مدونات

ترامب يجهل الكثير عن الشعب الفلسطيني وارتباط الناس بالأمكنة وبميراث الآباء والأجداد

فبراير 11, 2025

ترامب يجهل الكثير عن الشعب الفلسطيني وارتباط الناس بالأمكنة وبميراث الآباء والأجداد

للكاتب: ظاهر صالح

 

تابع العالم بأسره حديث دونالد ترامب الاستفزازي وأسلوبه المتهور، الذي يكشف عن جهل واضح في التعامل مع القضايا الجيوسياسية، خاصةً فيما يتعلق بفلسطين. فتصريحاته المتكررة عن ترحيل سكان غزة، وبسط سيطرة بلاده على القطاع، كشفت عن نوايا إدارته بشأن غزة، التي دمرتها حرب الإبادة والعدوان الصهيوني.

لقد قال ترامب، بجرأة غير مسبوقة، إنه يتطلع إلى أن تكون لأمريكا “ملكية طويلة الأمد في قطاع غزة”، مضيفًا أنه سيحوله إلى “موقع جيد للتنمية المستقبلية”. لم يكتفِ بذلك، بل زعم أنه ملتزم بشراء قطاع غزة وامتلاكه، وربما توزيع أجزاء منه على دول أخرى في الشرق الأوسط بهدف تطويره. كما قال إنه سيتأكد من أن الفلسطينيين لن يتعرضوا للقتل، وادّعى أنه سيفتح باب اللجوء لبعض الحالات الفردية لدخول الولايات المتحدة.


جاءت تصريحات ترامب بعد اقتراحه إعادة توطين دائم لسكان غزة في دول أخرى، مؤكدًا أن “الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة” وستطلق خطة تنمية اقتصادية تهدف إلى توفير وظائف ومساكن غير محدودة لسكان القطاع. كما زعم أن فكرته “حظيت بتأييد واسع من مختلف مستويات القيادة”، معتبرًا أن غزة “مكان مليء بالحطام الآيل للسقوط، ويمكن نقل الغزيين لأماكن أخرى ليعيشوا بسلام”.

واستطرد ترامب، متوقعًا أن يتحول قطاع غزة، الذي يضم أكثر من مليوني فلسطيني، بعد أن تسيطر عليه أمريكا، إلى ريفييرا الشرق الأوسط“. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو، قال: ريفييرا الشرق الأوسط.. هذا شيء يمكن أن يكون بالغ الروعة، معربًا عن أمله في إمكانية نقل الفلسطينيين من غزة وإعادة تطويرها تحت ملكية أمريكية طويلة الأمد. كما أضاف أن هذا المشروع سيوفر آلاف الوظائف، ولم يستبعد إمكانية نشر قوات أمريكية لدعم إعادة إعمار غزة.

وتابع قائلاً: أرى وضعية لملكية طويلة الأمد، وأرى أن ذلك سيجلب استقرارًا كبيرًا لهذا الجزء من الشرق الأوسط وربما المنطقة بأسرها، مدعيًا أن كل من تحدثت معه يحب فكرة أن تتملك الولايات المتحدة هذه القطعة من الأرض.


لم يكتفِ ترامب بذلك، بل أصرّ على أن غزة ينبغي ألا يعاد إعمارها وسكنها من قبل أهلها أنفسهم، مشيرًا إلى أن أناسا من جميع أنحاء العالم سيعيشون فيها بعد إعادة تطويرها“. وأضاف: أعتقد أن الملك عبد الله والرئيس السيسي سيقدمان الأرض اللازمة ليعيش فيها شعب غزة بسلام“.

كما تعهد بزيارة غزة، قائلاً: أحب إسرائيل، سأزورها وسأزور غزة والمملكة العربية السعودية وأماكن أخرى في الشرق الأوسط، دون أن يحدد جدولًا زمنيًا.


يبدو أن ترامب يسعى إلى تكرار صفقة القرن، التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، من خلال مشروعه غير القانوني بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول عربية مجاورة مثل مصر والأردن، مستخدمًا لغة غير دبلوماسية صدمت حلفاءه وأربكت حتى خبراء الشرق الأوسط.

ترامب يجهل الكثير عن الشعب الفلسطيني وعن غزة، ولا يهتم بالتاريخ، ولا بصدمات الماضي، ولا بالحروب المتتالية، ولا بارتباط الفلسطينيين بأرضهم وبميراث آبائهم وأجدادهم، أحياءً وأمواتًا. فهو مجرد مقاول عقارات، يرى في غزة كومة من الأنقاض، لا أكثر.


وعليه، نقول لترامب: إن هذا الهذيان وهذه الخطة قد تصلح في لوس أنجلوس أو ميامي أو فلوريدا، ولكن لا يمكن تطبيقها على شعب له وجدان وتاريخ وأصل، مثل الشعب الفلسطيني. والرد الحقيقي على أطروحاته الاستفزازية والمقززة هو بدعم صمود غزة وأهلها، وعدم تركهم للابتزاز الصهيوني.

لذلك، يجب أن تتحول الإدانات الدولية إلى أدوات ضغط حقيقية لمحاسبة ترامب وحلفائه، تزامنًا مع منع تنفيذ هذه المخططات. فالاكتفاء بالاستنكار والإدانات لن يغير شيئًا، بل يجب البناء عليها عبر تحركات سياسية ودبلوماسية مكثفة لعرقلة هذا المخطط الاستعماري.

إذا لم تُطبق الدول العربية والإسلامية قراراتها بالكسر الفعلي للحصار عن غزة، فستظل تصريحاتها مجرد طبخ الحصى، بلا أي قيمة. ولكن، كما أفشل الفلسطينيون كل مخططات التطهير العرقي والتهجير عبر العقود، فإنهم اليوم أيضًا قادرون على إسقاط هذا المخطط.

وليعلم ترامب ونتنياهو والعالم كله أن غزة لأهلها، ولن يغادروها إلا إلى مدنهم وقراهم المحتلة عام 1948.

 

شارك

مقالات ذات صلة