Blog

لبنان: هدنة لتغيير الذخائر أم للبحث عن عذر جديد؟

نوفمبر 29, 2024

لبنان: هدنة لتغيير الذخائر أم للبحث عن عذر جديد؟

كتبت: نور الحلو

رغم التوصل إلى وقف إطلاق النار في لبنان، فإن الحديث عن انتهاء الحرب يبدو سابقًا لأوانه، الوضع الراهن أشبه باستراحة محاربين منه إلى تسوية حقيقية للصراع بين الأطراف الإقليمية والدولية المتورطة في النزاع وبين الخلافات الداخلية اللبنانية.

الهدوء الحالي في لبنان قد يبدو واعدًا للبعض لكنه مليء بالمخاطر. ففي ظل التوترات الإقليمية من الصعب تصور أن هذه الهدنة ستدوم، الأطراف الخارجية خاصة إسرائيل وإيران تستخدم لبنان كأداة لتصفية حساباتها مما يجعل أي اتفاق هشًا وعرضة للانهيار،من جهة أخرى يعاني لبنان من أزمة داخلية متفاقمة الانقسام السياسي بين القوى المختلفة يُضعف من قدرة البلاد على التفاوض كطرف موحد مما يعطي الأطراف الخارجية فرصة لاستغلال الفراغ السياسي.

 يبدو أن التوترات لا تزال في مرحلة الغليان تحت السطح تنتظر شرارة جديدة لتعيد المشهد إلى مربع المواجهة، فهل يمكن اعتبار هذه الهدنة مقدمة للسلام أم أنها مجرد فترة هدوء مؤقتة قبل عاصفة أخرى؟

الخلفيات السياسية والعسكرية

الصراع في لبنان ليس مجرد نزاع داخلي، بل هو انعكاس لمصالح إقليمية ودولية متشابكة، إسرائيل التي طالما رأت في لبنان جبهة تهديد مباشر تفرض شروطًا صارمة لوقف إطلاق النار أبرزها ضمان حقها في الرد الفوري على أي هجمات مستقبلية من جهة أخرى، تلعب الولايات المتحدة دور الوسيط الأساسي لكنها ليست محايدة فهي تدعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا وتسعى لتوفير ضمانات تؤمن مصالحها الإقليمية.

 

 أما لبنان فيواجه تحديات مزدوجة، داخليًا يعاني من أزمة سياسية خانقة وغياب توافق وطني حول أولويات المرحلة المقبلة، وخارجيًا يجد نفسه في موقف صعب حيث تتصارع قوى إقليمية كإيران والسعودية على النفوذ فيه مما يجعل وقف إطلاق النار معرضًا للخرق في أي لحظة.

 

 العقبات أمام التنفيذ

 

التحديات التي تعيق استمرار وقف إطلاق النار متعددة، أبرزها:

  • التفاصيل العالقة: لا تزال هناك خلافات حول صياغة بنود الاتفاق مثل توزيع مهام قوات المراقبة وضمان التزام الأطراف ببنود التهدئة.
  • غياب الثقة: الأطراف المتنازعة لا تثق في نوايا بعضها البعض إسرائيل تخشى أن يُستخدم لبنان كقاعدة لهجمات مستقبلية بينما يخشى اللبنانيون من تدخلات إسرائيلية جديدة.
  • الدور الدولي المحدود: رغم الدور الأمريكي في التفاوض فإن الضمانات الدولية لتنفيذ الاتفاق تبقى غير كافية، خاصة مع تعقيد الأوضاع الإقليمية.

 الهدوء… خدعة أم فرصة؟

 

الهدوء الحالي في لبنان قد يبدو واعدًا للبعض لكنه مليء بالمخاطر. ففي ظل التوترات الإقليمية من الصعب تصور أن هذه الهدنة ستدوم الأطراف الخارجية خاصة إسرائيل وإيران تستخدم لبنان كأداة لتصفية حساباتها مما يجعل أي اتفاق هشًا وعرضة للانهيار.من جهة أخرى يعاني لبنان من أزمة داخلية متفاقمة الانقسام السياسي بين القوى المختلفة يُضعف من قدرة البلاد على التفاوض كطرف موحد مما يعطي الأطراف الخارجية فرصة لاستغلال الفراغ السياسي.

 الدروس من الماضي

 

التاريخ اللبناني مليء بأمثلة على فشل الاتفاقيات المؤقتة من اتفاق الطائف إلى القرارات الأممية مثل القرار 1701 غالبًا ما كانت التفاهمات تصطدم بالواقع السياسي والعسكري المعقد هذا النمط يعيد نفسه اليوم حيث تظل الخلافات الجوهرية قائمة رغم محاولات التهدئة.

 

 السيناريوهات المستقبلية

 
  • استمرار الهدنة الهشة: في هذا السيناريو تبقى التهدئة قائمة ولكن بدون حلول جذرية هذا يفتح الباب لتصعيد مفاجئ في أي لحظة.
  • عودة التصعيد: قد يؤدي خرق الاتفاق من أي طرف إلى اندلاع جولة جديدة من المواجهات خاصة إذا استمر التصعيد الإقليمي.

التوصل إلى تسوية شاملة:

 

رغم أنه السيناريو الأقل احتمالًا فإن الوصول إلى اتفاق شامل يتطلب تنازلات كبيرة من جميع الأطراف وهو أمر يصعب تحقيقه في الوقت الحالي. استراحة المحاربين في لبنان ليست سوى فصل جديد في صراع طويل ومعقد الحلول الجزئية لن تنجح في تحقيق سلام دائم لأن جذور الأزمة أعمق من مجرد وقف لإطلاق النار إذا لم تتغير الحسابات الإقليمية والدولية وإذا لم يتمكن لبنان من ترتيب بيته الداخلي فإن هذه الهدنة قد تكون مجرد هدنة عابرة قبل اندلاع عاصفة جديدة.

 
شارك

مقالات ذات صلة

إقرأ أيضاً