Search

Close this search box.

مدونات

مأساة التعليم في غزة: تأثير الحرب على مستقبل أجيال

يونيو 28, 2024

مأساة التعليم في غزة: تأثير الحرب على مستقبل أجيال

هذه القطعة الصغيرة من الأرض التي تعاني من الحصار والاحتلال منذ عقود، تواجه تحديات كبيرة في مجال التعليم، وسط ظروف قاسية تفرضها الحروب التي تحاك ضد الأهالي منذ سنوات، وكان آخرها وأكثرها دموية حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الصهيوني منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023م والتي ما زالت قائمة ضد المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ حتى وقتنا الحالي.

 

تأثير هذه الحرب على التعليم في غزة لا يمكن تجاهله، إذ تعرضت المنظومة التعليمية بأكملها لهجومٍ قاسٍ بات يهدد مستقبل الجيل القادم، فاستُهدفت البنية التحتية للتعليم وتضرر الطلاب والمعلمون ومؤسسات التعليم من مدارس وجامعات ومكتبات عامة وحتى رياض الأطفال، حيث أشارت وزارة التربية والتعليم إلى أن 286 مدرسة حكومية و65 تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة، ووفق “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” فقد طال الاستهداف الإسرائيلي حوالي 90% من المنشآت التعليمية المختلفة؛ وبالتالي حرمان أكثر من 625 ألف طالب وطالبة في غزة من حقهم في مواصلة التعليم وتحصيل دروسهم، وأما ما تبقى من مؤسسات تعليمية في القطاع فقد أجبر السكان على تحويلها إلى مراكز للإيواء والنزوح.

 

كما ولأول مرة في تاريخ فلسطين حُرم نحو 39 ألف طالب وطالبة يعيشون في غزة من تقديم امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي)، حيث تُعقد الامتحانات في الضفة الغربية دون غزة التي تواجه الحرب المدمرة. إن تأثير الحرب على التعليم في غزة لا يتوقف عند الدمار المادي للمدارس والجامعات فحسب، بل يمتد إلى تأثيرها النفسي والعاطفي والاجتماعي على الطلاب والمعلمين جراء العنف المستمر والهجمات الدموية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي بأسلحتها الفتاكة، وذلك بفقدانهم أحبائهم وأقاربهم وبيوتهم.

 

 بالإضافة إلى ذلك، سياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال ضد سكان قطاع غزة، ومعايشة الطلاب لتجربة النزوح المأساوية، وتشتت الأسر، وتردي الظروف المعيشية، وإصابتهم بالعديد من الأمراض المنتشرة بين النازحين تؤثر بشكل كبير على صحتهم النفسية والجسدية وقدرتهم على التفاعل مع البيئة المحيطة بشكل إيجابي، فيعانون باستمرار من حالات اكتئاب، وقلق، وخوف، وضغط نفسي، ما يؤثر سلبًا على صحتهم العقلية والنفسية وقدرتهم على التعلم والانخراط في العملية التعليمية مستقبلًا وبالتالي تدمير آمالهم وطموحاتهم.

 

هذه الآثار ستعيش مع طلاب غزة وأطفالها وترافقهم مدى العمر، إنها تداعيات حرب الإبادة الجماعية الطويلة، التي سيحملونها طوال السنين مع كل ما صاحبها من ذكريات أليمة. وبذلك فإن الاستهداف الممنهج للتعليم في غزة وتعطيل العملية التعليمية فيها يؤكد على أن إسرائيل تشن حرب تجهيل ضد الفلسطينيين.

 

 في النهاية، يجب على المجتمع الدولي الوقوف بجانب غزة ودعم قرارات وقف إطلاق النار وانهاء الحرب أولًا، ثم تكاتف جهود إعادة إعمار التعليم وتقديم الدعم اللازم للأطفال والشباب في غزة، وتوفير بيئة آمنة ومشجعة لهم ليتمكنوا من مواصلة تعليمهم ومساعدتهم على تجاوز الصعوبات. فالتعليم هو المفتاح لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة، ويجب العمل على تحقيق هذا الهدف رغم كل التحديات والصعوبات التي تواجهها غزة.

شارك