آراء

صناعة الكراهية بين دمشق وغزة… تزييف للوعي وتشويه للحقائق

أبريل 27, 2025

صناعة الكراهية بين دمشق وغزة… تزييف للوعي وتشويه للحقائق

في زماننا الذي كثرت فيه الحروب والنكبات، أصبحت “صناعة الكراهية” واحدة من أخطر أدوات الحروب النفسية التي تستهدف الشعوب العربية من الداخل،  لأنها ليست فقط خطابًا عدائيًا، بل منهجية ممنهجة لتفتيت المجتمعات العربية وضرب نسيجها الوطني والقومي و الاسلامي، وذلك من خلال بثّ الشكوك، وتحفيز الخلافات، وتغذية الانقسامات العرقية والطائفية والفكرية.

وعند التطرق لهذا المفهوم المرعب في السياق الأكاديمي، نجد أنه تُعرَّف “صناعة الكراهية”: بأنها عملية منظمة تهدف إلى خلق حالة من العداء المستمر داخل المجتمع الواحد أو بين المجتمعات المختلفة، عبر أدوات متعددة مثل الإعلام الموجّه، والخطاب السياسي المتشدد، وتزييف الوعي الجماهيري،  وتكمن خطورتها في أنها تزرع انقسامًا عميقًا وحاداً يصعب علاجه، وتحوّل الخلافات الطبيعية المبنية على تعددية الآراء إلى عداءات وجودية تهدد وحدة الشعوب العربية والمجتمعات العربية.


ومن بين مظاهر هذه الكراهية المؤلمة اليوم، الخلاف المتزايد بين بعض السوريين وبعض الغزاويين، حول الموقف من إيران وحزب الله، فالسوري الذي عانى من القصف والدمار الذي شاركت فيه تلك الأطراف، يرى أن أي تعاطف معها هو خيانة للدم العربي السوري، والغزّاوي الذي عاش المقاومة بدعم مباشر من ذات الجهات، يرى أن انتقادهم هو طعن في ظهر الصمود أمام العدو ولم يجد نصيراً من الأنظمة العربية مثل ما قامت به تلك الأطراف، وهكذا، باتت الرؤية مرتبطة بالتجربة، والموقف محكوم بالمعاناة.

لكن المشكلة تبدأ حين يتحول هذا الخلاف في الموقف السياسي إلى كراهية متبادلة، واتهامات تطعن في النوايا الحسنة في الشعبين العربيين الكريمين ، وتنسف كل ما كان مشتركًا من تاريخ، وعروبة، وقضية واحدة ومذهب سني موحد  ، فإن أخطأت القيادة السورية – في نظر البعض الغزاوي –  في موقف أو إجراء سياسي تراه ضمن أولوياتها فهل يُعقل أن نحمّل الشعب السوري و ثورته بأكملها وزر ما قامت به الأنظمة؟ وهل يجب أن نختار بين معاناة السوريين السابقة  وصمود غزة؟


يا أحبابي.. إن فهم ” اختلاف الظروف لا يعني التخلي عن المبادئ”، بل هو وعي بأن لكل شعب سياقه وجرحه ومقاومته الخاصة ، فلا يجوز أن نصنّف بعضنا أعداءً لأننا رأينا المشهد من زوايا مختلفة. فالتجارب تُشكّلنا، لكنها لا يجب أن تفرقنا.

أيها السوريون، يا من ضحيتم ببيوتكم وأحلامكم ودمائكم، وقلتم “لا” لظلم بشار وزبانيته من الخارج الصفوي و الطائفي .
وأيها الغزّاويون، يا من وقفتم على تخوم الموت أمام عدو الأمة، تدافعون عن شرف الأمة كلها…
آن لنا أن نلتفت لبعضنا لا على بعضنا، أن نختلف بوعي لا بخصومة، وأن نعرف أن العدو الحقيقي ليس من يختلف معنا، بل من يفرح بانقسامنا، ونحن في زمن أصبحت فيه سيادة العرب منقوصة الا بتحالف مع القوى التي لا تفتأ الا أن تضرنا و لو بعد حين.


فدعونا لا نجعل من المواقف السياسية خنادق للكراهية، بل نوافذ للفهم والحوار، ولتكن قيم التراحم، والتكافل، والتاريخ المشترك أقوى من ضجيج التغريدات، وأصدق من أي خطاب متوتر ،  ففي النهاية، ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، وجرح فلسطين لا يندمل بدون الشام ،  ولا تنهض الشام بعيداً عن القدس ، وتبقى مصر .. بوابة النصر القادمة و اللاعبة في خريطة القوى.. إن شاءت.

شارك

مقالات ذات صلة