آراء

سوريا ومصر: هم واحد وجبر واحد

ديسمبر 30, 2024

سوريا ومصر: هم واحد وجبر واحد


التغيير السلمي الديمقراطي الآمن في مصر وحده الضمانة الآمنة  نحو مستقبل أفضل وأقل بشاعة من  قهر يفضي إلى دمار شامل. كذلك الحال في سوريا. المعطيات قطعا مختلفة. لكن الهم واحد والمستهدف واحد والعمق الاستراتيجي للبلدين واحد، وطبعا العدو واحد.


التغيير المدني السلمي ليس رفاهية لمصر ولسوريا، ولا خيار نؤجله لزمن آخر أو حتى تستقيم له الأمور. من يعتقد أن التغيير يتمهل لوقت مستريح تماما ومُعَدّ تماما وآمن تماما واهم بالتأكيد. التغيير يأتي حتى إذا لم نصنعه نحن بالدستور والقانون ونمهد له بانتخابات نزيهة و تتوخى الأمانة في توفير بيئة متساوية لكل المتقدمين للترشح ولا يمارس الإرهاب لا على المتقدمين للترشح ولا على الناخبين. أقول إرهابا من أول توزيع أوراق التأييد والبرنامج لكل المتقدمين للترشح مرورا بالمناظرات العامة وحتى سلامة الصندوق الذي يأمن له المواطن الذي يدلي بصوته كما يأمن على نفسه من بعد ذلك، كي لا يحدث ما حدث لناخبيّ حتى قبل أن أكتسب صفة المترشح بلا ذنب اقترفوه أو مخالفة، ونالهم من الظلم سنة حبس كاملة اثني عشر شهرا حبس، قضوا منها فوق الثمانية أشهر في الحبس الاحتياطي.


أتمنى لسوريا السلامة لأن عشريتها الأخيرة تختلف كثيرا عن عشرية مصر الأخيرة. بعد أكثر من نصف مليون قتيل وملايين اللاجئين والنازحين، فالمسؤولية كبيرة جدا على من يطالبهم بحق العودة دون ضمان سلامتهم. الواقع مازال حذرا والمسؤولية شديدة الحساسية. التحريض اليوم على الطرف هذا أو ذاك قد يكلفه عمره. التغيير هو الحاجة الملحة والمشتركة بين البلدين أو أقول الوطنين. كي نستطيع العيش بكرامة. لكن قبلا لابد أن يوفر الساسة بعد التغيير السلمي الديمقراطي مستقبلا أبقى وأكثر وطنية تشبه زمنهم وتوفر مستقبلا أكثر شبها لأجيالنا القادمة. الأهم أن التغيير يكون سلميا وآمنا، لأن مصلحة الشعوب دائمًا تأتي أولاً.

التغيير السلمي ليس ضعفا، حتى بعد أحلك العشريات،  ليس مستحيلا ولا استسلاما. على العكس، هو أكبر دليل على أن الشعب المصري  أو السوري مدركان لحقوقهما، ويسعيان لتحقيقها دونما يدمرا بلديهما. كل خطوة للتغيير السلمي تبني ولا تهدم.


طريقنا للتغيير السلمي الديمقراطي يحتاج شجاعة، صبرا، وإصرارا. يحتاج أن نؤمن بقدرتنا على أن نضع وطنينا في المكانة اللي تستحقها مصر وسوريا. مصر تستحق نظاما يحترم الكرامة الإنسانية، يحقق العدالة، ويضمن أن يكون كل صوت مسموع. سوريا تحتاج جبرا من الحرب والدمار وكف كل يد عنها إلا من سواعد أبنائها فقط وطنا واحدا فستأخذ سوريا وقتا وإرادة لتستعيد عافيتها وثباتها.


التغيير لن يجيء من فراغ. لابد أن نرسي قواعدنا ونروج لها، ننظم أنفسنا، نشارك في كل فرصة للتعبير عن آرائنا دون ترهيب وترصد، ونفكر في مصلحة مصر  وسوريا وشعبيها قبل أي شيء.


مصر وسوريا ليستا أقل من أي بلد آخر تمكن من بناء ديمقراطية حقيقية وعدالة اجتماعية. الطريق وعرا، لكن ليس مستحيلا. سويا نستطيع أن نغير وأن نبني بلادنا التي تستحقها أجيالنا الجاية.


الشيء المستنكر قانونيًا ودستوريًا وشعبيًا ووطنيًا أن الأنظمة تستميت في الدفاع عن نفسها ضد إرادة شعوبها التي إن قامت لا تعود أبدا حتى تخلع النظام مهما بدا قويا وثابتا. إرادة الشعوب لا يوقفها شيء.


شارك

مقالات ذات صلة