سياسة

الأموال الساخنة!

أبريل 28, 2025

الأموال الساخنة!

احذروا المواطن قطيم الظهر


رأيت أناسًا يدّعون، بداية من أزمة كورونا قبل عدة سنوات، ثم في الحرب الروسية الأوكرانية، ثم تحججوا بتغيرات الدولة، يدّعون أن ما جرى في أوكرانيا أثّر على المواطن المصري اقتصاديًا ومعيشيًا أكثر مما أثّر على الطرفين المتحاربين أساسًا! لم أرَ أحدًا يتكلم عن العيوب الهيكلية في الاقتصاد المصري، وهي السبب في تأثير أي متغيرات أو أزمات دولية بشكل أشد وأقسى عليه مقارنة بغيره من الشعوب.

وللحق نقول: إننا لم نتبع إجراءات في مواجهة فيروس كورونا أربكت الاقتصاد المصري آنذاك أو ذات حسابات مربكة لسير الاقتصادات النقدية بشكل يعضل الدولة أو يغير بها المسار المتبع. لم تتبع السلطة مثلما نفذت باقي الدول، لا إغلاقًا تامًا ولا غيره، ما حدث كان أن السلطة والقائمين على جمع القرار في هذا البلد اعتمدوا على أموال ساخنة، وتعاملوا مع هذه الأموال على أنها أموالهم هم، لا حسيب ولا رقيب، وليس دينًا عليهم، وصرفوها، هي وغيرها مما يُستدان، فيما لا حساب له ولا حاجة إليه. وهذا بالوصف اللائق والمهذب لما تم فيه صرف المال العام في السنوات الخالية، منذ أزمة كورونا مرورًا بحرب أوكرانيا وحتى سنوات الإبادة الجماعية في فلسطين، حتى تبديد المال العام في المشروعات الأخيرة.


كل ذلك صُرف في مشاريع قلتُ من البداية إن بعضها غير مجدٍ على الإطلاق، وكثير منها محتاج مراجعة في الطريقة أو في التوقيت. ما تسميه الحكومة إصلاحًا اقتصاديًا ما هو إلا إصلاح نقدي، وظالم على المستوى الإنساني. كما قلتُ مرارًا إن المغالطات في تقدير المبالغ المخصصة لقطاعات الصحة والتعليم والفلاحين بالقيم المطلقة، قائلا إنه يجب أن تُنسب إلى الناتج المحلي الإجمالي. كما أننا تخطينا الاستمرار في سياسة الاستدانة، مؤكدًا أن الإنفاق على خدمة الديون في الموازنة العامة فاق القدرة على خدمة الدين، حتى لو توالت المعونات لتأدية خدمات يريدها الغرب من السلطة.

لن ترد النفحات الضخمة من المنح ليد المواطن، وهذا أمر لم نعد نشك فيه حتى. ورّطتنا هذه السلطة في حلقة من الاستدانة والتبعية إلى حد مخزٍ. وصلت إرهاصات هذه السلطة وتجرؤها على شعبها أن قالوا لِشباب مصر: بيعوا دماءكم لتأكلوا من هذا وتعيشوا! كيف تحل مثل هذه السلطة أزمات اقتصادية بحجم ما ورّطونا فيه؟ كيف يسدون دينًا ويلتفون بخدمة دين كالذي تورطنا فيه؟

قلتُها مرارًا: نحن نحكم بسياسات ما قبل ٢٥ يناير، وللأسف الفرز الثاني والثالث والعاشر حتى رئاسة الجمهورية، التي للأسف أوصلت المواطن الذي حلم بعد الثورة بحياة أفضل وأكثر كرامة وعدلًا، إلى أن أصبح يترحم على ما قبل ٢٥ يناير.. وهذا أمر في منتهى الألم.


عشر سنوات وأكثر يعدون بوعود ليس لها أي ظل من الواقع، وعود تتالت ولم يُنفذ منها حرف، ونسوا أن هناك شبابًا لم يكن مفترضًا حتى أن يفكر في الترشح أمام هذا الاستخفاف واللا محاسبة، وطلبات التفويض و”اصبروا واصبروا ستة شهور وسترون مصر قد الدنيا” وكل هذه الأمور. واليوم يقول لشباب مصر: بيعوا دماءكم عشان تأكلوا!


هذا الوضع لا يليق بمصر. ولا يعرف حجمها، ولا هو بحجم هذا البلد. فلكل شركائنا في الحلم والسعي من المواطنين والمواطنات، فإذا كان هناك من يعتقد أنه يمكن استخدام أي فصيل سياسي كواجهة لتحقيق صورة ما نقوم بها مبدئيًا ويستغلونها لمصلحتهم فلن يكون. فلا تزييف الواقع لفترات طويلة ينطلي على من ذاق سنوات العجاف العشر الماضية مهما طال الزمن، ولا هذا الشعب رغم كل صبره وامتثاله للمحن، الصابر صبر أيوب، يحتمل أكثر من ذلك.

أتمنى على الجميع التعقل والثبات، وأن يكونوا دوما على خط رسمناه معًا لا نخرج فيه عن قانون أو دستور. هذه حقوقنا، والحقوق لا تُسرق في الظلام، بل تُؤخذ تحت عين الشمس.

 

شارك

مقالات ذات صلة