Blog

عودة العمالة السورية تربك قطاع النسيج في تركيا

يونيو 27, 2025

عودة العمالة السورية تربك قطاع النسيج في تركيا

مع تسارع وتيرة عودة اللاجئين السوريين من تركيا إلى بلادهم بعد الإعلان عن “تحرير سوريا” في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024، أصبحت آثار هذه العودة واضحة  على أرض الواقع، خاصة في القطاعات التي اعتمدت بشكل كبير على اليد العاملة السورية ومن أبرزها النسيج.

 


ووفق تصريحات نائب الرئيس التركي، جودت يلماز، في 13 حزيران/ يونيو الحالي، فإن أكثر من 273 ألف لاجئ سوري عادوا طوعاً من تركيا خلال الأشهر الستة الماضية، ما تسبب بانخفاض ملحوظ في توفر العمالة في قطاعات رئيسية، أبرزها النسيج والخياطة، لا سيما في الولايات الجنوبية مثل غازي عنتاب.


تعتمد صناعة النسيج التركية التي تُعد من أعمدة الاقتصاد المحلي وواحدة من الأكبر عالمياً بشكل كبير على العمالة السورية، مما يجعل أي تغيّر في وجود هذه القوة العاملة مؤثراً على الإنتاج وتكاليف التشغيل.



وفي هذا التقرير نسلط الضوء على التحديات التي يواجهها هذا القطاع جراء عودة عدد كبير من العمال السوريين، ونستعرض دوافع اتخاذهم لهذا القرار رغم التحديات الاقتصادية في بلادهم.




آثار نقص اليد العاملة السورية

 


في مدينة غازي عنتاب، حيث يعيش نحو 400 ألف سوري وفق الإحصائيات الرسمية، يؤكد أصحاب المصانع أن مغادرة اليد العاملة السورية بدأت تترك آثاراً مباشرة على خطوط الإنتاج.


وسجلت صادرات النسيج التركية إيرادات بلغت 9.5 مليار دولار في عام 2024، مع حجم صادرات وصل إلى 2.45 مليون طن، إذ حققت الأقمشة أعلى دخل بقيمة 5.9 مليار دولار، ومن ثم القطن بـ 2.38 مليار دولار، ثم الألياف بـ 1.17 مليار دولار.

 


وقال أحمد مدير مصنع ألبسة في غازي عنتاب، لموقع “سطور” إن نحو 60% من عمال مصنعه هم من السوريين، معرباً عن قلقه من نقص حاد في العمالة إذا استمرت العودة بالوتيرة نفسها.

 


وتابع حديثه، قدّم السوريون مساهمات كبيرة في قطاع النسيج هنا، ومغادرتهم بهذا العدد فجأة وبشكل سريع سببت مشكلة عمالة لأصحاب معامل، حيث أعتقد أن 20% ممن تبقى لدي سيعود لسوريا خلال أشهر قليلة، ومن الآن بدأت أبحث عن حلول أفضل لتدارك النقص.

 



هذا النقص لا يؤثر فقط على كمية الإنتاج فقط، بل يدفع أيضاً نحو البحث عن بدائل أكثر كلفة، منها رفع أجور العمال الأتراك لأن السوريين كانت رواتبهم أقل ويعتمد قطاع النسيج التركي على العمالة السورية وهذا ما سيزيد الضغط على القطاع بالمجمل.


وفي تقرير نشرته صحيفة “عالم الأعمال” التركية في كانون الثاني/ يناير 2025، فإن السوريين يحتلون مكانة مهمة في القطاع منذ 11 عاماً، ومع رحيل هؤلاء العمال يتوقع حدوث نقص حاد في العمالة.



وفي تقرير أعدته وكالة “فرانس برس” في شباط/ فبراير 2025 ، عن التأثير المترتب على احتمالية عودة العمال السوريين لبلادهم، أوضحت أن السوريين يشكلون نسبة كبيرة من القوى العاملة، خاصة في المدن الجنوبية مثل غازي عنتاب وعودتهم ستؤثر بشكل كبير على الإنتاج التركي.

 



بين الأجور والحنين.. دوافع عودة السوريين



رغم التحديات الاقتصادية التي يواجهها السوق السوري، إلا أن عودة بعض اللاجئين السوريين من تركيا، خاصة من المناطق التي كانت تشهد حركة نزوح كبيرة مثل غازي عنتاب، تأتي مدفوعة بعوامل متعددة، من بينها تحسين الأوضاع الأمنية والفرص التي قد يوفرها الوطن في المستقبل.

 


ومع العودة الطوعية لآلاف السوريين، يبرز تساؤل حول الدوافع التي جعلت العديد منهم يختارون العودة إلى وطنهم، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة وضعف الرواتب مقارنة بما كانوا يتقاضونه في تركيا. فما هو السبب وراء عودتهم، وكيف استطاعوا تكييف أنفسهم في بيئة اقتصادية أقل استقراراً.

 


في بداية عام 2024، اختار الشاب السوري “سامر” العودة إلى وطنه بعد سنوات من العمل في صناعة النسيج في مدينة غازي عنتاب التركية، ووفق ما قال سامر لموقع “سطور” إنه كان في سن 15 عاماً عندما غادر سوريا منذ أكثر من 10 سنوات، ليبدأ حياته من جديد في تركيا ويعمل في مصنع ملابس، ورغم الصعوبات التي واجهها هناك، استطاع بناء حياة مستقرة مع دخل جيد كان يسمح له بتأمين حياة متواضعة.

 


لكن مع إعلان “تحرير سوريا” في كانون الأول/ ديسمبر 2024، بدأ سامر يفكر في العودة إلى مدينته حلب، بينما كان يعلم أن الرواتب في سوريا أقل بكثير من تلك التي كان يحصل عليها في تركيا، إلا أن الأوضاع في وطنه كانت في تحسن نسبي، حيث عادت بعض الصناعات للعمل تدريجياً وبدأت الفرص في الظهور وازدادت رغبته بالعودة لأنه كان محروماً منها منذ 10 أعوام حيث خرج بسن 15 عاماً دون عائلته.

 


وأوضح سامر لـ”سطور” أنه بعد العودة قرر فتح مشروعه الخاص في مجال الملابس بحلب، مستفيداً من خبراته التي اكتسبها طيلة السنوات الماضية حيث استثمر ما جمعه في شراء بعض الآلات البسيطة وبدأ بتوظيف عدد قليل من العمال المحليين، ورغم أن الربح ما زال قليلاً، كان يرى في مشروعه فرصة لبناء مستقبل أكثر استقراراً في وطنه، خاصة في ظل الدعم الحكومي الذي بدأ يُقدم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

شارك

مقالات ذات صلة