سياسة
بصرف النظر عن عشرات أفراد الأمن في أربع حلقات ضخمة حول السيسي وضيفه والحرس المسلح في الزي المدني وعشرات ”المجاميع“ بأعلام فرنسا في جيوبهم ”عادي“!
من ورائهم كان المشهدُ عفويا لشعب طيب يحب اللمّة ويفرح ببساطةٍ تُدمع العينَ فعلا. جلس عبد الفتاح السيسي يُضيِّفُ إيمانويل ماكرون عشاءً في قلب القاهرة الخديوية يضحكان باستظهار ومكايدة، عشية يوم حزين أبيدت فيه رفح الفلسطينية لتَبِيتَ أثرا بعد عين. كان الضحك فجا ولا يصح في أصول المصريين (وحدانا جار عنده ميت) فما بالك بإخوتك!. لكنه كان يشي بأن أمرا ما يُحاك، ولا وقتا آخر لإتمامه غير ليلة إبادة رفح الشهيدة. اللافت حقا حتى في الفيديو الدعائي لحسابات السلطة كانت زيارة العريش. من هنا نبدأ هذا التحقيق.
لماذا قَدمَ ماكرون لمصر حقا؟
الرواية الرسمية تقول إن ماكرون يرفض تورّطَ مصر في استقبال التهجير القسري الذي يريد ترمب تصويره للعالم على أنه يريد للفلسطينيين أن ”ينزحوا طوعيا“ ليمُدَّ غزة بعد تسويتها بالأرض للاستثمارات وعقود إعادة الإعمار. إرهاصاته تذهب إلى أنه بعد إبادة من بقي وتهجير الناجين لمصر والأردن سيجعلها ”ريفييرا الشرق الأوسط“ !!
ترمب شريكٌ في جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل. ترمب و بايدن و المتواطئون في جريمة الحرب من السلطويين العرب علنا وفي عين الشمس، ويمارس ضغطا على السيسي للطاعة الإضافية في شأن ذلك. و تصر الرواية الرسمية على أن الرئيس الفرنسي جاء ”ليتّحِدَ“ مع مصر في تكوين جبهة ترفض الدعاوى الأمريكية. حرفيا قال عبد الفتاح السيسي بعد المباحثات في المؤتمر الصحفي المشترك ”اتفقنا على رفض أي دعاوى لتهجير الفلسطينيين من أرضهم“، ماكرون من جانبه أكد معارضته الشديدة (صياغة الأهرام الإنجليزية الرقمية) لتهجير الفلسطينيين القسْري من قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
ديباجة طويلة جدا، إلا أن الأهرام انتهت إلى سطر أبحث عنه، وطبعا وجدته:
”طلب السيسي من ماكرون استمرار فرنسا في دعمها لمصر، خصوصا في تأمين البرلمان الأوروبي لحزمة ثانية من المساعدات الأوروبية بمقدار أربعة مليارات يورو. وأعرب السيسي عن أمله في إنهاء الخطوات اللازمة لتسهيل صرف حزمة المساعدات الجديدة بسرعة. ”
من موقع CNBC عربية بتاريخ الأحد ١٧ مارس ٢٠٢٤ – اقرؤوا معي لو سمحتم فضلا وخلافا لكل ما سبق حجم ما دفعه الاتحاد الأوروبي لمصر خلاف ما عددناه وفصلنا وخلافا لما ورد مصر بعد ٢٠٢٤ وآخره ما تعهدت به فرنسا في هذه الزيارة كحُزمة جديدة. النص كاملا حتى كلمة انتهى نص:CNBC
”تمويلات الدول الأوروبية
في الفترة المذكورة (من 2020 حتى 2023) قدّمت فرنسا تمويلاً بقيمة 2641 مليون دولار، منهم 2310 مليون دولار تمويل حكومي موجه لقطاعات (النقل ودعم الموازنة والكهرباء والطاقة المتجددة والبترول والإسكان الاجتماعي وشبكات المياه والصرف الصحي والمرأة والتعليم والتعليم العالي والأمن الغذائي والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسط والبيئة)، و331 مليون دولار للقطاع الخاص.
