدرجات، تأكيداً على أن فلسطين هي القضية الأولى في وجدان المغاربة.