هناك أبطال تُكتب أسماؤهم على جدران الزمن، لا لأنهم عاشوا طويلًا، بل لأنهم رحلوا عظماء.. من بين هؤلاء العظماء، نقف اليوم أمام قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام، هم ليسوا مجرد أسماء في قائمة الشهداء، بل هم نورًا يشق ظلام الاحتلال.
محمد الضيف، الرجل الذي لم يعرف إلّا طريقًا واحدًا، طريق المقاومة. اسمه كان ومازال كفيلاً بأن يزرع الرعب في قلوب الكيان الصهيوني، لكنه في قلوب شعبه يُعدّ رمزًا للحب والتضحية. لم يكن جسده المنهك من الغدر ومحاولات الاغتيال المتكررة إلّا شاهدًا على صلابة جبل لم ينحني، بل ظلّ شامخًا حتى آخر لحظة.. رحل جسده، لكن روحه أصبحت بقيت نبراسًا لكل من يحمل الحلم ذاته..
إلى جانبه كان مروان عيسى، الرجل الذي عمل في صمت، ومع ذلك صنع الكثير، كان العقل المُدبّر، والقائد الذي آمن أنّ “النصر لا يُهدى، بل يُنتزع”.
غازي أبو طماعة، لم يكن مجرّد صانع أسلحة، بل كان “صانع الأمل”، يبتكر ويطوّر ليحمي شعبه من آلة البطش..
رائد ثابت، لم يكن مجرد قائد للقوى البشرية، بل كان الروح التي ثبتت العزيمة في قلوب المجاهدين.
رافع سلامة، قائد لواء خانيونس، الذي جعل منها حصنًا عصيًّا على الاحتلال، أبو محمد لم يكن يهاب الموت، بل يطارده..
أما أحمد الغندور، قائد لواء شمال غزّة، رجلٌ آمن أنّ الدفاع عن الأرض لا يكون بالكلمات، بل بالأفعال.
وأيمن نوفل، الذي لم يكن قائدًا عسكريًا فحسب، بل سندًا لمن حوله، زرع في قلوبهم القوة، وحين ارتقى شهيدًا، تركهم جنودًا لا يعرفون الهزيمة..
قد يعتقد الاحتلال أنه باغتياله لهؤلاء الأبطال قد أطفأ شعلة المقاومة، لكنه لم يدرك أنّ من يولدون في قلب النار لا يمكن أن يحترقوا..
هؤلاء الرجال لم يكونوا مجرد محاربين، بل مدرسة وأمّة قائمة بذاتها، أرواحهم كانت ومازالت تمدُّ سماء غزّة بالصمود، وتُقسم ألّا تسقط الراية، فحين يرتقي القادة، لا تسقط الرايات، بل يحملها من تربى على أيديهم. خلف كل شهيد هناك جيل كامل يؤمن أنّ الحرية لا تأتي بثمن بخس، وأن النصر ليس حلمًا بعيدًا، بل حقيقة تقترب مع كل قطرة دم طاهرة..
أبطالنا لم يموتوا، بل عادوا إلى حيث ينتمي العظماء، حيث لا خوف، ولا قيد، ولا احتلال..
هم الآن في أعلى صفحات التاريخ، في ضحكات الأطفال الذين سيكبرون ليكملوا المسيرة، وفي كل عين تنظر نحو الشمس بأمل أن يأتي فجر الحرية والانتصار.