مجتمع

الطلاب السوريون في الخارج.. بين تحديات الغربة وحلم العودة

سبتمبر 14, 2025

الطلاب السوريون في الخارج.. بين تحديات الغربة وحلم العودة

الكاتب: أحمد الضاهر

 

 

تتزايد التحديات التي يواجهها الطلاب السوريون في بلاد المهجر، مما يلقي بظلاله على مسارهم الأكاديمي ويدفعهم للبحث عن حلول جذرية. وفي خضم هذه الظروف، تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة فتح قنوات رسمية مع وزارة التعليم العالي في سوريا، بهدف تمكينهم من العودة إلى مقاعد الدراسة في جامعاتهم الوطنية. لا لإنقاذ مستقبلهم الدراسي فقط، بل للمساهمة في إعادة بناء وطنهم.

 

 

واقع الطلاب في تركيا: تكاليف متصاعدة ورغبة في العودة

تُعدّ تركيا وجهة رئيسية للسوريين. وتشير إحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) إلى أن عدد الطلاب السوريين في الجامعات التركية يُقدّر بنحو 65 ألف طالب، من بينهم نحو 4 آلاف طالب يستفيدون من المنح الدراسية.

 

تتمثل العقبة الأبرز التي تواجه هؤلاء الطلاب في ارتفاع الرسوم الدراسية بشكل غير مسبوق، سواء في الجامعات الخاصة أو الحكومية. ففي الجامعات الحكومية، ارتفعت الرسوم بشكل ملحوظ، مما أضاف عبئاً مالياً جديداً. وفي الجامعات الخاصة، تتراوح التكاليف السنوية بين 2,500 و25,000 دولار أمريكي، وقد تتجاوز 50,000 دولار في كليات الطب. يضاف إلى ذلك تكاليف المعيشة التي تتراوح بين 350 و700 دولار شهرياً، مما يجعل استمرارهم في الدراسة أمراً بالغ الصعوبة.

 

 

تُسلط قصص الطلاب الضوء على هذه المعاناة، حيث يجدون أنفسهم مضطرين للعمل لساعات طويلة أو التوقف عن الدراسة. ويروي الطالب محمد علي الذي يدرس الهندسة في جامعة تركية: “لقد ارتفع قسطي الجامعي بشكل جنوني في عام واحد فقط، من مبلغ رمزي إلى ما يقارب الألف دولار. هذا الفارق جعل من المستحيل على عائلتي تأمينه.”

 

تُضاف إلى الأعباء المادية ظروف شخصية معقدة. فبعض الطلاب يجدون أنفسهم وحيدين في تركيا بعد أن عادت عائلاتهم إلى سوريا، مما يُضاعف من شعورهم بالوحدة ويزيد عبء تكاليف المعيشة عليهم. وهذا الوضع يُعزز رغبتهم الملحة في العودة لإكمال دراستهم في الجامعات السورية، حيث يُمكنهم العيش مجدداً مع عائلاتهم.

 

مطالب مشتركة ورؤية وطنية

تُجمع مطالب الطلاب السوريين في الخارج على ضرورة إيجاد حلول عملية وسريعة. فهم يطالبون بوضع آليات مرنة تُتيح لهم الالتحاق بالجامعات السورية أو استكمال دراستهم فيها، إضافة إلى اعتماد إجراءات شفافة وسريعة لمعادلة المواد والسنوات التي أكملوها. كما يؤكدون على ضرورة النظر في ظروفهم الخاصة وتقديم حلول استثنائية لمواجهة الإجراءات البيروقراطية.

 

الرد الحكومي السوري

 صدرت قرارات من وزارة التعليم العالي السورية تستجيب جزئياً لبعض مطالب الطلاب. كان أبرزها القرار رقم 95/2024 الذي سمح للطلاب الجامعيين السوريين المنقطعين منذ عام 2011 بالعودة إلى جامعاتهم، مع الاحتفاظ برسوم التسجيل المُعتمدة وقت انقطاعهم، وطيّ العقوبات الجامعية السابقة، شرط تقديم تعهّد خطي بعدم التخرج من جامعة أخرى. كما صدر تعميم تنفيذي مطلع عام 2025 مدّد مهلة استقبال الطلبات حتى نهاية نيسان/ أبريل 2025.

 

ورغم أن هذه الخطوة تُعتبر مؤشراً إيجابياً على رغبة الحكومة في معالجة أوضاع الطلاب، إلا أنها لم تلبّ جوهر مطالب شريحة واسعة من الطلاب السوريين في الخارج. إذ لم تتناول بشكل كامل مسألة معادلة الشهادات والسنوات الدراسية التي قضوها في الجامعات الأجنبية، ولم تطرح حلولاً جذرية للتحديات المالية أو آليات تسجيل مرنة تراعي أوضاعهم المعقدة.

 

يؤمن الطلاب السوريون بأن عودتهم إلى مقاعد الدراسة في وطنهم لا تقتصر على إنقاذ مستقبلهم الشخصي، بل هي خطوة استراتيجية نحو المساهمة في إعادة إعمار البلاد بالعلم والخبرة. فهم يمثلون ثروة وطنية يمكنها أن تُساهم في سد النقص في القطاعات الحيوية، وخاصةً في التخصصات العلمية والطبية، وهو ما يُعزّز من إمكانات البلاد في مرحلة إعادة البناء.

شارك

مقالات ذات صلة