أما بنك الاستثمار الأوروبي، فبلغ إجمالي التمويلات 4699 مليون دولار، من بينهم 1896 مليون دولار للقطاع الحكومي (استفادت منه قطاعات النقل وشبكات المياه والصرف الصحي والبيئة)، و2803 للقطاع الخاص.
وقدم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تمويلات بقيمة 3457 مليون دولار، من بينهم 1235 مليون دولار للقطاع الحكومي (موجه لقطاعات النقل والتنمية المحلية وكفاءة الطاقة والمخلفات الصلبة والمياه والصرف الصحي والري)، و2222 مليون دولار للقطاع الخاص.
أما إسبانيا فقدمت تمويلات بقيمة 867 مليون دولار، جميعها للقطاع الحكومي، موجهة لقطاعات النقل والزراعة والتموين والري والمرأة والشباب والحوكمة.
وبلغ إجمالي التمويلات من ألمانيا في الفترة من 2020 حتى 2023 644 مليون دولار، من بينهم 637 مليون دولار (مبادلة ديون) مع القطاع الحكومي (القطاعات المستفيدة: الزراعة والكهرباء والطاقة المتجددة والإسكان الاجتماعي وشبكات المياه والري والصرف الصحي والتعليم والبيئة والحوكمة والتجارة والصناعة والمرأة والهجرة والتنمية الاجتماعية والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والتغذية المدرسية) علاوة على 7 ملايين دولار للقطاع الخاص.
تمويلات الاتحاد الأوروبي
قدم الاتحاد الأوروبي تمويلات بقيمة 371 مليون دولار، من بينها 356 مليون دولار للقطاع الحكومي (موجه لقطاعات الزراعة والتموين والري والإسكان الاجتماعي وشبكات المياه والري والصرف الصحي والمرأة والتضامن والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والحوكمة والتجارة والصناعة والصحة) و15 مليون دولار للقطاع الخاص.
إضافة إلى 22 مليون دولار من سويسرا، من بينهم 17 مليون دولار للقطاع الحكومي (موجه لقطاعات شبكات المياه والري والتعليم) و5 ملايين دولار للقطاع الخاص.
و10 ملايين دولار من النمسا جميعها للقطاع الحكومي، موجهة لقطاعات النقل والإسكان، وشبكات المياه والصرف الصحي. إضافة إلى 26 مليون دولار من إيطاليا للقطاع الحكومي (مبادلة ديون) موجهة لقطاعات (التجارة والصناعة والأمن الغذائي والتعليم والزراعة والمجتمع المدني).
وقدم الصندوق السويدي تمويلات بقمية مليوني دولار للقطاع الحكومي، موجهة لقطاعات الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة والبترول. أما بنك التنمية الهولندي فقد بلغ إجمالي قيمة التمويلات 115 مليون دولار، جميعها للقطاع الخاص.“
انتهى نص CNBC عربية“
هل يُمسك السيسي على أوروبا شيئا؟ طبعا! وكثيرا!
يبدو في الظاهر مستَغرَبا أن يستمر السيسي في طلب المساعدات والمنح والقروض على الرغم من تعثره شديد الوضوح في رد الديْن أو حتى خدمته. جميعنا ندرك عن وعي أنه لا الاتحاد الأوروبي ولا برلمانه ولا دُولِهِ فَرادَى أو مُجتمعين ولا الولايات المتحدة وحتى جهات الإقراض الدولي يَخْطُون خُطوةً لوجه الله تعالى؛ فالسؤال هو مالذي تستفيده هذه الدول والجهات من مَُنْحِ مصرَ ونَقْدِهَا كلَّ هذه المليارات إذا كانت تبتلعها مصر ولا تردها؟! في مقابل ماذا تدفع أوروبا كل مليارات الدولارات هذه كل (شوية) التي لا يرى منها المواطن المصري مليما أحمر إذا لم تكن في مقابل خطة التهجير؟ في الواقع، النظر لهذه المنحة تحديدا، والتي أقرها البرلمان الأوروبي في الأول من أبريل الجاري يحيلنا إلى قراءة العناوين جيدا ولعدة تفاصيل مهمة“.
