مدونات
حاولتُ مرارًا أن أختارَ نقطة البداية لما سأكتبهُ هنا، أو أن ابتكرَ أسلوبًا يحددُ تلكَ المقدمة الأولى -كالعادة- ولكن في مثلِ هذهِ المواضيع، ستجدُ أنَ أصابعكَ هيَ التي تأخذُ زمامَ الأمور، ترسم الكلمات وتنسجُ الأفكار التي تتلاطمُ في ذهنكَ. لن تجدَ سوى مشاعركَ المتناثرة هنا وهناكَ، تُجسد بعضٌ من أفراحك وأخرى من أحزانك، وهي تحاولُ وصفَ تلكَ المواقف التي شكَّلت مسارَ حياتك ربما الآن أنت إنسان متبلد المشاعر وبأحاسيس مبعثرة، وقلب قلق متردِّد من تعدُّد الصَّفعات، يحاول مرارًا أن ينجو بنفسه من بين كلِّ هذا البؤس والبحث جاهدًا لخلق فرص جيِّدة وحياة خالية من المشاكل أو التَّعايش بالقدر الكافي مع معطيات الواقع، هل تتفق معي أنكَ كلَّما بحثت داخليًّا عن ذلك الإنسان الذي يحاول أن يكون، أو أن يصبح يومًا ذا بصّمة واضحة في المجتمع، وَجدت أنّ كُلَ ما يُحيط بك يُخبرك ألا تستمر، وأنّ ما هو آتٍ أكثر ثِقْلًا مِمّا قد سبق؟!
لِذلك يهمس لك صوتك الداخلي “دعك مِنهم واجلِس في البيْتِ بعيدًا عن تِلك الأصوات، وعِش ما تبقى من لحظات عُمرك الجميلة ولا تنظر خلفك أبدًا” لماذا قد يحدث كلُّ ذلك معك؟ دعني أخبرك شيئًا صغيرًا في البداية، أنت لم تخلق عبثًا، وكلَّ ما أنت عليه الآن هو مكتوب لك، أمَّا ما يحدث معك فهو نتيجة طبيعيَّة لأشخاص يعيشون على مبدأ خداع الآخرين، وهذا ربما يعتبر أسلوبًا منطقيًّا ممنهجًا حتَّى يكون على هيئة عقاب جماعي، لا بدَّ أن يحدث يومًا ما!
إن ما تواجهه هو عبارة عن أخطاء ارتكبتها أنت أو غيرك، وكان العقاب هو الوسيلة الوحيدة لتصليح ذاتك وسلوكك من جديد، حتَّى تتناسب – فعليًّا – مع ما خلقت لأجله وهو العبادة. إذن يجب أن ندرك أنَّ الحياة ليست مجرَّد مجموعة من الأحداث العشوائية التي نتعرض لها دون سبب! بل هي سلسلة من التجارب التي تتداخل فيها العوامل الدَّاخليَّة والخارجيَّة، لنشكِّل منها مسارنا الشخصيّ، وأننا لسنا مجرد أفراد نعبر في هذا العالم، بل نحن كائنات تبحث عن معنى وغاية الوجود، نحن نحاول أن نفهم من نحن، وما هو دورنا في هذه الحياة، وكيف يمكننا أن نعيش بسلامً وسعادة!
هل مررت سابقًا في تجربة صعبة؟! نعم شعرت بأنَّ لا أحد يفهم ما تمرُّ به! وبأنك وحدك في هذا العالم، لكن الحقيقة هي أنَّ الجميع يواجهون صعوباتهم الخاصَّة، كل شخص لديه معركته التي يخوضها بصمت! أمّا الشُّعور بالوحدة واليأس هو جزءًا من هذه التَّجربة، لكن يجب عليك أن تعرف بأن هناك دائمًا من يمرُّ بتجربة مشابهة لك، والجميع لديهم المشاكل بلا استثناء.
إنَّ التحديات والصُّعوبات التي نواجها ليست سوى جزء من هذه الرِّحلة وهي اختبار لقوَّتنا وصبرنا وإرادتنا على الإستمرار! الحياة لا تأتي دائمًا بسهولة، وغالبًا ما نجد أنفسنا نواجه عوائق كبيرة تبدو مستحيلةً التَّجاوز، بينما في الحقيقة هذه العوائق هي التي تشكِّلنا وتصقل شخصيَّاتنا في المستقبل.
هل تتذكر تلك المشاكل التي كانت تؤرقك قبل 5 سنوات؟ كيف كانت تملأك بالخوف، وكيف شعرت باليأس والعجز أمامها؟ ربما كنت تظن في تلك اللحظات أنها نهاية العالم، وأنك لن تتمكن أبدًا من تجاوزها. الآن، بعد مرور كل هذا الوقت، كيف تراها؟ أليست تلك المشاكل تبدو لك تافهة -إن صح التعبير- مع ما شعرت به حينها! قد تبتسم عندما تتذكرها، وتدرك أنها لم تكن تستحق كل تلك المعاناة، بل ربما تشعر بالسخرية من نفسك لأنك كنت تعتقد أن تجاوزها مستحيل.
الحياة دائمًا ما تقدم لنا تحديات نراها ضخمة في حينها، لكن الزمن يكشف لنا أننا أقوى مما نعتقد، وأن كل مشكلة مهما بدت صعبة، يمكن تجاوزها بالصّبر والإرادة ومن خلال تلك التجارب، نصبح أكثر حكمة وقدرة على التعامل مع الصعاب التي قد تواجهنا فيما بعد.
وفي غمارِ كل ذلك، يجب أن نكون طيِّبين مع أنفسنا، يجب أن نسمح لأنفسنا بالخطأ والتَّعلُّم منه، يجب أن نتقبَّل أن نكون بشرًا، بضعفنا وقوَّتنا. لا يوجد شخص كامل، ولكن في محاولة فهم أنفسنا والعالم من حولنا، نجد السَّلام والرِّضا، نجد أنَّ الجميع يحاولون بطريقتهم الخاصَّة أن يجدوا طريقهم في هذه الحياة، قد لا نجد الحلول التي نبحث عنها، ولكن سنجد القوَّة والإلهام لمواصلة الطَّريق.