آراء

الكويت في خريطة إسرائيل الكبرى: قراءة في أطماع التوسع الصهيوني في الخليج

أغسطس 24, 2025

الكويت في خريطة إسرائيل الكبرى: قراءة في أطماع التوسع الصهيوني في الخليج

تتكرّر في الخطاب السياسيّ الذي يتبناه نتنياهو فكرة “إسرائيل الكبرى” ويرى نفسه في مهمّة خالدة دينيّة تاريخيّة، وهي رؤية توراتيّة قديمة، تقول إنّ حدود إسرائيل تمتدُّ من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في العراق، وهذه الخريطة الوهميّة تبتلع أراضي شاسعة من ثماني دول عربيّة، وتجعل المشروع الصهيوني لا يقف عند حدود فلسطين وحدها.

قد تبدو الفكرة للبعض مجرّد شعاراتٍ وإدعاءات، لكنّها في الحقيقة تُستعمل من قبل الاحتلال لتبرير فكرة التوسع الجغرافي، ولإضفاء شرعية دينيّة على سياسات الضم والاستحواذ، فهي لا ترى في العرب شعوبًا ذات حقوق، بل تعتبرهم عقبة وجوديّة يجب تجاوزها أو السيطرة عليها، وهذا ما يجعلها –أيّ الخريطة– أخطر من مجرّد رسمٍ على الورق، لأنّها تعكس عقليّة توسعيّة إقصائيّة تحمل في داخلها بذور صراع دائم.


فالخريطة التي استُعرضت مؤخرًا كشفت حقيقة، وهي أنّها أظهرت بوضوح أنّ التمدُّد المزعوم يشمل أراضي من مصر وسوريا والأردن والسعودية والعراق، ويمتدُّ حتى الكويت و ظهرت حدود “قرية الجهراء” والتي تحمل في ذكرياتها قرية كاظمة وأول لقاءٍ توسعيّ عسكريّ إسلاميّ في النفوذ غير العربيّ، ونعلم أنّ أكثر اليهود في تلك المرحلة كانوا تحت حماية الفرس في مواجهة العرب، وهذا التفصيل ليس عابرًا، فهو يعني أنّ الخطر الذي يُرسم في تلك الخرائط لم يعد بعيدًا، بل وصل إلى أبواب الخليج نفسه.

فليست القضية مجرّد خطوطٍ على خريطة، بل هي مساس مباشر بسيادة دول عربيّة مستقلّة، وتهديد لهوية أمة مترسِّخة في الأرض والتاريخ، فالمشروع الصهيونيّ التوسعيّ لا يقف عند فلسطين أو الجولان، بل يُراد له أن يطال كلّ بيتٍ عربي من المحيط إلى الخليج.

ومع ذلك، يبقى هذا المشروع أكبر من أن يُنفَّذ، لأنّ التوازنات الدوليّة لها حسبة أخرى يفقهها المعنيين، والوجود الكثيف للشعوب العربية، وتجارب المقاومة عبر التاريخ، كلها تجعل من استحالة تحقيقه حقيقة واضحة، لكنّه يظلّ أداة سياسية خطيرة تُستخدم لإثارة الخوف أو لإشعال التوترات في المنطقة.


ومن هنا تبرز الحاجة إلى حلولٍ عربيّة جادة، وأولها كما ذكرت في عدة مناسباتٍ إعلاميّة أن تعي الشعوب أنّ مصيرها مشترك، وأنّ الخطر واحد، مهما اختلفت الحدود أو اللهجات أو الأنظمة، فالمعركة ليست محليّة، بل معركة وجوديّة، والتجزئة لا تخدم سوى المشروع التوسعي.


أما ثاني الحلول، فهو المصالحة بين الشعوب والإدارات والحكومات العربيّة، فعندما تلتقي إرادة الحكومات مع إرادة شعوبها، ويُبنى جسر من الثقة بين الطرفين، تصبح الأمة أقدر على مواجهة التحديات الخارجيّة، وإنّ وحدة الداخل هي الجدار الحقيقي أمام أيّ مشروعٍ توسعيّ يهدّد السيادة والهوية.

شارك

مقالات ذات صلة