بينما أتأمل قصّة طفل الشهيد (أيمن الجدي) وكيف استشهد والده قبل أن يراه بساعات قليلة، رأيت صورة والده الشهيد وهو يحمل قطعة قماش مزركشة منقوش عليها اسم (عبد الله) ولفتني أنه اختار لمولوده اسم عبد الله سبحان الله، ليستشهد الأب (أيمن) ويشاء الله عز وجلّ أن يكون اسم الطفل المولود (أيمن) ، وأنا أنظر إلى قصة الاسم أدركُ أنّ أسماءنا هي سنام أقدارنا حقيقةً، لذلك كان أول شيءٍ بعد (التكوين الآدمي) لسيّدنا آدم عليه السلام (التكوين الاسميّ) إذا صحَّ التعبير، لذلك قال ربنا عز وجل” وعلّمَ آدمَ الأسماء كلّها”، اسمك يسبقك، ثمّ وكأنّك تُساقُ إليه سوقاً بمشيئتك أو رغماً عنك.
هو إذن من قبل كان اسمه (أيمن)، وكل ما حدث من مجريات قبل ولادته فهي من أجل أنْ يتحقق ما كان مقدراً عليه منذ الأزل.
والحقيقة أنَّ كلَّ حياتنا تسير في هذا المضمار، وتحضرني هنا الآية الكريمة “ذلك تقدير العزيز العليم ” أي أنّ كل نَفَسٍ نتنفسه هو مقدر عند الله عزّوجلّ توقيته ومكانه وسرعته، لكن لفتني بعد كلمة (تقدير) العزيز العليم، وتساءلت لماذا قرن الله عز وجلّ هذين الاسمين بتقديره المحكم؟
كان يمكن أن يكون بدلا من اسمه (العزيز) القادر أو القدير أو النافذ أمره أو المهيمن أو الحكيم وإلخ من الأسماء، وحين تأملت اسم الله عز وجل (العزيز) وجدته يحوي كل الأسماء تلك، ولكن الأسماء الأخرى وأقصد بهذا أي طاقتها المعنوية قد لا تحوي معنى اسم العزيز، فالعزيز هو حتماً قادر وقدير ومقتدر ونافذه أمره ومهيمن وحكيم ، لذلك كان العزيز أعمّ وأشمل وأدقّ، ثم جاء اسم الله (العليم) وأيضاً تساءلت هنا لماذا كان اسم الله عز وجل (العليم) ولم يكن مثلا الحكيم أو الخبير أو البصير أو السميع؟، لأنّ الإنسان في حال شعوره بالظلم إذا كان لديه حبيب أو شخص عزيز أول سؤال يراوده (هل علم فلان بحالي؟ أو هل علم بما حلّ بي؟) فالعليم هنا أي العالم بحالك، فجاء اسم العليم ليهدئ روع أي منزعج من قدرٍ من أقدار الله عز وجل في حياته، ليقول له ذلك تقدير العزيز الذي يعلم كل شيء وبالتالي هو يعلم كل ما جرى لك وبك وعليك، وطالما أنّ كل ما جرى عليك من مقادير هو بتقدير العزيز العالم بك فإنّ ذلك يهّون عليك أعظم المصائب وأقساها، والحمد لله على نوره وقرآنه ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .