مدونات

منظمات دولية تحذر من انهيار وشيك في غزة!

يونيو 21, 2025

منظمات دولية تحذر من انهيار وشيك في غزة!

للكاتب: ظاهر صالح

 

في ظل التصعيد المتبادل بين الاحتلال “الإسرائيلي” وإيران، يواصل الاحتلال ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، ويفرض حصارًا خانقًا على السكان، مستخدمًا الغذاء كسلاح حرب ومصيدة موت يومية تودي بحياة العشرات من طالبي المساعدات الإنسانية. تقصف الطائرات “الإسرائيلية” على مدار الساعة خيام النازحين والمنازل في مختلف أنحاء القطاع، مما يسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى يوميًا.

في هذا السياق، حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من التصعيد الحاد في جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، لا سيما عبر تكثيف عمليات القتل الجماعي. وأكد أن هذا التصعيد يجري في ظل غياب تام لأي شكل من أشكال المساءلة أو الردع الدولي، وفي وقت تشهد فيه التغطية الإعلامية لانتهاكات “إسرائيل” في غزة تراجعًا ملحوظًا نتيجة انشغال الرأي العام العالمي بالتطورات المرتبطة بالمواجهة العسكرية الجارية بينها وبين إيران.


وثّق المرصد، خلال الأيام الأربعة الماضية فقط، مقتل أكثر من 350 فلسطينيًا، وإصابة المئات، إلى جانب ارتفاع أعداد المفقودين، في سياق تصعيد واسع للهجمات “الإسرائيلية” التي طالت ما تبقى من المنازل والمناطق المكتظة بالمدنيين المهجّرين قسرًا ومراكز توزيع المساعدات الإنسانية المحدودة.

أوضح المرصد في بيان نشره على موقعه الإلكتروني أن أكثر من 70 فلسطينيًا قُتلوا منذ فجر يوم الجمعة الموافق 20 يونيو 2025، وكان نصفهم من الذين كانوا ينتظرون أو يحاولون الحصول على مساعدات غذائية. وأكد المرصد أن هذا النمط من الهجمات يمثل دليلًا إضافيًا على تعمّد “إسرائيل” استخدام التجويع كسلاح في إطار الإبادة الجماعية.

وأفادت مديرة الدائرة القانونية في المرصد، ليما بسطامي، قائلة: إن الحياة في غزة اليوم تدور في حلقة مفرغة من الموت لا فكاك منها، تبدأ باستهداف متعمد لتجمعات المدنيين، مما يؤدي إلى نزيف الجرحى حتى الموت، ومواجهة المرضى لمصيرهم المحتوم في ظل انهيار المنظومة الصحية، بينما يبقى المفقودون عالقين تحت الأنقاض، أما الناجون، فيُهجّرون إلى خيام تفتقر إلى أبسط مقومات البقاء، ثم يُحكم الحصار الخناق بتجويع ممنهج، في حين يُستهدف بالرصاص والقذائف كل من يحاول الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات.


وأضافت أن هذا التسلسل الممنهج والمروع، الذي يجمع بين التجويع، والحرمان المتعمد من مقومات النجاة، والقتل المباشر من كل اتجاه، يثبت نية “إسرائيل” تدمير السكان الفلسطينيين في غزة بشكل جزئي أو كلي، وهو ما يستوفي أركان جريمة الإبادة الجماعية. وأشارت إلى أن استمرار آلة الإبادة الجماعية هذه في ظل تقاعس دولي عن التدخل، يغلق بدوره دائرة العدالة على العالم أجمع، تمامًا كما أُغلقت دائرة الموت على أهل غزة. لذا، يجب على جميع الدول أن تتحرك لوقف هذه الجريمة، ومحاسبة مرتكبيها، وإنقاذ ما تبقى من شرعية المنظومة الدولية.

يتزامن هذا التصعيد في جرائم القتل مع سياسة التهجير القسري التي يمارسها جيش الاحتلال “الإسرائيلي” بشكل شبه يومي، حيث يواصل دفع أكثر من 300 ألف مدني فلسطيني للنزوح قسرًا نحو غرب مدينة غزة تحت وطأة القصف والنيران.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن استئناف العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة منذ 18 آذار، بعد انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار، أسفر عن مقتل أكثر من 5,400 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، بمن فيهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال.


وأكد المرصد أن مراكز توزيع المساعدات، التي من المفترض أن تكون ملاذًا إنسانيًا آمنًا للمدنيين، تحولت في الواقع إلى مصائد موت، حيث تستهدف قوات جيش الاحتلال التجمعات المدنية المحيطة بها بالتزامن مع تفاقم المجاعة، مما يتسبب في سقوط أعداد متزايدة من الضحايا الذين لا يسعون إلا للبقاء على قيد الحياة.

من جهة أخرى، أشار المجلس النرويجي في تقريره إلى أن مواد الإيواء لم تدخل غزة منذ الأول من مارس بسبب الحصار الكامل الذي فرضه الاحتلال، والذي على الرغم من تخفيفه جزئيًا في الأسابيع الأخيرة للسماح بدخول بعض المواد الغذائية والأدوية، لا تزال الخيام والخشب والأقمشة المشمعة ضمن المواد المحظورة.

وأكدت مجموعة الإيواء أن استمرار هذه القيود يقوض القدرة على الاستجابة، وأن الوضع يتطلب إجراءات استثنائية وفورية لإنقاذ مئات الآلاف من النازحين. أشار التقرير إلى أن معظم الملاجئ المؤقتة تتركز حاليًا في المدارس المدمرة والساحات العامة وأنقاض الأحياء، وغالبًا ما تُستخدم لإيواء أعداد تفوق طاقتها الاستيعابية بكثير.

ويؤدي غياب البنية التحتية وانقطاع المياه ونقص الوقود إلى تحويل هذه الملاجئ إلى بؤر خطيرة تهدد الصحة العامة، حيث يواجه السكان خطر الأوبئة والأمراض المعدية، بالإضافة إلى تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي بسبب الاكتظاظ وانعدام الأمان.

وأكدت المجموعة أن ما لا يقل عن 1.1 مليون شخص بحاجة ماسة إلى مساعدات إيوائية طارئة، مشيرة إلى أن المخزون المتوفر لدى المنظمات الإنسانية قد استُنفد بالكامل تقريبًا.


وقالت سلمى الطويل، مديرة مكتب المجلس النرويجي للاجئين في شمال غزة: في المناطق القليلة التي نتمكن من الوصول إليها، تصل العائلات بلا شيء، لا فرش، ولا ملابس، ولا بطانيات، ولا حتى قطعة قماش تقيهم من الحر أو البرد.

وأضافت الطويل: ليست هذه المرة الأولى التي يفرون فيها، كثير من العائلات نزحت للمرة السادسة أو السابعة. لم يعودوا يغادرون منازلهم فحسب، بل يغادرون الملاجئ أيضًا، وبدون مأوى، ينهار كل شيء. وجدد المجلس النرويجي للاجئين دعوته إلى فتح ممرات إنسانية آمنة ومستقرة، والسماح بدخول المواد الإغاثية الضرورية، محذرًا من أن استمرار هذا الوضع دون تدخل سيدفع بقطاع غزة نحو انهيار إنساني شامل.

 

شارك

مقالات ذات صلة