بماذا تضغط السلطة المصرية على البرلمان الأوروبي بخلاف دورها التاريخي في القضية الفلسطينية؟ الهجرة غير الشرعية – مشتر مثالي للسلاح – الجهاد الراديكالي
أما عن الهجرة غير الشرعية فإلى حضراتكم:
السلطة حصلت على ما يسمى مساعدات مالية كلية، كانت أكثر من ثلثي المبلغ المقرر ووفقا لقواعد البرلمان الأوروبي وُقّعت اتفاقات المساعدات المالية ”الكلية“ التي تعطى لدول ”مرتبطة“ فعليا بالاتحاد ” اليونان وإيطاليا مثالا“ وكذلك للدول الموقعة على شراكات استراتيجية كالاتحاد ومصر إحداها الآن؛ باعتبارها دولة في مشكلة في ميزان المدفوعات والمدرجة ضمن أحد برامج الدعم التابعة لصندوق النقد الدولي. الأغرب أن الاتحاد الأوروبي عرض على ما يبدو تقديم مساعدة برنامجية، يكون له فيها طبعا حق الرقابة على أوجه صرف أمواله، وطبعا رفض السيسي وطلب مَنْحَهُ سيطرةً كاملةً مالياًً وسياسياً على أوجه الإنفاق.
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الذي كان اختياره لمنصبه محطّ انتقاد وتنديد على نطاق واسع خاصة من المعارضين بسبب سجل ممارساته الأمنية إبان فترة خدمته سفيرا في ألمانيا طالب في التاسع من أبريل ٢٠٢٥ أثناء وجود الرئيس الفرنسي ووفده المرافق بالدفع بالمزيد من الدعم المادي الأوروبي لمكافحة ”الهجرة غير الشرعية“ من (مصر) -دولة المعبر أو المستقر باتجاه دول الاستقرار النهائي (الأوروبية ) شمال المتوسط.
ما يعرفه جيدا السيد ماكرون هو أن أكثر من تقرير معني بالحد من الهجرة غير الشرعية وسلامة وأمن المهاجرين يتحدث عن قمع المهاجرين في مصر دون اتخاذ ما يلزم للعمل ببنود الاتفاقات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي؛ من ثم بحسب بعض هذه التقارير ”السلطة في مصر لا تريد للهجرة غير الشرعية أن تنتهي تماما، وإلا فقدت حُزما من المساعدات في مقابل إيقاف موجات الهجرة غير الشرعية عن سواحل شمال المتوسط وشرقه.“
كيف يضمن البرلمان الأوروبي تنفيذ الاتفاقات؟
المجلس الأوروبي يضع الخطة العريضة لعمل الاتحاد الأوروبي ويجتمع في المجلس الأوروبي برئاسة المفوضية، ورؤساء الدول والحكومات، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية مرتين كل عام. إلى جانب المجلس والمفوضية يوجد البنك الأوروبي ومحكمة المدققين الأوروبية.
في نهاية التقرير فقرة لفتتني دون غيرها: ”وبموازاة الإصلاحات، يعكف الاتحاد الأوروبي على إبرام اتفاقيات شبيهة بتلك التي توصل إليها مع تركيا في العام 2016 للحد من تدفق المهاجرين. وتوصل إلى اتفاقيات مع تونس ومصر، تم التعريف عنها على أنها ترتيبات تعاون أوسع.“ وقد كان.
المساعدات الأوروبية يليها تعديل ”سياسات اللجوء“
في العاشر من أبريل ٢٠٢٤ عنونت قنوات وموقع روسيا اليوم بالتالي ”بينها إجراءات مثيرة للجدل.. البرلمان الأوروبي يتجه للتصويت على تعديلات في سياسات اللجوء“. انطلقت روسيا اليوم وهي طرف مغرض طبعا في تحرير أي أخبار عن أعدائها في حرب أوكرانيا في الحديث عن أن النواب الأوروبيين يصوتون على تدابير من شأنها تعديل سياسات اللجوء في التكتل والتدابير الحدودية للوافدين بشكل غير نظامي وأن جميع نواب دول الاتحاد طرفا فيه. أشير لهذا لأن المساعدات والاستثمارات الجديدة من الاتّحاد الأوروبي في مصر ”مرهون“ وفقا لبرنامج العلاقات الكلية بين مصر والاتحاد الأوروبي ”بضبط“ الهجرة.
