سياسة
الكاتب: عبد المنعم غريبي
برز مؤخراً بشكل واضح تفرد أحد شيوخ العقل وزعيم طائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، بالقرار السياسي والأمني والاقتصادي في محافظة السويداء، إذ بات يُنظر إليه من قبل كثيرين على أنه صاحب القرار الأول في المنطقة. في الوقت نفسه ظهرت أصوات محلية معارضة له، اتهمته بالتفرد بقرار أبناء الطائفة ورفض المبادرات الحكومية.
تصاعدت مجدداً الأصوات التي تنتقد سياسة شيخ العقل حكمت الهجري، وتتهمه بالاستئثار بالقرار، وكان أحدثها من قبل قائد فصيل “أحرار الجبل” سلمان عبد الباقي.
حيث اتهم الباقي في منشور له شيخ العقل الهجري برفض كامل الجهود التي بذلتها الدولة السورية سابقاً، ووجه اتهاماً له “بالتبعية لأجندات خارجية”، وبأن خطابه يهدف إلى “تقسيم سوريا وإضعاف النسيج الوطني”، مشدداً على أن الغالبية الساحقة من أبناء السويداء وطنيون يرفضون مشاريع الانفصال والتقسيم.
وأضاف الباقي أن الهجري رفض كل الاتفاقيات التي قدمتها دمشق، رغم موافقة الأخيرة على كامل مطالبه، من اختيار القيادات الأمنية من أبناء المحافظة ودعم الجيش.
وأوضح أن استمرار الخطاب التصعيدي للهجري ضد الحكومة، ووصفه إياها بـ”الإرهاب”، تسبب بازدياد الشرخ بين أبناء الطائفة الدرزية وبقية أبناء الشعب السوري.
وأكد أن هذا الخطاب أدى في نهاية الأمر إلى صدام عسكري كانت بدايته في مدينة جرمانا وأشرفية صحنايا وانتهى بمحافظة السويداء.
في حديث لموقع سطور، قال المحلل السياسي وائل علوان، أن الأصوات المنتقدة والمتهمة للهجري اليوم ضعيفة جداً.
وأرجع العلوان الأمر لسببين رئيسيين: “الأول يتمثل بالتصعيد العسكري الذي حصل من كلا الطرفين، الحكومة السورية والمجلس العسكري، وما نتج عنه من آثار كبيرة جداً على الأطراف كافة”.
أما السبب الثاني فيعود “لوجود صراع داخلي على الزعامة، بين القوة الناشئة من مثقفين ومحامين وناشطين ممن أنشأتهم الثورة وبين القوة التقليدية المتمثلة بالمرجعيات الدينية وشيوخ العقل” وفق ما قاله العلوان.
وأضاف العلوان أن هذا الحجم من التصعيد أدى إلى خفوت الأصوات الحكيمة، وبقاء الصوت الأكثر راديكالية هو الذي يسود ويكون أكثر تأثيراً. فيما أشار إلى أن الأصوات الوطنية كانت تؤدي دوراً أقوى قبل الصدام العسكري الأخير، وكان هناك صوت مؤثر للقوة الناشئة في محافظة السويداء.
في وقت سابق، خرجت شخصيات دينية محلية بارزة، عارضت سلوك حكمت الهجري وانتقدت قراراته.
من بينها الشيخ والقيادي في مجلس الكرامة، ليث البلعوس، في لقاء مصوّر له، انتقد البعلوث تصرفات الهجري متهماً إياه برفض كل الطروحات ورسائل الطمأنة التي أبدتها الحكومة السورية بشأن المحافظة، رغم تجاوب المرجعيات والزعامات الدينية والتقليدية الأخرى، مثل شيخ العقل وائل حمود ويوسف جربوع.
وأكد البلعوس أن الهجري لم يقبل أي حلول من قبل المرجعيات والزعامات الدينية الأخرى لتجنب الصدام مع الحكومة، وبقي منصتاً لأصوات الانفصال من الخارج.
كما اتهمه بالتعنّت بالقرار وإصراره على أنه لا توافق مع الحكومة الجديدة، واعتبار كل من يتعامل معها بالخائن، “جرّ السويداء إلى ما هي عليه اليوم”.
كما وجّه الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط اتهامات مماثلة له، متهماً إياه بالانفراد بالقرار، وطلب تدخل مباشر من إسرائيل، بالإضافة إلى محاولة فرض مشروع “الحكم المحلي” في محافظة السويداء.
أرجع العلوان سبب ظهور الأصوات الجديدة المعارضة لشيخ العقل حكمت الهجري في هذا الوقت إلى “الفعل المستفز” الذي قام به حزب “اللواء السوري”، “الذي تربطه علاقة مباشرة بإسرائيل، من تنظيم للمظاهرات في السويداء ورفع العلم الإسرائيلي”.
وأوضح أن قسماً كبيراً من أبناء السويداء ما زال يرفض أي علاقة مع إسرائيل حتى إن كان لديهم تحفظات على الحكومة الجديدة، وفق العلوان، ويرى أن هذه الأصوات المنتقدة للهجري غير كافية لثنيه عن قراراته وإعادة العلاقة مع دمشق، بالإضافة لكونها غير مؤثرة على الهجري.
وأضاف أن هناك “مجموعة عوامل تؤثر على الشيخ الهجري، منها المجموعات العسكرية التي يقودها ابنه سلمان، والمجلس العسكري الذي تربطه علاقة وثيقة به، إلى جانب علاقته مع شيخ العقل موفق طريف وإسرائيل”.
يرى محللون وأكاديميون أن جوهر الحل لأزمة السويداء يتمثل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار بين الحكومة السورية وإسرائيل برعاية أمريكية. بالإضافة إلى وجود ضغوط أمريكية على الحكومة الإسرائيلية لخلق فرصة للاستقرار في سوريا، وهو ما يتوافق مع التوجه الإقليمي والدولي في المنطقة.
مطالب الانفصال التي تشهدها محافظة السويداء اليوم تُعدّ غير واقعية وتفتقر إلى أي شكل من أشكال الدعم محلي أو الإقليمي، بحسب ما يؤكد كثيرون. في الوقت نفسه يشير عدد من الشخصيات القيادية الدرزية في المحافظة إلى أن السويداء كانت تتمتع سابقاً بمركزية إدارية واضحة، وهو ما يجعل هذه الطروحات بعيدة عن الواقع.