تأملات

السلام على يومٍ وُلِدتَ فيه يا خيرً خلق الله

سبتمبر 5, 2025

السلام على يومٍ وُلِدتَ فيه يا خيرً خلق الله

ليس الثاني عشر من ربيع الأول يومًا عاديًّا، كما أنّك لم تكن رجلًا عاديًّا أبدًا، يومٌ تُوْلَدُ فيه فتُخْمَدُ نار فارس، وتحيط بمكة سحابة من نور، يليق بقدومك أن تنطفئ النار، ويخفت الشر، وتنتشر الرحمة، وتظلّلَ سحابةُِ الرحمة الأرض والسماء، يا خير خلق الله في البشريّة جمعاء.

 

السلام على يومٍ وُلِدْتَ فيه، فأشرق اللطف وتعالى النُبل، فكرهتُ كُلَّ فعلٍ لا يشوبه اللين، وكلَّ مجلسٍ تملؤه الغيبة، وكلَّ قولٍ يخلو من حسنِ الظنِّ بالله، وكلَّ نظرةٍ يرمقها الاستهزاء، وكلَّ مشهدٍ فيه غلظة، وكلَّ عطاءٍ يفسدهُ الرّياء، وكلَّ يدٍ بخيلة، وكلَّ قلبٍ مظلمٍ بالحقدِ لا يستطيع الغفران، وكلَّ متذمرٍ لا يملُّ الشكوى، عاجزًا عن الشرب من معين الرضا والتأسّي بتعاليمك أيها النبيّ العدنان.

 

السلام على يومٍ وُلِدْتَ فيه، فأصبحت المرأةُ أيقونةً للريادة، والحكمة، والحبّ، والرزق، فنقلتها من الوأد ظلمًا إلى الوصاية عليها إكرامًا وتقديرًا ورفعةً يا حبيبي، وأشهدتنا على أنّ صوتها مسموع عند الله عزّ وجلّ حين نزلت آية (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ)، فلا يحقّ لأحدٍ أنْ يُسْكِتَه.

 

السلام على يومٍ وُلِدْتَ فيه، فنأينا عن سُكْرِ الجوارح بالخمر، إلى سُكْرِ القلبِ بالمحبّة والوداد والرحمات، في محبة الله عزوجل ومحبتك ومحبة آل البيت والصحابة والأولياء والشهداء والصالحين.

 

السلام على يومٍ وُلِدْتَ فيه، فانقشعَ عن عيوننا حجابُ التعلّق بكلّ شيءٍ سوى الله وسواك، فكلُّ تعلّقٍ دنيويٍّ زائل، وكلُّ تعلّقٍ مدده الرحمن عزّوجلّ خالد.

 

السلام عليكَ سلامّا خالدًا من عالمِ الملك إلى الملكوت، ومن غزّةَ المخذولةِ إلى المدينة، ومن قبابنا المقصوفة إلى قُبّتكَ الخضراء، ومن قلبي المجروحِ إلى رحابِ قلبك الطبيب المداوي المتسّع الساجد في شهود ربوبية الله عزّوجلّ ووحدانيته.

 

السلام على أمّكَ السيّدة آمنة، وقد حملتْ في رحمها نور الأنوار، فأنجبت لنا خاتم الأنبياء، وأعظمهم قدرًا عند الله، والسلامُ على أبيك عبد الله وقد جاء من صلبه سيّد السادات وأرحم العباد بالمخلوقات، الرؤوف الرحيم بالمؤمنين والمؤمنات في كل زمانٍ من ماض وحاضرٍ وآت.

 

السلام على وجهك الدريّ ما فارق قلبي قيد أنملة، على مسكك العطريّ وما فارق هوائي ثانية، ولا استطاع الاحتلال أنْ يسلبه من روحي ولا أنفاسي، بل كلّما ضاقت البسيطة بنا بما رحبت، اتّسعت لنا محبتك ووَسَّعَتْ مساحةَ التراب، وأخرجت لنا الماء، وخفضتْ لنا جناحَ الرضا بحسنِ الظنّ بالله عزّ وجلّ.

 

السلامُ على يدكَ الشريفة التي سبّحت فيها الحصى، ونبع منها الماء، وأشفت المريض، وداوت القلب العليل، وأعادت النور إلى الأرواح التائهة، فكشفت عن عيوننا غشاوة الجهل، وحجب الكِبْر.

 

السلام على السيّدة خديجة، تزمّلك فيتوقف ارتجافنا، تؤيدك بكلماتها فيهدأ روعنا، تبشّرك فنستبشر، السلام عليها وهي تداوينا بعبارتها الخالدة لك يا رسول الله (أَبْشِرْ، فواللهِ لا يُخْزِيكَ اللهُ أبدا، فوالله إنَّكَ لَتَصِلُ الرحِم، وتصدُق الحديث، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْف، وتُعِين على نَوَائِبِ الحقِّ)

وأتمنى لو أطوف بها على مَنْ احتسب وصبر من أهل غزّة فردًا فردًا، أقول لهم أبشروا، والله لا يخزينا الله أبدًا، والله لا يخزي الله عباده المحتسبين الصابرين المرابطين أبدًا، حاشاه أن يفعل ذلك.

 

السلام على أول من افتداك بنفسه، سيّدي عليّ بن أبي طالب، الكرّار الذي بشّرتَهُ بخصوصيّةِ المحبّة من الله عزوجل ومنك، فاتح باب خيبر، زوج ريحانتك سيدتي فاطمة الزهراء، ووالد سيّدَي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين عليهما السلام.

 

السلام على سيدي أبوبكر الصديق، خليلك الأبهى، صاحبك الأزهى، رفيقك في الهجرة، من دفع كل ماله لتجهيز جيش غزوة تبوك، به نعرف كيف يصبح المرء صديقًا فحبيبًا فخليلًا

 

السلام على سيّدي سعد بن معاذ، يفهم مرادك، ويقرأ عيونك، ينصرك يوم خجلتَ أنْ تطلبَ النُّصرة من الأنصار لمعركة بدر، فيقول لك (امْضِ يَا رَسُولَ اللهِ لِمَا أَرَدْتَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هٰذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ، مَا تَخَلَّفَ مِنَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ)

 

السلام عليك من أيتام غزّة، يواسيهم أنّك يتيم الأبوين، وما كنتَ إلا أحسنَ الخَلْق، وأعظمهم وأكرمهم وأعلاهم قدرًا، وأنَّ الله عزّ وجلّ غيّرَ بك مجرى التاريخ، وجعلكَ مددًا من مددِ رحمتهِ الساريّةِ والتي لا تنقطعُ أبدًا، يصلي الله عزّ وجلّ في عرشه عليه، فكان كرامة لنا أن يأذن الله بمحبتك والصلاة عليك يا حبيبي.

 

وصلّى الله عليك وعلى آلك وصحبك وسلم تسليمًا كثيرًا عدد كمال الله وكما يليق بكماله.

وكلّ عامٍ ويومٍ وساعةٍ ودقيقةٍ وثانيةٍ ونحنُ بكَ بخيرٍ وعافيةٍ ورضا وسرور ونور وسعة ورفعة وعزّة

شارك

مقالات ذات صلة