250 يوماً من شلالات الدماء الطاهرة التي سالت على أرض غزة، بأسلحة وذخائر دُعمت بها ترسانة العصابات الصهيونية من قبل قوى الشر الاستعمارية التي تعيش مرحلة داخلية مُزج بها الفساد مع الفشل، لكنها وبالرغم من أزماتها إلا أنها لم تخجل من كشف عورتها والسير أمام جميع العالم بلباس العاهرات بل والتنافس بالعهر متحديةً بذلك جميع العالم، فاجتمعوا وبكل ما لديهم من مقومات للحفاظ على ثمرتهم الاستعمارية الإرهابية الأنضج في منطقتنا.
250 يوماً من الحسبلة، والحوقلة، وضرب الكف بالكف دون حيلة تغير من كفة موازين القوى في صد عدوان العصابات الصهيونية على قطاع غزة، فالخيانة والغدر والخذلان أصبح علامةً مسجلةً بل وناطقة باللغة العربية وبلهجاتها العديدة، فحرب التجويع وإغلاق المعابر والتضييق على خروج المرضى والجرحى لا يقل جريمة عن جريمة تمويل الصهاينة بالسلاح، بل وتلك الإمدادات التي لم تنقطع إلى هذا اليوم بالمواد الغذائية ومستلزمات يحتاجها الصهاينة لاستمرار حربهم أتت ممن يتشارك مع المظلومين بالدين والدم والتاريخ.
250 يوماً وغزة هي العزة، وغزة هي الشرف، وغزة هي التاريخ وهي الحاضر وهي المستقبل، فالسابع من أكتوبر بدأ فيه الطوفان الذي جرف معه أصناماَ كانت قد بُنيت من حولنا ولكنها لم تكن مرئية، فبعد تلك الشهور السبعة لم يعد هناك وجود لصنم القوة التي لا تقهر، وانهار صنم عدالة المجتمع الدولي ومنظماته التي صدعوا رأس العالم بها، وأصنام الشعارات الواهية التي اتخذت من تحرير القدس مادةً إعلامية استهلاكية، وترسخت مكان تلك الأصنام أن الشعوب الحية هي التي تعيش حياتها بكرامة وإن كان ذلك على حساب سعادتها ورفاهها، بل إن الحياة بأكملها أصبحنا بعد الطوفان لا نراها كما كنا نراها قبله من حيث الاهتمامات والعادات والاستهلاك.
250 يوماً من الحرب تغير فيها نمط حياتنا في التعامل مع كل من يدعم العصابات الصهيونية ممن سيطر على عاداتنا وقراراتنا في التملك والشراء وإشباع الرغبات، فسلاح المقاطعة الاقتصادية يوماً بعد يوم أصبح أشد فتكاً وتأثيرا، فقد ظهر للعالم بأسره كيف أن تلك الإمبراطوريات التجارية تهاوت ودخلت سنوات التيه كما دخلت أجدادهم الأقدمون فيها، حتى وصل الحال في معظمهم إلى التخبط في القرارات والتصريحات، فالطوفان المبارك قد أّمن مركباً حصيناً لمن قرر أن يقاطع الصهاينة والمتصهينين وأوصلهم إلى حياة الاستبدال الآمنة، فالشرفاء قد طوروا أدوات وتقنيات ومساعدات تريحهم في العيش مع النمط الجديد الذي اختاروه لحياتهم الكريمة بعد المقاطعة.
250 يوماً سقط فيها من سقط من رجال الدين، ومؤسسات الفتوى، والمنظمات الإسلامية في قاع بئر الخيانة للأمة الاسلامية وقضاياها، وبقيت القلة الصابرة الصامدة المجاهدة التي أخذت على عاتقها قول الحق ولا تخاف في الله لومة لائم، والنصرة هي توفيق من الله للإنسان إن أخلص في طريقه إليها، والله وبسننه الحاضرة لا يوفق من كان ديدن حياته الخذلان ولعق الأحذية في بلاط السلطان، فأعداء الله وأمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ممن يكيلون بالعداء للمجاهدين في قطاع غزة قد توافرت لهم جميع المنابر والوسائل من أجل تخذيل الأمة وإبعادهم عن حواضن العزة والكرامة والجهاد، ولكن الله تكفل “إن الله يدافع عن الذين آمنوا”، فأطفال الأمة قبل كبارها قد عرفوا أن العزة والرفعة تكمن خلف “لثام أبي عبيدة”.
250 يوماً والكويت تغرد خارج سرب الطيور الجارحة والفاتكة بالأبرياء، تغريد الكويت قد شنف مسامع كل شريف في العالم، وكان كالصيحة في أذن كل عميل متخاذل يود لو أن الكويت تشاركت معه في نفس الموقف، فالكويت برجالها دخلت غزة، وبأموالها نصرت غزة، وفي مساجدها قنتت لغزة، وفي معالم الحياة فيها حضرت غزة، فالكويت كانت غزة وما زالت غزة وستظل غزة، فلن ينسى التاريخ أن الكويت وفي عام 2023 ومن منبر رسمي وصف الكيان الصهيوني بالوصف الذي يستحقه “العصابات الصهيونية”، والكويت بأكملها لم يزل يعيش تلك الحرب العدائية مع تلك العصابات، والكويت شامخة أمام طوفان التطبيع، فنحن الكويت ونحن طوفان النصرة لغزة.