مدونات

حادثة معبرة: أين أخفى نظام الأسد الفنان زكي كورديللو ونجله؟!

يناير 4, 2025

حادثة معبرة: أين أخفى نظام الأسد الفنان زكي كورديللو ونجله؟!

الكاتب: عادل العوفي


بعد انعتاق الشعب السوري من النظام المستبد الجاثم الكاتم على أنفاسه منذ عقود والهبة الشعبية المنتظرة نحو السجون والمعتقلات، حيث أميط اللثام عن مآسي يندى لها الجبين تكشف بجلاء خسة ووضاعة القابضين على زمام الامور في البلد، توالت القصص والحكايات لمن قضى زهرة شبابه تحت أقبية التعذيب ومنهم من قضى نحبه ويصر أهله على معاينة ما بقي من ذكريات وراءهم، حتى لو كانت مجرد صياغة أسمائهم على جدران السجون المتهالكة.


ولعل من القصص التي توجهت لها الأنظار وشخصيا نبشت وبحثت عن الخبر السار المنتظر حولها ولا من أثر لحدود اللحظة ؛ والأمر هنا يتعلق بالفنان زكي كورديللو ونجله مهيار الذي اعتقل بتاريخ الحادي عشر من آب/أغسطس سنة 2012 برفقة شقيق زوجته عادل صادق برازي وصديقه اسماعيل حمودة في مداهمة أمنية لمنزله في العاصمة دمشق ومنذ ذلك التاريخ انقطعت اخبارهم كليا.


و زكي كورديللو فنان مميز له باع طويل في مجال المسرح تحديدا ؛ ويصنف بأنه أحد رواد مسرح “خيال الظل ” وساهم بشكل كبير في حماية هذا الإرث الفني من الاندثار مواصلا على طريق أستاذه الراحل عبد الرزاق الذهبي الذي حمله أمانة حفظه من الضياع حيث طور الدمى والأدوات وأبدع بنصوص جديدة مواكبة للمسرح الحديث ؛ واصر على زكي على نشر هذا التراث بين الاطفال والاجيال الجديدة عبر سلسلة ورشات وعروض متنقلة جاب خلالها القرى والمناطق النائية المنزوية مخلصا لهذا الطريق الصعب الشائك.


 لم يكن زكي مكترثا للأضواء كما يفعل الكثير من زملائه وظل وفيا لرسالته الفنية الصادقة ودفع ثمن إيمانه بمبادئه غاليا بداية من تهميش موهبته الفذة في القطاع الذي يفضي للشهرة والانتشار والمقصود هنا بالطبع التلفزيون حيث اقتصرت مشاركته على ادوار لا تعكس حجم مخزونه المذهل الذي تابعه الجمهور في أب الفنون وحتى على مستوى الدوبلاج.


 وحين اندلعت شرارة الثورة كان من المنطقي لشخصية صريحة لا تحب السكوت عن الظلم الاصطفاف في خندق الحق وعكس العديد من زملائه الذين يحملون لواء ” المشي جنب الحيط ” لم يهادن زكي ولم يخفي قناعاته وانتقد فظاعة الجرائم التي ترتكب بل وانخرط في العمل الانساني بشتى الطرق الممكنة ؛ ومنع من دخول مبنى التلفزيون قبل ان تنقلب حياته رأسا على عقب ويختفي تاركا وراءه زوجة طرقت كل الابواب من اجل الوصول للخبر واحد عن مصير شريك حياتها وفلذة كبدها الذي كان طالبا في المعهد العالي للفنون المسرحية قبل أن تهدم كل الاحلام في وجهه في ليلة واحدة.


المؤكد ان قضية الفنان زكي كورديللو ونجله بحاجة لجهود اعلامية اكبر للبحث عن مصيره المجهول حتى بعد انهيار النظام المجرم ؛ حيث مازال الغموض يكتنفها وعشرات الاسئلة تدور في مخيلة أسرته ومحبيه ؛ هل مازالوا على قيد الحياة أم تم التخلص منهم كما فعلوا مع الآلاف غيرهم في السجون المنتشرة في كل بقاع البلد ؟ كما يتم الاحتفاء اليوم بالفنانين الثائرين في وجه الديكتاتورية وعادوا محمولين على الأكتاف لدمشق ؛ لابد من مضاعفة النداء لمعرفة مصير هذا الفنان المبدع صاحب المواقف المشرفة الذي جاهر بالحقيقة وسط غابة من الوحوش الضاريةولم يغادر تراب بلده وفضل المواجهة وجها لوجه ووضع النقط على الحروف دون مواربة ؛ لذلك وكي تصبح الفرحة فرحتين لابد من إنصاف الرجل وتحويل قضيته قضية رأي عام كي لكشف كل الملابسات وبالتالي إعطاء كل ذي حق حقه.


 ختاما خلال مواكبتي الشخصية للثورة السورية منذ صرخة درعا الاولى وتوثيق حوارات مع شخصيات فنية رفضت الإذعان للظلم هناك الكثير من القصص البطولية الجديرة بأن تروى وتنصف أصحابها الذين كابدوا عراقيل جمة سواء بالخروج من سوريا وحتى التأقلم مع قساوة الغربة وغيرها من التفاصيل الاخرى ؛ وسيأتي الوقت لسردها كليا . بانتظار الخبر المفرح عن الفنان زكي كورديللو وابنه مهيار .


شارك

مقالات ذات صلة