أورسولا فوندرلاين حُزمة إنقاذ حجبتها عن أطفال غزة
وصلت إلى مصر رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فوندرلاين ١٧ مارس ٢٠٢٤ والعالم تقريبا كله يندد بتصريحاتها شديدة العداء تجاه الفلسطينيين، لحضور مؤتمر استثنائي بين الاتحاد ومصر، خرج منه السيسي ب ٧.٤ مليار يورو تعهدت أورسولا فوندرلاين في استثمارات خاصة كانت حُزمة أولى، تُصرف على النحو التالي:
التي طلبها السيسي من ماكرون هي الحزمة الثانية! السؤال المنطقي الوحيد هو: أين تذهب كل هذه المساعدات؟ أين؟! والاتحاد الأوروبي يعلم علم اليقين أن نقوده لا تصل المصريين؟ فلماذا يستمرون في المنح؟!
هل مصر ترفض التهجير واللجوء؟ على حسب!
حتى عام ٢٠٢٤ موقع مفوضية اللاجئين التابع للأمم المتحدة رصد أن مصر تستضيف أكثر من 902 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين من 58 جنسية مختلفة للأمم المتحدة لذلك فإن ”القلق من زيادة الهجرة إلى أوروبا هو أحد أسباب توقيع هذا الاتفاق مع مصر“. بل أضافت: ” النظام المصري يستطيع استخدام ضوابط أكثر صرامة لضمان أن يكون عدد القوارب التي تنطلق من مصر قليلا جدا“.
كفتة وطرب و٢ رافال و“صلّحه“!
الاقتصاد طبعا، أعني الاقتصاد. كي يطمئن صندوق النقد ويرتفع التصنيف الائتماني لنقترض من جديد!
السلاح – مصر زبون لقطة لفرنسا في شراء وتكديس السلاح، تفضلوا بقراءة الأدلة:
١. مقاتلات رافال:
في العاشر من أبريل ٢٠٢٥ تسلم سلاح الجو المصري مقاتلتين جديدتين من طراز رافال وهي مقاتلة Rafale F3 الفائقة التي يمكن تطوريها مستقبلا لF4.2 القادرة على الإطلاق بتقنية أحدث سواء في نظامها الرقمي أو هيكل الطائرة . مقاتلات رافال تصنعها شركة داسو للطيران Dassault Aviation من كبريات شركات تصنيع الطائرات المقاتلة والخاصة في العالم؛ وتنتج داسو مقاتلات حربية منذ الحرب العالمية الثانية في ١٩٤٧ وغيرت اسمها من شركة ”بروجيه“. إلى داسو بعد الحرب. هذه المقدمة الصغيرة لأصل بحضراتكم إلى أن هذه الشركة في القانون الفرنسي هي شركة (عامة) ويتبع لها خطوط إنتاج من الطائرات مهمة جدا؛ و لنا فيها حديث: ميراج 2000، رفال، فالكون 2000Ex، فالكون 900Ex، فالكون 7X .
على موقع شركة داسو للطيران Dassault Aviation بتاريخ الرابع من مايو ٢٠٢١ التالي“ قررت جمهورية مصر العربية شراء ٣٠ طائرة رافال ”إضافية“ لتسلح قواتها“. انظروا المقطع الثاني لأريكم كيف تُسيَّر هذه الشركات المليارية ”الحكومية“صفقاتها. أضافت: ”الطلبية الجديدة لمصر تستكمل صفقتها ب ٢٤ طائرة رافال rafales التي وُقعت في فبراير ٢٠١٥ والتي تصبح بها القوات الجوية المصرية الثانية في العالم بعد القوات المسلحة الفرنسية من حيث عدد ”مقاتلات رافال“ في قواتها المسلحة.“
٢. صفقات السلاح الفرنسي مع مصر
قاعدة البيانات العالمية sipri لمعهد ستوكهولم للدراسات والإحصاء المعنية بحركة السلاح وصفقاته الرسمية في العلم خلصت في الخامس عشر من مارس ٢٠٢١ إلى أن مصر قفزت في معدلات التزود بالتسلح في قفزة وصلت لحد +١٣٦ بالمئة بين عامي ٢٠١٦-٢٠٢٠ مقارنة بالفترة ما بين ٢٠١١-٢٠١٦.
