فنون

الفيلم الغنائي العائلي الأشهر في تاريخ السينما: The Sound of Music

نوفمبر 17, 2024

الفيلم الغنائي العائلي الأشهر في تاريخ السينما: The Sound of Music


فيلم “The Sound of Music” أو “صوت الموسيقى” هو أجمل فيلم غنائي شاهدته في حياتي، وهو يعدّ أشهر فيلمٍ غنائي من حقبة الستّينيّات العريقة، ويملك شعبية هائلة في الوطن العربي وكل دول العالم، بكونه يُعرَض بشكل مستمر على القنوات التلفزيونية، وقصّته العائلية المُلهمة جذبت الصغار قبل الكبار. مدة الفيلم 3 ساعات، وكنت مستمتعًا بكل لحظة، وقد شاهدت الفيلم عدّة مرّات، وفي كل مرّة أتعلّق به أكثر، وبأجوائه العائلية الدافئة.


الفيلم من إنتاج عام 1965، وهو مستند على قصة حقيقية حول الكاتبة النمساوية “ماريا فون تْراب” التي وثّقت ذكرياتها وقصة حياتها مع عائلتها في كتاب “قصة المغنّيين في عائلة تْراب”، وأصدرته في عام 1949، وتم اقتباسه كنصٍ سينمائي لفيلمٍ ألماني بعنوان “عائلة تْراب” في عام 1956، متبوعًا بالجزء الثاني بعنوان “عائلة تْراب في أمريكا” في عام 1958.


الكاتبان الأمريكيّان “هاوَرد لينْدْسي” و”راسِل كروز” اشتهرا بكتابة المسرحيات الغنائية، وهما من أوائل الأشخاص الذين بدأوا بالعمل في الأفلام الغنائية في هوليوود منذ نشأة السينما الناطقة في نهاية العشرينيّات، وبعد نجاح كتاب “ماريا فون تْراب” والفيلم الألماني بجزأيْه، قرّرا تحويل القصة إلى مسرحية غنائية بعنوان “صوت الموسيقى”.


وفي عام 1959 بدأت عروضُها في المسارح الأمريكية وحقّقت نجاحًا رهيبًا، وفازت بخمس جوائز توني، ومنها لأفضل مسرحية غنائية، وقد قام “أوسكار هامِرسْتين الثاني” بكتابة الأغاني، ولحّنها الموسيقار “ريتشارد روجَرْز”، والمسرحية هي مادة الاقتباس الرئيسية للفيلم الذي تولّى كتابة نصّه السينمائي الكاتب المخضرم “إرْنِسْت ليمان” مع مساهمة بسيطة من الكاتب الألماني “جورج هورْداليك”، وأغاني الفيلم هي ذاتها أغاني المسرحية مع إضافات موسيقية جديدة.


تبدأ أحداث القصة في مدينة سالسبورغ بالنمسا بعام 1938 مع الراهبة الشابّة “ماريا” التي تغادر الدير للعمل كمربّية في منزل الضابط في القوّات البحرية “جورج فون تْراب” للعناية بأطفاله السبعة الأشقياء، حيث أنّه بعد وفاة زوجته قام “جورج” بتوظيف عدّة مربّيات للعناية بأطفاله، ولكن لم تصمد أيّة واحدةٍ منهنّ بسبب المقالب التي يقوم بها الأطفال للتخلّص منهنّ.


بشكل غير متوقع تتمكّن “ماريا” من كسب حب الأطفال، وتبدأ بتعليمهم الغناء بشكلٍ متناغم وجميل، والضابط “جورج فون تْراب” يبدو سعيدًا بما آلَت إليه الأمور من استقرار لأطفاله، حتى يبدأ التركيز على حياته الخاصة بتوطيد علاقته الرومانسية مع البارونة التي يراها زوجته المستقبلية والأم الجديدة لأطفاله السبعة، وفي الجانب الآخر تنجرف مشاعر “ماريا” وتقودها للوقوع في حبّه، ومن هنا تتعقد الأمور، وتتزامن مع بداية الحرب العالمية الثانية وتوغّل قوّات الاحتلال الألماني النازيّ في النمسا.


ميزانية إنتاج الفيلم كانت تقارب 8 ملايين دولار، وإيرادات الفيلم في شبّاك التذاكر في أمريكا كانت خيالية وتجاوزت 160 مليون دولار في ذلك الوقت، وبحساب معدّل التضخّم المالي في وقتنا الحاضر، سيكون هذا الفيلم في الترتيب الثالث في قائمة أكثر الأفلام تحقيقًا للإيرادات في أمريكا، بما يساوي اليوم أكثر من مليار و300 مليون دولار.


بعد فوزها بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة في الفيلم الغنائي العائلي “Mary Poppins” بتجربتها الأولى كممثلة في السينما، تعود “جولي أنْدروز” بعدها بعامٍ واحد لأداء شخصية “ماريّا”، التي لا تختلف عن شخصيتها السابقة، حيث كانت أيضًا تؤدّي شخصية مربّية أطفال في فيلم غنائي، و”جولي أندْروز” لغاية اليوم تُعتَبَر النجمة الأبرز في الأفلام الغنائية لموهبتها الفريدة في التمثيل والغناء، التي انبثقت بقوّة على خشبة المسرح قبل بلوغها سن العشرين.


بجانب “جولي أنْدروز”، شارك في بطولة الفيلم نخبة من النجوم، وأبرزهم: “كريستوفر بلامَر” بشخصية الضابط “جورج فون تْراب”، و”إلينور بارْكَر” بشخصية “البارونة”، و”بيغي وود” بشخصية الراهبة الأم “إيبِس”.


فاز الفيلم بـ 5 جوائز أوسكار، لأفضل فيلم وأفضل إخراج لـ “روبرت وايْز”، وأفضل موسيقى تصويرية لـ “إرْوين كوسْتال” وأفضل مونتاج وأفضل تحرير صوتي، وترشّح لـ 5 جوائز أخرى، لأفضل ممثلة “جولي أندروز”، وأفضل ممثلة مساعدة “بيغي وود”، وأفضل تصوير وأفضل تصميم مواقع وأفضل تصميم أزياء.


في عام 2022 قام معهد الفيلم الأمريكي بتكريم “جولي أنْدروز” بالجائزة الفخرية عن مُجمَل أعمالها في حفل كبير حضره مئات الشخصيات البارزة في الوسط الفني، وفي لفتة رائعة من إدارة المعهد قاموا بترتيب مفاجأة لا تخطر على البال بحضور الممثلين الأطفال ذاتهم من فيلم “صوت الموسيقى” الذين صاروا كُهولًا، فقد صعدوا على خشبة المسرح وبدأوا بغناء الأغنية الشهيرة التي جمعتهم مع “جولي أنْدروز” في الفيلم قبل نصف قرن من الزمن، وكانت بالفعل مفاجأة جميلة لها وللجمهور ومليئة بالذكريات والمشاعر والدموع.


“صوت الموسيقى” هو صوت “ماريا” الذي أنقذ حياة الجميع من حولها. ذلك الصوت الجميل بدأ قبل أكثر من 250 عامًا، في الدولة نفسها، وفي المدينة نفسها، التي ترعرع فيها أشهر موسيقار كلاسيكي في التاريخ. إنّه “موزارت” الذي قال: “أتمنى أن تعيشوا إلى حين يكون هناك لا شيء يُمكن أن يُقال بَعْد في الموسيقى”.


شارك

مقالات ذات صلة