فنون

فيلم فائز بـ 8 جوائز أوسكار، ومنها لأفضل فيلم: My Fair Lady

سبتمبر 7, 2024

فيلم فائز بـ 8 جوائز أوسكار، ومنها لأفضل فيلم: My Fair Lady

الفيلم العظيم “My Fair Lady” أو “سيّدتي الجميلة” الذي أُنتِج في عام 1964 هو من إخراج “جورج كيوكور”، وقد قام “ألان جاي ليرنر” بكتابة النص السينمائي والأغاني بعد أن اقتبسه من مسرحيته الموسيقية التي تحمل نفس الاسم، وهي أساسًا مبنية على مسرحية “بيجماليون” الشهيرة للكاتب الإيرلندي الساخر “جورج برنارد شو”، وهي أسطورة إغريقية حول النحّات “بيجماليون” الذي صنع تمثالًا، ثم وقع في حبّه حتى كاد يموت من الحب.

 

عقدة “بيجماليون” هي عقدة أي شخص يصنع شيئًا ثم يعشقه. هذا هو المحور الرئيسي لجميع الأعمال التي اعتمدت على النص الاصلي. إنّها قصّة قوية بما يكفي لاحتضانها في جميع العصور، فقد بدأت كأسطورة إغريقية تُروى في العصر الإليزابيثي والفيكتوري، حتى تشكّلت كليّاً مع “جورج برنارد شو” بتحليله الدقيق للنظام الطبقي البريطاني.

 

القصة تتمحور أحداثها مع شخصيتين رئيسيتين: البروفيسور “هنري هيغينز” الذي يعتقد بأنّ هناك جريمة شنعاء تُرتكب ضد اللغة الإنجليزية يوميًّا، والفتاة الفقيرة “إلايزا دوليتل” التي تبيع الأزهار في الشوارع.إنها تتحدّث الإنجليزية بأبشع صورة، وتستبدل الكثير من الحروف مما يجعل للكلمات معانٍ مختلفة ومتناقضة أحيانًا. تطلب “إلايزا” من البروفيسور أن يعلّمها طريقة النطق الصحيح، فيقبل بالتحدّي الذي يبدو مستحيلًا بتعليمها وجعلها سيّدة راقية في المجتمع، ويتراهن على ذلك مع صديقه الكولونيل “هيو بيكيرينغ”.

 

مسرحية “بيجماليون” عُرِضت لأول مرة على خشبة المسرح في عام 1913 في النمسا، وبعدها بعام انطلقت عروضها في بريطانيا وحقّقت نجاحًا كبيرًا، وخلال الأعوام اللاحقة تم اقتباس المسرحية إلى عدّة أفلام سينمائية في عدّة دول مثل ألمانيا والسويد وهولندا وروسيا وتركيا والهند، وأيضًا بريطانيا مع أشهر وأنجح فيلم بينهم، وتم إنتاجه في عام 1938، وتولّى “جورج برنارد شو” نفسه اقتباس نصّه المسرحي إلى نص سينمائي، ونال عنه جائزة الأوسكار كأفضل نص سينمائي، وترشّح الفيلم لـ 3 جوائز أخرى، لأفضل فيلم وأفضل ممثل “ليزلي هاورد” وأفضل ممثلة “ويندي هيلر”.

 

قام “ألان جاي ليرنر” بإحياء المسرحية مجدّدًا في عام 1956، وتحويلها إلى مسرحية موسيقية غنائية، انطلقت من بريطانيا ومن ثم أمريكا ودول أخرى، بآلاف العروض، التي استمّرت منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا، ولا يزال الجمهور متعطّشًا لمشاهدتها بكل شغف.

 

المسرحية شهدت انطلاقة الفنانة المخضرمة “جولي أندروز” التي أدّت شخصية “إلايزا دوليتل” كممثلة ومغنية، وبجانبها الفنان “ريكس هاريسون” بشخصية البروفيسور “هنري هيغينز”، وقد فازت المسرحية بـ 6 جوائز توني، ومنها لأفضل مسرحية غنائية. حين أُعلِن عن إنتاج النسخة السينمائية من المسرحية بعدها بأعوام، قرّر المنتجون اختيار “ريكس هاريسون” ليؤدي شخصية البروفيسور ذاتها في الفيلم، ولكن تم استبعاد “جولي أندروز” باعتبارها ممثلة غير مشهورة آنذاك، وخاصّةً أنها لم تشارك في أي فيلم سينمائي قبل ذلك.

 

تم اختيار الفنانة “أودري هيبورن”، التي تُعتَبَر أجمل وأبرز ممثلات جيلها في هوليوود، وبالفعل هي ممثلة مبدعة وقدّمت أداءً مبهرًا كممثلة بشخصية “إلايزا دوليتل”، ولكنّها لم تؤدّي الأغاني بصوتها، بل تمّت دبلجة صوتها من قِبَل المغنية “مارني نيكسون”، فـ “أودري هيبورن” كانت تمتلك صوتًا جميلًا، ولكن ليس قوّيًا ولافِتًا لدرجة الغناء الاحترافي.

 

ذلك القرار أثار استياء بعض النقّاد والجمهور، حيث فضّلوا لم تمّ إسناد الشخصية لـ “جولي أندروز” لكونها متمكنة من التمثيل والغناء على أكمل وجه كما رآها الجميع في المسرحية، ولكن مع ذلك قد يكون ما حدث في صالح “جولي أندروز”، فقد تم اختيارها من قِبَل المنتج “والت ديزني” نفسه لأداء شخصية البطولة في فيلم “Mary Poppins” في نفس العام، وقد فازت بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، في فيلمها السينمائي الأول على الإطلاق، بينما “أودري هيبورن” لم تنل ترشيحًا كممثلة عن أدائها في الفيلم.

 

بينما فاز الفيلم بـ 8 جوائز أوسكار، لأفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل ممثل “ريكس هاريسون” وأفضل موسيقى تصويرية وأفضل تصوير وأفضل تصميم مواقع وأفضل تصميم أزياء وأفضل تحرير صوتي، وترشّح لـ 4 جوائز أخرى لأفضل نص سينمائي مقتبس وأفضل مونتاج وأفضل ممثل مساعد “ستانلي هولووي” الذي أبدع في شخصية “ألفريد بي دوليتل” والد “إلايزا”، وأفضل ممثلة مساعدة “غلاديز كوبر” التي أبدعت أيضًا في أداء شخصية السيدة “هيغينز” والدة البروفيسور. نجح الفيلم كذلك في شبّاك التذاكر الأمريكية بإيرادات تزيد عن 72 مليون دولار، رغم أن ميزانية إنتاجه بلغت 17 مليون دولار فقط.

 

“أودري هيبورن” و”ريكس هاريسون” كانا ثنائيًّا رائعًا في الفيلم، ومَشاهد مَشاهد تعليم “إلايزا” كانت تمثل عذابًا حقيقيًّا لها وللبروفيسور، ولكنّها متعة حقيقية للمُشاهد. الأغاني أحيانًا تكون رومانسية أو هزلية أو فلسفية، وجميعها رائعة. الحوارات بليغة وظريفة وتحمل معانٍ عميقة. القصّة تدعو للتحرّر من الجهل وإدراك قيمة النفس البشرية. الفيلم تحفة بصرية مذهلة في الإخراج والتصوير والموسيقى وتصميم المواقع والأزياء. إنه من أروع ما شاهدت في حياتي على الإطلاق.

شارك

مقالات ذات صلة