مدونات

جدل الكهرباء.. بين الدخل والإنفاق

نوفمبر 4, 2025

جدل الكهرباء.. بين الدخل والإنفاق

عبد الله بشار تركماني

شهدت الأيام الأخيرة جدلاً واسعاً بعد الإعلان عن رفع سعر التغذية الكهربائية في البلاد، بين من يرى الخطوة ضرورة اقتصادية لتغطية تكاليف الإنتاج وضمان استمرارية الخدمة، وبين من يعتبرها عبئاً إضافياً على المواطن، لا سيّما في ظل تدني مستويات الدخل وغلاء المعيشة.

الرافضون: الدخل لا يتحمّل المزيد

يرى المعترضون أنّ رفع الأسعار بهذا الشكل المفاجئ وغير التدريجي يزيد الضغط على الأسر، خصوصاً تلك ذات الدخل المحدود، التي بالكاد تؤمن احتياجاتها الأساسية. ويؤكد كثيرون أنّ الخطوة كان يجب أن تكون تدريجية ومدروسة، تراعي الشرائح الاجتماعية المختلفة وتُهيئ السوق قبل تنفيذها، لا أن تأتي دفعة واحدة.

كما يشير مواطنون إلى أنّ رفع الأسعار لا يرافقه تحسّن ملموس في جودة التغذية الكهربائية أو استقرارها، وهو ما يجعلهم يعتبرون الرفع غير مبرّر من وجهة نظرهم.

المؤيدون: خطوة نحو التوازن والاستدامة.

في المقابل، يرى المؤيدون أنّ الرفع كان خطوة لا مفرّ منها بعد سنوات من الدعم الكبير لقطاع الكهرباء، وما شكّله ذلك من عبءٍ على الموازنة العامة. ويشيرون إلى أنّ الأسعار القديمة لم تعد تغطي جزءاً بسيطاً من كلفة الإنتاج، خصوصاً مع ارتفاع أسعار الوقود ومواد الصيانة.

ويعتبر هؤلاء أنّ تصحيح التعرفة، ولو جزئياً، قد يسهم في تحسين الخدمة وتخفيف الانقطاعات على المدى الطويل، إذا ما ترافق مع إدارة رشيدة للقطاع ومكافحة الهدر.

بين الدخل والرفع… ضرورة التوازن.

يبقى جوهر النقاش مرتبطاً بمستوى الدخل العام للمواطن، إذ لا يمكن النظر إلى رفع الأسعار بمعزلٍ عن القدرة الشرائية. فرفع الأسعار دون تعديل الأجور يعني اتساع الفجوة المعيشية وازدياد الضغط الاقتصادي على معظم الشرائح.

من هنا، يرى مراقبون أنّ أيّ تعديل في تسعيرة الكهرباء يجب أن يترافق مع إعادة نظر شاملة في الأجور والتعويضات في مختلف القطاعات، بما يحقّق نوعاً من التوازن بين ما يدفعه المواطن وما يتقاضاه.

تدريجية الرفع… مطلب واقعي.

يتفق كثير من الاقتصاديين على أن التدرج في رفع الأسعار كان الخيار الأنسب، سواء من حيث تقبّل الناس للقرار أو من ناحية الأثر الاقتصادي العام. فالتغييرات المفاجئة غالباً ما تخلق حالة من الارتباك والرفض، بينما يسمح الرفع المرحلي بتهيئة السوق والمستهلك تدريجياً، ويخفّف الصدمة الاقتصادية والاجتماعية.

الطاقة البديلة… خيار أوفر للمستقبل.

وفي ظل ارتفاع أسعار الكهرباء، بدأت تتجه الأنظار نحو مشاريع الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية والرياح، والتي باتت تمثّل خياراً أكثر استدامة وربما أوفر على المدى البعيد، سواء للأفراد أو للمؤسسات.

ويؤكد مختصون أنّ دعم هذا النوع من المشاريع وتشجيع الاستثمار فيه قد يكون خطوة استراتيجية تخفّف الضغط عن الشبكة العامة وتفتح آفاقاً اقتصادية جديدة.

من منظورٍ شخصي، قد يكون هناك إعادة لدراسة تسعيرة الكهرباء خلال الفترة القادمة، وربما إمكانية لتخفيضها أو تعديلها بشكلٍ يراعي الظروف المعيشية للمواطنين، إذا ما تحسّنت ظروف الإنتاج أو توفرت بدائل تسهم في تخفيف الكلفة العامة للطاقة.

شارك

مقالات ذات صلة