سياسة

قهر الاستبداد: تجريم الأسدية والنفوذ الإيراني كضمان لاستعادة سوريا واستقلالها

أبريل 23, 2025

قهر الاستبداد: تجريم الأسدية والنفوذ الإيراني كضمان لاستعادة سوريا واستقلالها

سجل التاريخ السوري فصولاً مظلمة تخللتها موجات من الاستبداد والقمع منذ سيطرة حزب البعث على السلطة عام 1963. شهدت البلاد تحولاً عميقاً مع استيلاء حافظ الأسد على الحكم في عام 1970، ضمن ما سُمّي بـ”الحركة التصحيحية”، مما أدى إلى إرساء نظام شمولي يستند إلى أسس أيديولوجية وطائفية تهدف إلى ضمان سيطرة عائلية ومجموعة ضيقة من المنتفعين على الدولة. ترك هذا النظام بصماته الوخيمة على نسيج المجتمع السوري، إذ خاضت مؤسسات الدولة حرباً ممنهجة ضد الأصوات المعارضة والتعددية السياسية، ما مهد الطريق لسلسلة من الجرائم ضد الإنسانية.

 

 

الأسدية: النظام الإجرامي الممنهج

 

على غرار تجريم النازية بعد الحرب العالمية الثانية بهدف منع تكرار الفظائع، فإن تجريم النظام الأسدي أصبح ضرورة تاريخية لحماية مستقبل سوريا. إذ لم يكن نظام الأسد مجرد حكم استبدادي فردي، بل كان مشروعاً إجرامياً منظماً بُني على أسس القمع والاضطهاد. ويتجلى ذلك في عدة محاور:

 

  • المجازر الجماعية والتطهير العرقي: شهدت سوريا أحداثاً مروعة، منها مجزرة حماة عام 1982 التي راح ضحيتها الآلاف، إضافة إلى العمليات العسكرية الوحشية التي شُنت منذ اندلاع الثورة عام 2011 باستخدام الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة.
  • سجون الموت والممارسات الأمنية الفظيعة: تكشف التقارير والصور المسرّبة، مثل تلك التي نشرها “قيصر”، عن أساليب تعسفية في الاعتقال والتعذيب والتنفيذ الجماعي، مما يعكس طبيعة النظام كأسطورة قاتمة قادرة على إبادة كل من يعارضه.
  • استخدام الإعلام كأداة للترويع: تم تزييف الحقائق ونشر الأكاذيب لتبرير الانتهاكات، ما ساهم في تحويل الرأي العام الداخلي وإسكات أصوات المعارضة.
 
 

النفوذ الإيراني وأدوات الهيمنة

 

لا تكتمل معاناة الشعب السوري دون الاعتراف بتدخل إيران المعروف بـ”النفوذ الإيراني”، والذي يتجاوز مجرد الدعم العسكري ليصل إلى تغيير البنية الفكرية والسياسية للبلاد. ويشمل هذا المشروع عدة أبعاد:

 

 

  • التدخل العسكري من خلال الميليشيات الطائفية: استخدمت جهات مثل حزب الله وفاطميون وزينبيون والحرس الثوري الإيراني عملياتها العسكرية لنهب الأراضي وترويع السكان في مناطق مثل ريف دمشق، القلمون، حلب، ودير الزور.
  • التغلغل في الحياة السياسية والإعلامية: تم التلاعب بالخطاب العام لتقديم التدخل الإيراني كحليف في مواجهة قوى إقليمية أو دولية، رغم أنه يسعى في جوهره لإعادة تشكيل الهوية الوطنية السورية وفق الأجندة الإيرانية.
  • محاولة تغيير التركيبة الديموغرافية والسياسية: من خلال دعم جماعات طائفية معينة وتأجيج الصراعات الداخلية، يكرس النفوذ الإيراني الانقسام الوطني ويدوس على الهوية السورية الجامعة.
 
