أدب

يوتوبيا: مدينة الأحلام بين الخيال والواقع

يوليو 25, 2025

يوتوبيا: مدينة الأحلام بين الخيال والواقع

عبدالله بشار تركماني

 

 

في مكانٍ ما، خارج حدود الزمان، وخارج تضاريس الأرض، رسمت العقول مدينةً لا تشبه سواها ، مدينةً لا تعرف الحروب ولا الجوع، لا الفقر ولا القهر، لا الخيانة ولا القسوة، أسموها يوتوبيا مدينة الأحلام ، أو كما أحب البعض تسميتها: المدينة الفاضلة.

 

 

لكن، ما هي يوتوبيا؟

ولماذا بقيت حتى اليوم مجرّد حلم لم يُلمس ، فكرة لم تُترجم ، خيالاً يراود المفكرين والمبدعين عبر العصور ؟

 

 

 

فكرة يوتوبيا: الأصل والحلم

 

 

ولدت فكرة يوتوبيا على يد الفيلسوف الإنكليزي توماس مور في كتابه الشهير “يوتوبيا” عام 1516، حيث تخيّل جزيرة يعيش فيها الناس في مساواة تامة، بلا مال، بلا طبقات اجتماعية، بلا صراعات على السلطة، كان حلم مور أن يقدّم نموذجاً نقدياً لما يعانيه مجتمعه من ظلم وفوضى، لا أن يؤسّس لمدينة حقيقية.

 

 

ولكن يوتوبيا لم تبقَ حكراً على الفلاسفة ، بل وجدت طريقها إلى الأدب، والفن، والخيال العلمي. من أفلاطون في “الجمهورية” إلى مدينة “ألدران” في أفلام الخيال، ظلّت المدينة الفاضلة مساحة للتمرد على الواقع، ومرآة تُظهر ما نفتقده أكثر مما تصف ما يمكن تحقيقه.

 

 

 

ماذا لو تحقّقت يوتوبيا؟

 

مدينة لا وجود فيها للجريمة وكل فرد فيها يحصل على ما يحتاج ، ويمنح ما يستطيع، القانون فيها ليس سيفا، بل ضميراً حياً.

 

قد يبدو الأمر جذّاباً، بل مثالياً، ولكن خلف هذا الحلم تسكن أسئلة كثيرة، هل يمكن للإنسان أن يتخلى عن أنانيته؟ هل تُلغى الاختلافات الفطرية بين البشر في يوتوبيا؟ وهل الاستقرار الدائم لا يخلق مللاً، والرفاهية المستمرة لا تقتل الشغف؟

 

 

يوتوبيا اليوم: الواقع البديل

 

في عصر التكنولوجيا، حاول البعض بناء نسخ حديثة من يوتوبيا: مجتمعات رقمية بلا حدود ، تجارب للعيش الجماعي بتوزيع عادل للموارد ، مدن ذكية تسعى لتحقيق الرفاهية المطلقة، لكن هذه التجارب، رغم طموحها، واجهت دائماً حقيقة واحدة: الإنسان ليس آلة.

نحن نحلم، نخطئ، نحسد، نحب، ونخون.

 

 

 لِمَ نحتاج يوتوبيا؟

 

رغم استحالة تحقيقها، تبقى يوتوبيا ضرورية، فهي البوصلة التي تشير إلى ما نطمح إليه ، حتى إن لم نصل إليه أبداً، هي الحلم الذي يدفعنا لتحسين الواقع ، لا للهروب منه، ولعلّ أعظم ما في يوتوبيا، أنها تذكّرنا دوماً بأننا نستحق عالماً أفضل، حتى لو لم يكن مثالياً.

الإنسانية تجمعنا يا أبناء أمي..

شارك

مقالات ذات صلة