بقلم: علي الجاسم
خصصت وزارة الدفاع الأمريكية مبلغاً قدره 130 مليون دولار لدعم فصائل محلية سورية في مشروع ميزانيتها للعام المالي 2026، وذلك ضمن إطار “صندوق تدريب وتجهيز الشركاء في مكافحة داعش” (CTEF). ويأتي هذا الدعم استمراراً لسياسة أمريكية تنفَّذ منذ سنوات، تهدف إلى تعزيز قدرات شركاء محليين في سوريا لمحاربة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم “داعش”.
دعم خارج الإطار الرسمي
وفقاً للوثائق المنشورة من وزارة الدفاع الأمريكية، فإن هذا التمويل يُوجَّه بشكل أساسي إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
ما يلفت الانتباه في هذا السياق، أن هذه التشكيل لا ينضوي تحت قيادة الجيش السوري الرسمي، الذي يتبع مباشرة لوزارة الدفاع السورية، بل يعمل كقوة محلية ذات إدارة ميدانية مستقلة، بدعم مباشر من التحالف الدولي.
هذا الواقع يفتح باب التساؤل حول أسباب استبعاد الجيش السوري، وهو الجهة العسكرية النظامية الوحيدة المعترف بها دولياً، من هذا النوع من الدعم.
ويُطرح سؤال مشروع في الأوساط الإعلامية والدبلوماسية: إذا كان الهدف من التمويل هو مكافحة الإرهاب، فلماذا لم يُخصص (ولو جزئياً) للجيش السوري الذي يمتلك البنية الكاملة والتفويض الرسمي؟
توزيع التمويل بحسب البنود
تشير وثائق “CTEF FY2026” إلى أن التمويل البالغ 130 مليون دولار يُوزع على النحو التالي (تقديرياً بناء على مخصصات العام السابق):
معدات وتجهيزات: 15 – 20 مليون دولار
دعم لوجستي: 35 – 40 مليون دولار
رواتب وبدلات شهرية للمقاتلين المحليين: 50 – 60 مليون دولار
صيانة وتشغيل: 15 – 20 مليون دولار
تحسين بنى تحتية ميدانية: نحو 15 مليون دولار
وتستهدف هذه البنود دعم قدرة الفصائل المستفيدة على تنفيذ عمليات أمنية، إدارة نقاط تفتيش، حماية البنية التحتية المحلية، وتسيير دوريات مشتركة مع التحالف.
شركاء واشنطن: أولوية محاربة داعش
تُصنف واشنطن قوات سوريا الديمقراطية “شريكاً موثوقاً” في جهود التحالف ضد داعش، خاصة في مناطق الرقة ودير الزور والحسكة. وترى في هذه الشراكة عنصراً أساسياً لضمان عدم عودة التنظيم مجدداً.
إلا أن هذه السياسة تواجه انتقادات متكررة من بعض الأطراف الإقليمية، التي ترى في ذلك نوعاً من التعامل الانتقائي مع الفاعلين السوريين، وتجاوزاً لمؤسسات الدولة المركزية، رغم أن الدعم يتم تحت مبرر “الواقع الميداني” و”الكفاءة في مواجهة الإرهاب”.
تغييب الجيش النظامي: سياسة مقصودة أم خيار تكتيكي؟
حتى الآن، لم تظهر أي مؤشرات في ميزانيات البنتاغون أو تصريحات مسؤولي الدفاع الأمريكيين على وجود نية لدعم الجيش السوري الرسمي ضمن برامج CTEF، ما قد يعكس اعتبارات سياسية تتجاوز الأطر العسكرية البحتة.
في ظل استمرار الولايات المتحدة بتمويل تشكيلات محلية في سوريا خارج الإطار الرسمي للدولة، تبقى الأسئلة مفتوحة حول جدوى هذا النهج طويل الأمد، وتداعياته على وحدة القرار العسكري والسياسي في البلاد. كما تبقى قضية استبعاد الجيش السوري من أي دعم، رغم اعتراف المجتمع الدولي بشرعيته، نقطة تستحق التوقف والتحليل.