سياسة

“قسد” بين رهان الخارج وضغط الداخل

أكتوبر 20, 2025

“قسد” بين رهان الخارج وضغط الداخل

الكاتب: علي الجاسم

رغم الأجواء الإيجابية التي رافقت زيارة القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي إلى دمشق، فإنّ مسار المفاوضات بين اللجان التابعة للدولة السورية ونظيرتها في “قسد” لم يشهد أيّ تقدّمٍ ملموس حتى الآن، في مؤشرٍ واضح على تعقد المشهد السياسي داخل مناطق شمال وشرق البلاد.

ووفق مصادر مختلفة، فإنّ الاجتماعات الأخيرة التي تمّ عقدها في العاصمة دمشق تناولت ملفات حساسة تتعلق بآليات التنسيق الأمني والإداري ومستقبل إدارة الموارد النفطية، إضافة إلى موضوع دمج التشكيلات العسكرية التابعة لـ”قسد” ضمن المؤسسة العسكرية السورية.

 غير أنّ المباحثات اصطدمت مجدداً بجدار الخلافات الداخلية، التي تعصف بهيكل القيادة في قسد منذ أشهر.

ويبدو أنّ الانقسامات داخل قسد باتت العقبة الأبرز أمام أيّ تسويةٍ جدية، إذ يشهد التنظيم صراعاً محتدماً بين تيارين أساسيين: الأول براغماتي يفضل التفاهم مع دمشق حفاظاً على الوجود السياسي والعسكري في إطار وطني، والثاني أكثر تشدداً، يرفض أيّ حوارٍ لا يعترف بـ”الإدارة الذاتية” ككيانٍ مواز للدولة السورية.

 ومع اتساع نفوذ التيار المعارض داخل الأجنحة العسكرية والإدارية، تراجعت فرص الوصول إلى اتفاق يضمن مصالح جميع الأطراف.

ويرى مراقبون أنّ ما يجري اليوم لا يقتصر على اختلاف في وجهات النظر بين وفود التفاوض، بل يتعداها إلى أزمة ثقة متبادلة، تغذيها حسابات خارجية في شرق الفرات ومستقبل الانتشار العسكري هناك

فقوات “قسد” توظف خلافاتها الداخلية كمبرر لعدم الالتزام بخطوات تنفيذية حقيقية، ويعتبر بعض المحلّلين أنّ هذه الاستراتيجية تمثّل نوعاً من المماطلة السياسية المقصودة، تهدف إلى كسب الوقت والحفاظ على المكاسب الإدارية والعسكرية التي راكمتها “قسد” خلال السنوات الماضية. 

وفي المقابل، تتعامل دمشق مع المفاوضات من موقع ثابت، يتمحور حول استعادة مؤسسات الدولة تدريجياً ودمج الهياكل المحلية في بنية الدولة السورية، دون المساس بوحدة الأرض والسيادة الوطنية.

ورغم حالة الجمود الحالية، ما تزال قنوات التواصل مفتوحة، إلا أنّ استمرار التعقيد وغياب التوافق الداخلي داخل قسد قد يدفع باتجاه تجميد اتفاق 10 آذار/ مارس بالكامل، وهو الاتفاق الذي كان من المفترض أن يشكّل خطوة عملية نحو تسوية متوازنة تعيد ترتيب المشهد في شمال وشرق سوريا.

شارك

مقالات ذات صلة