آراء

الوطنية السورية

ديسمبر 16, 2024

الوطنية السورية

 

الجلسة التي حضرها النواب المصريون، التي زورًا وبهتانا فرطت فيها السلطة الحالية في تيران وصنافير لاتغيب أبدا عن وعيي كلما فكرت في حال أشقائنا السوريين. إن قال أحد أن نواب البرلمان جميعهم آنذاكصوتوا لاتفاقية العار، التي فرط فيها بعض النواب في أمانة لم تأتمنهم عليها دوائرهم وحسب، بل في إرادةالسعي المصري الذي أعطى لهذا البرلمان أمانة التشريع وسن القوانين واحترام دستور الدولة ومحاسبة منيشت عن المسار الوطني بشفافية ومحاسبة حقيقية. لو تم استيفاء كل ذلك، كان مستحيلا أن ترتكب الجريمةمكتملة الأركان بالتفريط فيما لا تملك تلك الحكومة أو رئيسها الموقع او رئيس الجمهورية بصفته وتغليظ عقوبةفعلتهالتفريط في أرض الوطنفي الدستور لردع أي واهم أن تراب مصر للبيع.

 

موقفي هذا ينسحب على إدارة الشعب السوري الأبي، الذي ناضل وطاله أبشع دمار وأشرس مقاومة منساسته. موقفي الراسخ كمواطن وسياسي مصري، بالتأكيد لا أرتضيه لشعب شقيق وصديق ولا لأي شعبيقع عليه هذا الحيف. إذا عارض مواطن أو وقف مقاوما لهذا المستوى من الاستبداد والقمع، فمن الاتساق أنأتضامن معه في لفظ سلطة أخرى مارست درجة اعنف وأكثر بطشا إزاء الشعب الشقيق.

 

هذا رأيي السياسي. أما عن رأيي كمسؤول أنه فُرض على تلك السلطة أن تسعى هي وأي رئيس سوريالآن أو فيما بعد، من خلال رئاسته لأقوى دولة في المنطقة العربية، وأهم دولة بجامعة الدول العربية، أن يقومبكل اللازم لرفع المعاناة عن الشعب السوري.

 

حق هذا الشعب الأبي أن يسعى لتركيب نظام سياسي ينتمي للزمن الذي نعيشه. لدي قناعة كمواطنومسؤول أن لحظة الحسم القادمة لا محالة لاستعادة الشعب السوري زمام المصير لبلده الصرح ستحدثاضطرابا ليوم أو بضع يوم، نفس هذا الشعب الذي دفع أثمانا غالية جدا لتحرير وطنه من كل من ساهم فيدماره وتشريد أهله سيجد مفتاح الحل واتزان الدولة.

 

 ثقتي أن  الشعب السوري الحضاري المثقف القوي الثابت سيقدم الوطنية السورية الجامعة فوق كل مادونها الآن من الانتماءات الإثنية والطائفية وكل ما يبدو أولوية أهم منها الآن من الانتماءات الفكرية أوأيدولوجية. الوطنية الثورية ينبغي أن تأتي أولا لتستقر الدولة ويهدأ شعبها المشرد ويعود ويملك زمام المبادرة.لن تنفرد أي سلطة قادمة بالاستئثار فمعادلات ضبط الصالح الوطني مع سيادة الدولة التي لا تقمع شعبهاولا تمارس ضغطا غير إنساني على مواطنيه. لو أشرقت سماء سوريا من جديد، فهي بحاجة لكل مفكريهاومواطنيها وساستها. يحتاج مشهد كهذا إعلاء الوطنية على كل شيء، الطائفة والإثنية والمصلحة والتفاهماتوحتى الاتفاقات والشراكات. يوم تأت سوريا أولا سيأتي بعدها كل شيء في النور وعلى نور بما يفيد الشعبوالدولة كذلك. من دون قمع أو إذلال أو قتل، ستعود سوريا أقوى وأرسخ وصاحبة موقف وكلمة فيما يحدث فيالمنطقة العربية. سوريا أولا.

 

هناك نظم في العالم ينبغي أن نلتفت لها لندرك كم شعوبنا عظيمة وكم ترزح تحت ما لا يليق بها ولابحضاراتها ووضعيتها الراسخة سياسة وحضاريا. أخذنا على نفسنا مسؤولين في بلادنا نؤمن أن الشأنالداخلي لكل شعب شقيق، ولدول كبرى في أعيينا كسوريا. وحين قدمنا ترشحنا لنقدم بديلا مدنيا ديمقراطيابتداول السلطة بشكل قانوني ودستوري، لم يكن أبدا مطروحا أن نصدر أفكارا أو نمارس ضغوطا من أينوع. كلمة واحدة نحن نحترم سيادة كل دولة عربية شقيقة، لكن يجمعنا جميعا منظومة عمل مشترك من العيبألا نجتهد لإعادة الحياة لها من جديد وهي منظمة الجامعة العربية. حين يوضع ملف سوريا على طاولة هذه الجامعة منذ سنوات، من الحق الشعب السوري أن نجلس ونجد حلولا لا تسم بسيادتهم في اتخاذ قرارهم ولا تتخطى حدود الجامعة إلى القرارات السيادية السورية طالما كانت حوكمة رشيدة ومسؤولة.


شارك

مقالات ذات صلة