كما أن فرنسا؛ المتنافسة مع ألمانيا على المرتبتين الثالثة والرابعة في تصدير السلاح زادت صادراتها في نفس الفترة من الأسلحة الثقيلة بمعدل 44 ٪ بمعدل 8.2 من حجم الصادرات الكلي في العالم من السلاح بين عامي 2016-2020، وأن الهند ومصر وقطر مجتمعين استوردوا مجتمعين 59 ٪ من صادرات السلاح الفرنسي.
هذه أرقام مرعبة لدولة مثل مصر حتى لو كانت في حالة استعداد لحرب في وضعها الاقتصادي الحالي.
٣. مسدسات الصوت
٤. حاملات المروحيات العملاقة ارتباك بين ”عبد الناصر“ و“أنور السادات“
شمل الاتفاق المصري أيضا عقودا مع شركة صناعة الصواريخ “إم بي دي إي”، وشركة “سافران” للإلكترونيات والدفاع بقيمة 200 مليون يورو أخرى. كما تسلمت السلطات المصرية أول حاملة للطائرات المروحية ميسترال فرنسية الصنع باسم “جمال عبد الناصر” يوم ٢ يونيو ٢٠١٦ من فرنسا، وقال قائد القوات البحرية المصرية، أسامة ربيع، إن “حاملة المروحيات الجديدة تضيف قدرات كبيرة للقوات البحرية، التي كانت تدافع عن الحدود (لا أحد يعرف متى دافعت وضد من) من داخل السواحل المصرية، ولكن أصبح لديها الآن القدرة على الدفاع عن السواحل من خارجها“.
حصلت القوات المسلحة على حاملة المروحيات الثانية في أغسطس ٢٠١٥ باسم ”أنور السادات“ ليكون سعر الحاملتين لمصر ١.٤ مليار يورو ”وهو ما قالت فرنسا إنه سعر مخفض عما إذا تقرر بيعهما لروسيا وكان ١.٤ مليار دولار). الاتفاق العسكري جاء ضمن اتفاق عسكري كبير بين فرنسا ومصر دفعت فيه مصر ١.١ مليار دولار لكن حجمه كاملا ٥.٦ مليار دولار وبمقتضاه تبيع فرنسا مصر ٢٤ طائرة قتالية متعددة المهام تشمل رافال وفرقاطة وصواريخ سبق الإشارة لها. فضلا عن الوفد من رتب كبيرة في القوات المسلحة وشخصيات عامة الذي كان في انتظار شحنة الأسلحة القادمة من فرنسا يوم التسليم- إليكم:
جمال عبد الناصر النسخة الروسية!
الغريب أنه ببحث معمق، توصلت إلى أن المجلس العسكري أو بالأحرى إدارة التسليح التي أشرت إليها في التحقيق السابق ، والذي أشرت فيه إلى أن الفريق محمد العصار في تلك الأثناء كانت من ضمن مهامه مساعد وزير لشؤون التسليح وأنه كان طرفا في تنفيذ كل عمليات شراء السلاح من الخارج. الغريب في الأمر أن إشارة جاءت على موقع بي بي سي في الثاني من يونيو ٢٠١٦ بأن الحاملتين اللتين باعتهما فرنسا لمصر وسلمتهما إياهما متتابعتين في عامي ٢٠١٧ و ٢٠١٨ كانتا أصلا لروسيا وأوقفت فرنسا التسليم رغم تسلم أثمانهما بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، واعتبرته روسيا نصبا علنيا من كل دول أوروبا الرجوع في اتفاقاتهم خاصة لبيع السلاح والطاقة وتسلم الأثمان من روسيا ثم إيقاف الوفاء بالتسليم.
اللافت والذي يخصنا من ذلك أن حاملة مروحيات روسية بنفس الاسم ”جمال عبد الناصر“ وصناعة فرنسية من شركة Mistral class أيضا بنسبة ٦٠٪ وروسيا ٤٠٪ وصنعتها طُلبت من إدارة شراء السلاح في القوات المسلحة المصرية ٢٠١١ من روسيا والمصنّع كان فرنسيا أيضا لكن مخازنه في روسيا على أن تسلم لمصر في سفاجا٢ يونيو ٢٠١٦ برقم متسلسل لتعقب الحاملة حتى الآن يمكن لحضراتكم تتبعها منذ خرجت من مينائها حتى وصولها.
