آراء

قصة رجل أراد احتلال العرب

يناير 2, 2025

قصة رجل أراد احتلال العرب

“لقد تحطّمت أحلامي على أسوارك يا عكا” – نابليون بونابرت

 

عند قراءة التاريخ، توجد شخصيات لا يمكن تجاوزها. أحد هذه الشخصيات رجل فرنسي وُلد في عام ١٧٦٩، وكان طموحه احتلال العرب بشكل خاص، والعالم بشكل عام!


كان منذ صغره يتميّز بشغفه وطموحه، واستطاع أن يشق طريقه إلى السلطة بشجاعة، وغيّر النظام السياسي الأوروبي بشكل تاريخي وغير مسبوق. فما قصة هذا الرجل؟ وكيف أثّر على العالم؟


نشأة نابليون


في جزيرة كورسيكا وُلد نابليون بونابرت، وكان والده تشارلز محامي معروف بين أقرانه. أراد المحامي تشارلز توفير حياة طيبة لابنه نابليون، لكن طفولة نابليون كان فيها الكثير من التحديات. درس نابليون في مدرسة عسكرية في فرنسا، وتعلّم فيها مهارات القيادة. لاحظ المعلمون أنه ذكي ونبيه في مجال الرياضيات والتاريخ. شق طريقه بشكل طبيعي في السلك العسكري، إلى أن وصل لعام ١٧٩٦، العام الذي عُيّن فيه نابليون قائداً لمعركة طولون. تخيّل أن يكون قائد المعركة شاب عمره ٢٧ سنة، أي مسؤولية يحملها على ظهره؟ برزت مهارات نابليون القيادية في هذه المعركة، وأصبحت الأنظار كلّها عليه.


الصعود إلى السلطة


هذا الشاب كان لا يضع سقفاً لطموحه، وهذا الطموح دفعه للمجازفة! في عام ١٧٩٩ قاد نابليون ومؤيدوه انقلاباً ناجحاً في فرنسا، ونصّب نفسه في منصب القنصل الأول، الذي هو بمثابة الحاكم حينها. بمجرد دخول نابليون إلى الحكم، قاد إصلاحات سريعة وفعالة في فرنسا، ونجح في استخدام مهاراته القيادية في الجيش لبناء قوة سياسية تلتف حوله. واستغل كذلك التوتر السياسي في ذلك الوقت لصالحه. كل هذه العوامل جعلت نابليون ينجح في الصعود إلى السلطة، ليصبح زعيم فرنسا.


الحروب والانتصارات


هذا التميّز ترجمه نابليون في الميدان، فقد كانت انتصاراته في الحرب بارزة، ومن أهم المعارك التي انتصر بها: معركة أوسترليتز ضد التحالف بين نمسا وسويسرا، حيث انتصرت فرنسا بفضل تكتيك نابليون العسكري المباغت. وكذلك معركة جينا التي كانت علامة فارقة في مسيرته، حيث أخضعت فرنسا مملكة بروسيا.


غزو الدول العربية


امتدت طموحات نابليون إلى خارج القارة، حيث غزا الدول العربية في الفترة التي شنّ فيها حملة عسكرية واسعة على شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وهذا في أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر. هذه الحملة شملت غزو مصر وفلسطين وسوريا، والهدف منها توسعة نفوذ فرنسا في المنطقة، وفتح طرق تجارية جديدة، وإقامة مستعمرات للسيطرة على الموارد الاقتصادية. وفي عام ١٧٩٨ تحركت قوات نابليون باتجاه مصر، حيث تمكنت من احتلالها في البداية، رغم وجود تحديات كبيرة، مثل بريطانيا التي تنوي توسعة نفوذها في المنطقة كذلك. خاض الطرفان معركة النيل التي وقعت في مصر عام ١٧٩٨، وهُزمت فيها القوات الفرنسية بشكل مدمّر، مما أرغم نابليون إلى الانسحاب المبكر من المنطقة بشكل نهائي، والتركيز على الصراعات داخل أوروبا. هذه تجربة نابليون في مصر، أما في مناطق الشام، فقد توغل في سوريا وفلسطين، وارتكب المجازر المروّعة في المناطق العربية، لكن مدينة عكا هزمت جيوشه بدعم من الدولة العثمانية. هكذا تحطمت آمال نابليون باحتلال الأراضي العربية وتوسعة نفوذ فرنسا في المنطقة. بعد هذه الخسارات، كيف عاش نابليون؟


القوانين والإصلاحات


تأثّرت سمعة نابليون بشكل كبير بسبب خساراته في الشرق الأوسط، فانسحب من المنطقة عام ١٨٠١ بشكل نهائي، وصعد اسم الدولة العثمانية وبريطانيا بشكل كبير. هذا جزء مهم من تاريخ نابليون خارج فرنسا، لكن ماذا فعل نابليون داخل فرنسا؟


نابليون عمل على ٥ إصلاحات رئيسية:

  1. الإصلاح الاقتصادي
  2. البنية التحتية
  3. القوانين العسكرية
  4. القانون المدني
  5. التعليم

انهيار الامبراطورية


تعرّض نابليون لهزائم متتالية هزّت الامبراطورية التي شيّدها، أبرزها معركة واترلو عام ١٨١٥ والتي انتهت باعتقاله ونهاية حكمه. كذلك خسر الدول التي تحالفت معه في فترات سابقة، مثل روسيا والنمسا. سقط نابليون سريعاً، كما صعد سريعاً.


الخاتمة


قصة نابليون فصل لا يتجزأ من كتاب تاريخ الحضارة الأوروبية، تعددت روايات موته الغامض في منفاه، البعض يرجّح أنه تعرّض للتسمم، والبعض الآخر يرجّح أنه أُصيب بقرحة شديدة في المعدة. تحدّث نابليون ٣ لغات، الفرنسية والألمانية والإيطالية، وعُرف عنه سعة إطلاعه وكثرة قراءته. يرى البعض أن طموح نابليون كان سبب هلاكه، فقد دفعه الطموح إلى الغزو ثم الهيمنه ثم الخسارة. ورغم النهاية المأساوية والموت المفاجئ والخسارات المتتالية، إلا أنه ما زال شخصية ذات تقدير في الأوساط الثقافية والسياسية حول العالم. عاش نابليون ٥١ عاما فقط، إلا أنه كتب كل هذا التاريخ الواسع!


شارك

مقالات ذات صلة