أسامة محمد

 

 

تحت سماءٍ كانت يوماً زرقاء تخيم غيوم الحزن والأسى على الحواضر السنية في سوريا، إذ تتجلى مأساةٌ عميقةٌ في كل ركنٍ من أركانها، فالكثير من السوريين لن يعودوا بالمستقبل القريب إلى بلدهم لأن معظم الحواضر السنية قد تحولت إلى أطلالٍ تروي قصص الألم والفقد؛ دمشق حمص حلب ودير الزور كانت هذه المدن يوماً ما مراكزَ للحياة تجتمع فيها العائلات وتزدهر فيها الثقافات لكن الحرب قد حولتها إلى ذكرى مؤلمة.

 

 

تحت قصف الطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة ورجمات الصواريخ سقطت الأبنية الشاهقة، وانهارت البيوت التي احتضنت أحلام الناس وأفراحهم، لم يكن الدمار مجرد تدميرٍ مادي بل كان اعتداءً على الروح السورية وعلى الهوية التي تشكَّلت عبر التاريخ، لقد غيبت الحرب الوجوه المألوفة وأطفأت الأضواء التي كانت تضيء ليالي هذه المدن.

 

 

أحلام الشباب الذين كانوا يتطلعون إلى مستقبلٍ مشرقٍ قد تحطمت وأصبحت ذكريات الطفولة تتلاشى كسراب. كيف يمكن للإنسان أن يعود إلى مكانٍ لم يعد موجوداً، وكيف يمكن له أن يستعيد ذكرياته في ظل الخراب الذي يحيط به، إن العودة إلى الوطن لم تعد مجرد خيارٍ بالنسبة للكثيرين بل أصبحت حلماً بعيد المنال.

 

 

إن النظام الطائفي وحلفاءه لم يتركوا شيئاً إلا واستهدفوه فدُمرت المساجد والمدارس والأسواق وكل ما كان يجسد الحياة اليومية للسوريين، لقد أُريد لهذه الحواضر أن تُمحى من الوجود وكأنها لم تكن يوماً مهداً للثقافة والفنون والعلم، لكن رغم كل هذا الدمار لا يزال الأمل يتجدد في قلوب الذين يبقون على قيد الحياة.

 

 

إن الأجيال الجديدة تحمل في طياتها شغفاً لإعادة بناء ما دمرته الحرب ولإحياء الثقافة والتراث، ورغم الألم والفقد يبقى هناك من يؤمن بأن الحواضر السنية ستعود يوماً ما إلى الحياة إن إعادة بناء هذه الحواضر يتطلب جهداً جماعياً وإرادة قوية من الجميع سواء كانوا داخل البلاد أو خارجها.

 

 

وتبقى الحواضر السنية مدمرة لكن الأمل في إعادة إحيائها لا يزال حياً فالتاريخ علمنا أن الشعوب القادرة على النهوض من تحت الأنقاض هي شعوب لا تعرف الاستسلام وعلينا جميعاً أن نعمل من أجل مستقبل أفضل لسوريا، حيث تعود الحواضر لتكون مراكز إشعاع حضاري وثقافي كما كانت دائماً.

أحدث الصوتيات

مساحة مفتوحة للأقلام الشابة والعقول المبدعة، من مختلف الاهتمامات والانتماءات والبلدان.