بنو المهلب أو المهالِبة، تطلق على نسل رجل الدولة المعروف المهلبِ بن أبي صفرة بن غالب الأزدي. كان أبو صفرة (الذي هو أبو المهلب) قد وفد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأسلم، وكان معه عشرة من ولده من ضمنهم المهلبُ (جد المهالبة) وهو أصغر أبناء أبي صفرة، فلما رآه عمر تنبأ له بالسيادة. وقد تحققت فراسة عمر، فقد ساد المهلب بعد ذلك، فاستعمله عبد الله بن الزبير رضي الله عنه على البصرة، وذلك أثناء توازي خلافة عبد الله بن الزبير مع خلافة خصومه الأمويين.
وبعد حسم الأمويين أمر الخلافة، لم يتخلوا عن المهلب، بل احتفظو به لتجربته الطويلة وشجاعته أيضا. فقد جعله عبد الملك بن مروان قائدا للجيوش التي تحارب الخوارج، فكان المهلب سيد العراق. ثم ولاه عبد الملك بعد ذلك خراسان (خراسان بالتعريف المعاصر هي أجزاء من إيران وأجزاء من أفغانسان وأجزاء من جنوب تركمانستان).
كان المهلب بن أبي صفرة سيدا كريم الخصال، فيقال: “ساد الأحنفُ بن قيس بحلمه، ومالكُ بن مِسمَع بحب العشيرة له، وقتيبة بن مسلم بدهائه، والمهلب بن أبي صفرة بجميع هذه الخلال”. وقد كان يوصي أولاده فيقول: “أحسن ثيابكم ما كان على غيركم” (يحثهم على البذل والعطاء).
توفي المهلب سنة 83 هجرية في خراسان، وقد كان أبناؤه من بعده سادة حافظوا على سيرة أبيهم في الجود والبذل والشجاعة، وهم المقصودون بقول الأخفش:
نزلتُ على آل المهلب شاتيا – غريبا عن الأوطان في زمن المَحْلِ
فما زال بي إكرامُهم وصنيعُهم – وبِرُّهمُ حتى حسِبتهمُ أهلي
بعد وفاة المهلب، خلَفَه على خراسان ابنُه يزيد، وكان مثله في البذل والشجاعة. ويكفي من شدة بأس يزيد هذا أن الحجاج كان يخشاه ويَشِي به إلى بني أمية. عاش يزيد بن المهلب اضطرابا سياسيا، فعُزل وسُجن أكثر من مرة، عزله عبد الملك وسجنه الحجاج، ثم ولاه سليمان خراسان، وتولى العراق، ثم عزله عمر بن عبد العزيز وسجنه، ثم هرب من السجن بعد وفاة عمر، وقاد تمردا مع إخوته ضد الأمويين، الذين سيكسرون شوكة المهالبة عام 103 هجرية.
سيعود المهالبة فيما بعد ليشاركوا في الثورة العباسية، وقد كافأهم العباسيون وأعطوهم أكثر من ولاية. ومن أشهر ولاتهم لدى بني العباس روحُ بن حاتم الذي تولى السند، والكوفة، وإفريقية، بل إنه تميز بأنه وَلِـيَ لخمسة خلفاء عباسيين: للسفاح، ثم المنصور، ثم المهدي، ثم الهادي، ثم هارون الرشيد.
ولروح هذا أخ مشهور كان أيضا واليا على إفريقية في الدولة العباسية، وهو يزيد بن حاتم المهلبي، وهو المقصود بالبيت المشهور:
لشتّان ما بين اليزيدين في الندى – يَزيدِ سُليْمٍ والأغرِّ ابنِ حاتمِ
والبيت هو للشاعر ربيعة بن ثابت الأسدي الرقّي (نسبة إلى الرّقة)، وكان هذا الشاعر مدح يزيد بن أسيد السُّلَمي فلم يكافئه ولم يُحسن جائزته، ثم مدح يزيدَ بن حاتم المهلبي، فكافأه وأحسن جائزته، فجعل يقارن بين اليزيدين في أبيات لطيفة، يقول منها:
لَشَتّانَ ما بَينَ اليَزيدَينِ في الندى – يَزيدِ سُلَيمٍ والأَغَرِّ ابنِ حاتِمِ
يَزيدُ سُلَيمٍ سالَمَ المالَ، والفَتى – أَخو الأَزدِ لِلأَموالِ غَيرُ مُسالِمِ
فَهَمُّ الفَتى الأَزدِيِّ إِتلافُ مالِهِ – وهَمُّ الفَتى القَيسِيِّ جَمعُ الدَراهِمِ
يقصد بالفتى الأزدي يزيدَ بنَ حاتم المهلبي لأن المهالبة من الأزد، ويقصد بالفتى القيسي يزيدَ بن أسيد السلمي لأن بني سُليم قيسيون (نسبة إلى قيسِ عَيْلان بن مُضر).
كان في المهالبة مشاهير كثر من رجال الدولة، يضيق المقام عن ذكرهم، لكن لا نستطيع أن نذكر مشاهيرهم دون أن نذكر الوزير المهلبي الحسنَ بن محمد، الذي تولى الوزارة في عهد البويهيين، وكان من أشعَر رجال الدولة وأدراهم باللغة والأدب، وله أشعار كثيرة مشهورة. وكان قد تولى الوزارة بعد ضائقة شديدة مرت به، فلما حسُن حاله بعد الوزارة جعل يقول:
رقَّ الزمان لفاقتي – ورَثَـى لطول تحَرُّقِـي
فأنالني ما أرتجيـ – ـهِ وحاد عما أتّقـي
فلأصفحنْ عما أتا – هُ من الذنوبِ السُّبَّـقِ
حتى جنايته بما – صنع المشيبُ بمَفْـرِقِـي!
وما زال نسل المهالبة معروفا إلى اليوم، ولهم وجود في أكثر من دولة عربية.
عشتم طويلا.