——————————————————————————————-
الإبقاء على مصر في المعسكر الغربي
ما أظنه أن الصفقة تعثرت وأن الصفقة كاملة استلمتها مصر من فرنسا، وهذا يقودنا إلى إشكالية أخرى، فرنسا تبادر بترسيخ الاستثمار فيها حاليا وأظنها رأس الحربة وألمانيا وانجلترا ودول أوروبية أخرى ستؤكد عليه والدليل الحزمة الجديدة من المنح التي تنافي كل أوراق الضغط التي يمارسونها على السيسي لفتح المجال العام السياسي والصحفي. وفي حالة الاستقطاب الكبرى في المنطقة والتكالب على محور المقاومة ومحاولة اجتثاث إيران وماكان يعرف بأقطاب محور الممانعة وأعداء الإمبريالية الأمريكية، من المهم الإبقاء على مصر (ليس بالضرورة هذه السلطة) في المعسكر الغربي.
زيارة ماكرون وابتزاز السيسي لهذا الظرف بامتصاص مزيد من الدماء والأموال والوقت والتخلص من كل هواجسه وسحق كل ما يستطيع من حقوق الإنسان وتصفية نهائية لمعارضيه ثمنٌ يَشْتَرِي به نفسَه ويعزز كرسيه في لحظة سانحة تأتيه قليلا لكنه يعرف جيدا كيف يستغل كل فائدتها.
لمن كل ها السلاح؟ من هو العدو؟
في المقال الفائت لفتت عناية القراء إلى فقرة بعينها في مهام المخابرات الحربية. كتبت التالي:
”على الرغم من قيادة إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع للقضايا المتصلة بالأمن القومي من الناحية العسكرية واستطلاع تحركات ”العدو“ – سنقف عند هذه الكلمة كثيرا في تحقيقات لاحقة.”
والحقيقة أن إحدى هذه المرات يأتي أوانه الآن. أتفهم جيدا أن سباقا للتسلح ماضٍ في الشرق الأوسط، وأن صفقات السلاح الكبرى التي تعقدها المؤسسة العسكرية قد لا تتناسب طرديا مع حجم الخطر المقيم الذي تتعرض له مصر وهي بالفعل تحت خطر مقيم، لكن سباق التسلح هذا يأتي في وقت، مصر لم تتحسب له جيدا من الناحية الاستراتيجية؛ إذ استهانت السلطة الحالية بصمتها إزاء حرب الإبادة، استهانت بدورها في عمق مصر الحيوي في رفح الفلسطينية، بدأت سلطتها تطلب اصطفافا عندما أصبح التهجير أمرا مباشرا من واشنطن. اصطفاف لإنقاذ السلطة وليس الأرض ولا السيادة المصرية على حدود الأرض؛ اصطفاف خلف القيادة كما يسمونها حرفيا، اصطفاف دون عمق، دون موقف، دون فهم للمقدمات والنتائج.
من دون أي فلسفة: من لم يفعل ما يوقف الإبادة لن ينجو من العواقب. لا حسابات استراتيجية تقول إن الجيوش العربية أو القيادات السياسية لم تتواطأ بالصمت عن الإبادة، لأن نصفهم مطبع أصلا مع آلة الحرب الإسرائيلية، وعلنا.
يعني ذلك ببساطة أن لديها أسطولا ضخما من الرافال يبلغ أكثر من يقارب ال٤٠ مقاتلة رافال لسلاح الجو فقط وحاملين اثنين للمروحيات من فرنسا فقط. السؤال التالي – لماذا؟ من هو العدو الذي سنحاربه؟ لا تنظيم ولاية سيناء ولا أي عدو آخر ولا أي جار ولا حتى إسرائيل في حسابات مخاطرك ستحارب ضده؟ وأنت طبعا لا ستحارب إسرائيل ولا الوكالات المتحدة؟ وأنت غارق أنت وشعبك الذي أنت موظف عنده وأغرقته في ديون لا قبل لك بها وغير قادر حتى على خدمة دينه الذي ورطته فيه؟ أنت مجبر على الدخول في صفقات سلاح ب“قرض تمويلي“! ياعيب الشوم!
