يبدأ الفيلم مع رجل متقاعد يذهب إلى البيت الأبيض، ليقابل الرئيس الأمريكي “فرانكلين روزفلت”، ولا نعرف سبب الزيارة، حتى يلتقيان في مكتبه، ويتحدثان معًا.
الرجل هو “جورج إم كوهان”، ويبدأ في سرد قصته للرئيس “روزفلت” وللمشاهدين من خلال العودة إلى الماضي، ونتعرف على طفولته وبدايته كفنان في الفرقة الفنية المسرحية المتألّفة من أسرته: والده “جيري”، ووالدته “نيللي”، وشقيقته “جوسي”.
فيلم “يانكي دودل داندي”، الذي أُنتِجَ في عام 1942، هو واحد من أروع الأفلام الغنائية الاستعراضية على الإطلاق، ومصنّف كواحد من أعظم الأفلام في تاريخ السينما، فهو مبني أساسًا على السيرة الذاتية لـ “جورج إم كوهان”، الذي يُعدّ من أكثر الشخصيات الوطنية المحبوبة.
المخرج “مايكل كورتيز” أخرج هذا الفيلم قبل عام واحد من تحفته السينمائية “Casablanca”، وهما بالفعل أجمل فيلمين له على امتداد مسيرته، فقد كان الأمر مدهشًا ومذهلًا أن أشاهد فيلمًا أُنتِج قبل أكثر من 8 عقود من الزمن، ويكون بهذه الحرفية العالية في طريقة التنفيذ والسرد.
النص السينمائي الذي كتبه “روبرت باكنر” مع زميله إدموند جوزيف” كان مُحكمًا ومستوفيًا لشخصيته الرئيسية، والأشخاص والأحداث والأزمان التي عاصرها، بالرغم من تغيير بعض الوقائع أو تجاهلها للضرورة الدرامية، وأيضًا لإضافة المزيد من الإثارة للفيلم، لدرجة أنّ “جورجيت”، ابنة “جورج إم كوهان” علّقت بعد مشاهدة الفيلم قائلةً: “هذه هي الحياة تمامًا التي سيتمنّى أبي أن يعيشها”.
رغم تدهور صحته، عمِلَ “جورج إم كوهان” الحقيقي لفترة وجيزة كمستشار في الفيلم، وعاش بما يكفي للاطّلاع على النتيجة النهائية، حيث شاهد الفيلم في عرضٍ خاص قبل عرضه الرسمي، وكان راضيًا على طريقة تجسيد شخصيته وبقية الأحداث في القصة، وأثنى عن أداء الممثل “جيمس كاغني”، وبعد عرض الفيلم بـ 5 أشهر توفّي “جورج إم كوهان” الحقيقي، وهو في سن 64 عامًا.
والجدير بالذكر أنّ المونتاج كان متقنًا في التنقّل بين الماضي والحاضر، ولا أنسى الموسيقى التصويرية لـ “راي هيندروف” و”هاينز رومهيلد” والأغاني الخلّابة ومواقع التصوير والأزياء، والمستوى الفني المبهر بشكل عام.
“جيمس كاغني” هو ليس مغنّيًا وليس راقصاً، ولكنه ممثل مبدع بما فيه الكفاية لكي يغني ويرقص ويبهرنا كمشاهدين بما يؤهله ليكون أول ممثل يحقق الفوز بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل في فيلم غنائي استعراضي، وقد استحقها بكل تأكيد.
فاز الفيلم أيضًا بجائزتَيْن أخرَيَتَيْن، لأفضل موسيقى تصويرية وأفضل تحرير صوتي، وترشّح لـ 5 جوائز أخرى، لأفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل نص سينمائي أصلي وأفضل مونتاج وأفضل ممثل مساعد “والتر هيوستن”، الذي أدى شخصية الأب “جيري” بشكل رائع.
بقية الممثلين أبدعوا في أداء شخصياتهم، بمن فيهم: “جون ليسلي” بشخصية “ماري”، و”روزماري ديكامب” بشخصية الأم “نيللي”، و”جين كاغني” بشخصية “جوسي”، والتي هي الواقع شقيقة “جيمس كاغني” الحقيقية، وفي الفيلم تؤدي شخصية شقيقته أيضًا.
لقد استمتعت كثيرًا بمشاهدة هذا الفيلم المنعش بمعنى الكلمة، لأنه يدور حول شخص محبوب وفنان موهوب، ينتمي لأسرة مثالية ورائعة، ونرى الانسجام والوئام بينهم، وكيف انعكس ذلك على المجتمع وعلينا كمشاهدين. إنه حقًّا فيلمٌ نادر ورائع وظريف وممتع ومؤثر.