 

المسؤولية الثورية وبناء سوريا الجديدة

 

كانت الثورة السورية تعبيراً عن رغبة الشعب في الحرية والعدالة والكرامة الوطنية. واليوم، تتجلى مسؤوليتها في مواجهة كلا المشروعين الخطيرين:

 

 

  • تجريم الأسدية والنفوذ الإيراني: يجب أن يكون هناك رد قانوني وسياسي حاسم تجاه كل من شارك في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الإنسان في سوريا، سواء على مستوى الأفراد أو الهياكل المؤسسية.
  • تحقيق العدالة والشفافية: على المجتمع الدولي المساهمة في وضع آليات محاكمة عادلة للمجرمين والسياسيين الذين تدرجوا ضمن هذه المنظومة، مستفيدين من التجارب القانونية الدولية لضمان محاسبة جميع المسؤولين.
  • تعزيز الهوية الوطنية السورية: يتعين على مؤسسات الدولة في المرحلة الانتقالية إعادة بناء هوية وطنية شاملة تضم كافة مكونات الشعب، بعيداً عن أي تدخل خارجي أو هيمنة أجنبية.
  • رفض أي صيغة للمصالحة المشوبة بالمصالح السياسية: إذ قد تؤدي المصالحة “الوحدة الوطنية” تحت ستارها إلى إعادة دمج الأسدية والنفوذ الإيراني في مؤسسات الدولة، مما يعيق قيام دولة ديمقراطية حقيقية.
 
 

المادة الدستورية لتجريم الأسد ومناصريه

 

من بين الخطوات الثورية الجوهرية التي تمّ اقتراحها في إطار بناء سوريا الجديدة، إدراج مادة دستورية تُجرد الأسد ومناصريه من الشرعية. وتقوم المادة على النقاط التالية:

 

 

  • تجريم إعادة إحياء المشروع الاستبدادي: تعتبر أي محاولة لاستعادة النظام أو إعادة تدويره انتهاكاً لحق الشعب السوري في العدالة، وتفرض المادة عقوبات صارمة على كل من يساهم في ذلك.
  • المحاسبة القانونية لكل من يروج لفكرة إعادة المشروع الاستبدادي: سواء كان ذلك من خلال الخطاب السياسي أو التبرير الإعلامي، فعدم تجريم هذه الممارسات يعد إخلالاً بالمبادئ الديمقراطية.
  • آليات رصد وتطبيق المادة: سيتم تشكيل لجان وطنية متخصصة بالتعاون مع الهيئات القضائية المحلية والدولية لضمان تطبيق هذه المادة على جميع المستويات دون استثناء.
 
 

الأبعاد القانونية والدولية للمسألة

 

يرى عدد من الخبراء أن تجريم الأسدية والنفوذ الإيراني ليس مجرد مطلب سياسي بل إجراء قانوني يستند إلى مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان ومحاكمات جرائم الحرب. ولهذا:

 

 

  • إحالة المسؤولين عن الجرائم إلى المحاكم الدولية: بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية، لضمان إقامة عدالة تتجاوز حدود السيادة الوطنية.
  • إنشاء آليات دولية لمراقبة التنفيذ: تعزز التعاون بين الجهات القضائية الدولية والمحلية لضمان عدم الإفلات من العقاب لأي من المسؤولين عن الانتهاكات.
 
 

نحو سوريا خالية من الاستبداد والنفوذ الإيراني

 

إن الطريق نحو سوريا مستقلة وديمقراطية لا يُبنى على أسس الخوف والرعب، بل على تحقيق العدالة التاريخية وترسيخ مبادئ سيادة القانون وحقوق الإنسان. إن تجريم الأسدية والنفوذ الإيراني مع إدراج مادة دستورية تُجرد الأسد ومناصريه من الشرعية يعد خطوة حاسمة لضمان عدم تكرار فصول الماضي المظلمة.

 

 

هذا الإجراء يعكس إرادة الشعب السوري في بناء وطن يتمتع بالعدالة والحرية واستقلال القرار، ويضع الأساس لتحقيق مستقبل يخلو من أثقال الاستبداد ونفوذ الهيمنة الأجنبية.

 

 

بهذه الطريقة، يظل الطريق مفتوحاً لتحقيق سوريا جديدة تسودها العدالة والحرية، حيث تُدرك حقوق كل فرد ويتم محاسبة كل من حاول سرقة الحرية وإحياء المشهد الاستبدادي.

شارك

مقالات ذات صلة