لم يبق في هذه الجزئية سوى سؤال واحد: كل هذه الأموال التي تلقتها السلطة في مصر خلافا لما تحصله من بيع أصول الدولة وغيره من الحلول التي لا يرى منها المواطن مليما أحمر – أين تذهب؟
ماذا عن السجل الحقوقي المصري سيء السمعة؟
ماذا عنه؟ ماكرون لم يغير حرفا مما وقعت مؤسسة القوات المسلحة – تحديدا وزارة الدفاع المصرية صفقة مع فرنسا اشترت فيها ٣٠ مقاتلة رافال ب“قرض تمويلي“ – ونحن لسنا في حالة حرب انتبهوا – في ٤ مايو عام ٢٠٢١ بكلفة تبلغ ٣.٧٥ مليار يورو (٤.٥) مليار دولار (قرض تمويلي بفوائد)، الرجل لم يعدل عن تصريحاته قبلها في ٧ ديسمبر ٢٠٢٠ بأنه ” لن يجعل بيع الأسلحة لمصر مشروطا بملف حقوق الإنسان لأنه لا يريد إضعاف قدرة القاهرة على مكافحة الإرهاب في المنطقة.
وأما عن الجهاد الراديكالي فهاكم، تفضلوا بالقراءة:
ماكرون و العرجاني- شراكة لابد منها
ما قصة عناصر الأمن الفرنسيين الذين التقاهم ماكرون؟ ما فهمناه في عدد مونت كارلو الفرنسية بتاريخ ٨ أبريل ٢٠٢٥ أن اجتماع العريش كان بين السيسي وماكرون و”عناصر أمن“ – (انتبهوا مرة جديدة يستخدم فيها مصطلح ”عناصر أمن“ دون توضيح طبيعة الفئة المسلحة) قيل إنهم ضمن بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الحدود (قوات حفظ السلام وفقا للاتفاقية الموقعة بين مصر وإسرائيل غير مسلحين تقريبا تسليحهم خفيف جدا) يخدمون ضمن بعثة الاتحاد الأوروبي المخصصة لمراقبة الحدود، والتي من المفترض انها سوف يتم نشرها في معبر رفح. من المستحيل أن تقبل إسرائيل بمراجعة أو الاجتماع بعناصر يُفترض أنها محدودة التسليح وفقا للاتفاقية مع مصر دون أن تكون طرفا في الاجتماع. بينما تجاهلت هذه التفصيلة النسختان الإنجليزية والفرنسية من France 24، وأضافت النسخة الفرنسية ديباجة في السياق عن حركة حماس ضمن السرد عن وقف إطلاق النار وفرص الحل السياسي ولم تكون محايدة تماما.
من يدّعي أن فرنسا لم تكن تتابع حرب قبائل سيناء والمخابرات الحربية على ”تنظيم ولاية سيناء“ فهو واهم. فرنسا مرتعبة من خط طويل جدا قادم إليها من شرق وغرب أفريقيا في سلسلة محبوكة من الجهاد الراديكالي اقتَفيْتُ أثرَه في أكثر من دراسة ماضية ذاقت بسببه فرنسا الأمَرّيْن فيما تعتبره مستعمراتها القديمة، وللأسف عانت منه الجزائر وتونس وليبيا. مصر تعلم عن هذا الزحف الجهادي وخبيرةٌ فيه من تجارب أليمة.
هنا ينبغي أن أتوقف لنسأل: لماذا يأت ماكرون ليعلن موقف فرنسا ”الرافض للتهجير والداعم لمصر“ من مصر، بينما فرنسا عضو في اللجنة الرباعية التي تضم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة – والُمشَكّلَة بعد انتفاضة الأقصى الثانية ٢٠٠٠ ؟ يفترض بهذه اللجنة التي أنشئت بعد عامين من الانتفاضة أي في ٢٠٠٢ ومثّلها توني بلير منذ ٢٠٠٧ لعدة سنوات ولها خارطة طريق وممثلٌ سامٍ ومنسقٌ خاص وهلم جرّ أن تبت في هذه الأمور الخطيرة؟ لم نسمع منها كما لم نسمع أمرا باتا ومفيدا من الجامعة العربية التي أصبح أكثر من نصفها من دول التطبيع! طيب لماذا تسمية العريش نقطة فريدة لجمع المساعدات لأهل غزة بينما رفح الفلسطينية المتاخمة تماما لرفح المصرية كانت تباد حرفيا في اللحظة التي تسمَّى في العريش نقطة الارتكاز بينما المعبر في رفح؟!
