فنون
في عام 1994 رأى الكاتب “روبرت رودات” نصبًا تذكاريًّا مخصّصًا لـ 4 إخوة من عائلة “أليسون” في منطقة بورْت كارْبون بولاية بنسلفانيا، حيث لقي الإخوة الأربعة مصرعهم في الحرب الأهلية الأمريكية، وحالًا راودته فكرة كتابة نصٍ سينمائي لقصة مماثلة تدور أحداثها خلال الحرب العالمية الثانية، ومن مصادر إلهامه أيضًا في كتابة النص قصة الإخوة الأربعة من عائلة “نيلانْد” الذين كانوا جنودًا في الحرب.
بعد انتهائه من كتابة النص قام “روبرت رودات” بعرضه على المنتج “مارْك غورْدِن”، الذي سلّمه بعد ذلك إلى الممثل “توم هانْكس”، حتى وصل إلى المخرج “ستيفِن سبيلْبيرْغ”، الذي قرّر تولّي مهمّة إخراجه وإنتاجه.
“Saving Private Ryan” أو “إنقاذ الجندي رايِن” هو فيلم دراما حربي رائع ومدهش، من إنتاج عام 1998، وتبدأ أحداثه في شاطئ أوماها بفرنسا المحتّلة من ألمانيا النازيّة خلال غزو نورمانْدي في شهر يونيو بعام 1944 مع الكتيبة الثانية من القوّات الأمريكية التي يقودها النقيب “ميلِر”، وخلال المعركة يُقتَل جُنديّان شقيقان، وفي وقت سابق يُقتل الشقيق الثالث.
من المقرّر أن تتلقّى السيّدة “رايِن” 3 برقيات في نفس اليوم تخطرها بمقتل 3 من أبنائها، ولكن لأهداف دعائية لرفع معنويات الشعب يقوم قائد الجيش الأمريكي بإطلاق مهمّة إنقاذ الجندي “رايِن”، وهو الابن الرابع للسيّدة “رايِن”، حيث يتم تكليف النقيب “ميلِر” وكتيبته بالبحث عن الجندي “رايِن” وإعادته إلى والدته في الوطن، حتى لا تضطر لتلقّي برقية رابعة.
الفيلم ليس كبقية الأفلام الحربية الاعتيادية، فهو يرصد الحرب من موقع الحدث طوال مدّة عرضه تقريبًا، بكامل الصخب والوحشية والدموية، عبر مَشاهِد عنيفة ومؤلمة يصعب تحمّلها، ورغم ذلك الفيلم فلسفي وعميق في طريقة سرده، بنقل أفكاره عبر مشاعر الشخصيات، وليس حواراتهم.
الفيلم من بطولة “توم هانْكس” بشخصية النقيب “ميلِر”، و”مات ديمون” بشخصية الجندي “رايِن”، و”توم سايْزْمور” بشخصية الرقيب “هورْفاث”، و”إدوارد بِرْنْز” بشخصية الجندي “ريبن”، بمشاركة طاقم هائل من الممثلين، ومن بينهم: “جيوفاني ريبيسي” و”فِن ديزِل” و”تِد دانْسون” و”بول جياماتي” و”برايِن كرانْسْتون”، وقد قدّموا جميعهم أداءً جميلًا.
بلغت ميزانية إنتاج الفيلم 70 مليون دولار، وقد حقّق نجاحًا ساحقًا، ليكون الفيلم الأكثر تحقيقًا للإيرادات في أمريكا في عام 1998، ووصلت حصيلة إيراداته في شبّاك التذاكر في أمريكا وبقية دول العالم إلى نحو 483 مليون دولار، رغم أنّ الفيلم مصنّف للكبار ومُنِعَ من العرض في بعض الدول بسبب مشاهد الحرب الدموية العنيفة.
فاز الفيلم بـ 5 جوائز أوسكار، لأفضل إخراج لـ “ستيفِن سبيلْبيرْغ” وأفضل تصوير وأفضل مونتاج وأفضل تحرير صوتي وأفضل مؤثرات صوتية، وترشح لـ 6 جوائز أخرى، لأفضل فيلم وأفضل نص سينمائي أصلي لـ “روبِرْت رودات” وأفضل ممثل “توم هانْكس” وأفضل موسيقى تصويرية لـ “جون ولْيامْز” وأفضل تصميم مواقع وأفضل مكياج.
أثناء التحضير للفيلم أراد “ستيفِن سبيلْبيرْغ” اختيار ممثلٍ غير معروف لأداء شخصية الجندي “رايِن”، ووقع الاختيار على “مات ديمون”، الذي كان ممثّلًا واعدًا في بداية مسيرته ويحضّر للمشاركة كممثل في فيلم “Good Will Hunting” الذي قام بكتابة نصّه السينمائي مع زميله “بن أفْليك” في عام 1997.
وحدثت المفاجأة غير المتوقعة بنجاح ذلك الفيلم على المستوى النقدي والتجاري واكتساحه ترشيحات الأوسكار وفوز “مات ديمون” بجائزة أفضل نص سينمائي أصلي، ليصبح ممثلًا وكاتبًا مشهورًا في هوليوود بين عشيّة وضحاها قبل أشهر قليلة من صدور فيلمه الجديد القادم “Saving Private Ryan”.
أصدر “ستيفِن سبيلْبيرْغ” تعميمًا إلى جميع السينمات في أمريكا بعدم السماح لأي شخص بالدخول إلى القاعة بعد بدء عرض الفيلم، تمامًا مثل ما فعل المخرج “ألفريد هيتشكوك” مع عرض الفيلم الأشهر في مسيرته “Psycho” في عام 1960.
يحظى الفيلم بشعبية هائلة جدًّا لدى النقّاد والجمهور، ويعتبرونه واحدًا من أفضل الأفلام الحربية في تاريخ السينما، وهو اليوم يحتلّ مركزًا متقدّمًا في قائمة أفضل 250 فيلمًا في موقع imdb حسب تصويت الجمهور.