نظرية تحريك الموارد RMT
الجهاد الراديكالي من شرق أفريقيا مرورا بالساحل الإفريقي عبورا من مالي لليبيا لحدود مصر الغربية لجنوب المتوسط لفرنسا. الجماعات الجهادية مرنة في استهداف الإمكانيات التي تضمن استمرارها، وعادة تمر بمراحل تقرر فيها أن وجودها فوق الأرض مهدِّد لوجودها أساسا، فتعتمد نظرية تسمى في دراسات الحرب Resourses Mobilization Theory (RMT( وفي نظرية تستبدل فيها المجموعة الجهادية مواردها و تؤقلم نفسها على بيئة حاضنة خاصة بمواردها البديلة) ما حدث في سيناء وغيرها من بيئات طاردة، أنها اختفت بعد الانقضاض على صفها الأول وربما الثاني تحت الأرض واستبدلت الدعم الخارجي بالاختباء داخل البيئة المحلية، في حالة سيناء خدمها تفريغ المثلث (رفح – العريش – الشيخ زويد) باتجاه وجه بحري (محافظات الدلتا)، والاعتماد على الحاضنة الجديدة في الاستمرارية الإعاشية حتى تُمحورَ نفسها سرا حتى فرصة أخرى مواتية بجيل اليافعين للانقضاض.
قبل ٢٠١٤ في منطقة الساحل والصحراء خشيت فرنسا أن يُستبدل بتنظيم الدولة الإسلامية تنظيم القاعدة في باكستان وأفغانستان بتنظيمات يافعة بجيل جديد في مالي ومناطق نفوذها الاستعمارية القديمة في الساحل والصحراء ومالي، وقد حدث. دبت الروح في فصائل للقاعدة في الصومال ومالي ونيجيريا، ثم شمالها في تونس وليبيا. خمس مجموعات راديكالية مسلحة شديدة الخطورة نمت في الفترة بين ٢٠١٦ و٢٠٢٣، لديها صلات بتنظيم القاعدة، من بينها “بوكو حرام” في نيجيريا، و”القاعدة في المغرب الإسلامي” شمال الصحراء الكبرى، وحركة “الشباب المجاهدين” الصومالية، وحركة “أنصار الدين” السلفية الجهادية في مالي، وحركة “التوحيد والجهاد” في غرب أفريقيا.
لا منظمة واحدة سواء الإيكواس ECOWAS في غرب أفريقيا ولا الإيكاس ECCAS في وسط أفريقيا ولا الإيجاد IGAD في الشرق نجحت في درء هذا الخطر بسبب التوترات بين الدول وداخل كل دولة. سهولة تنقل الأفراد والحدود غير المنضبطة وانتشار السلاح والحرب لسنوات في الداخل الليبي وتفلت مالي صعّب الأمور جدا في نظر فرنسا وعلى مصر أيضا؛ حدود طويلة جدا مع ليبيا وانشغال كبير بالحدود مع الأراضي الفلسطينية ومحاربة ”تنظيم ولاية سيناء“ والتنافس مع الإمارات (آنذاك طبعا قبل التطبيع الفرنسي مع إسرائيل) في ملف ليبيا ودعم حفتر وهزيمته، وعدم الالتفات إلى مشكلة الحدود الجنوبية للإبقاء على السودان حليفا في قضية سد النهضة، كل ذلك سبب مشكلة حقيقية تريد فرنسا فيها شريكا ثابتا، وعلى الرغم من مشاكله لا تجد بُدّا من الثقة في مصر وتونس والمغرب والجزائر مكامن أمن لخطر الجهاد الراديكالي في مواضع مصالحها في المنطقة. فليكن.
تفضلوا بمتابعة تحقيق تالٍ – إن عشنا.