مدونات

في ظل الاحتلال والمجازر الوحشية.. لم يعد السلاح خيارًا بل ضرورة وجودية!

أبريل 22, 2025

في ظل الاحتلال والمجازر الوحشية.. لم يعد السلاح خيارًا بل ضرورة وجودية!

للكاتب: ظاهر صالح

 

أثار طرح بند نزع سلاح المقاومة في مقترح الهدنة الذي نقلته الوساطة المصرية موجة غضب عارمة في الأوساط السياسية والشعبية الفلسطينية، فقد تبيّن أن المقترح يتضمن شروطًا تقضي بتسليم الأسرى الأحياء والأموات مقابل تهدئة مؤقتة مدتها 45 يومًا، مع اشتراط التفاوض على نزع سلاح المقاومة كشرط لاستمرار وقف العدوان وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالغضب والرفض لما تداولته وسائل إعلام عربية وعبرية حول مقترح الاحتلال “الإسرائيلي”.

أكد رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن سلاح المقاومة “خط أحمر لا يقبل النقاش أو التفاوض، فهو درع الشعب وسيفه، ولن تُسلَّم البنادق التي حررت، لا اليوم ولا غدًا”. وشددوا على أن مجرد طرح هذا البند يُعد وقاحة سياسية ومحاولة فاشلة لشرعنة بقاء الاحتلال ومصادرة حق الشعب في الدفاع عن نفسه.


يرى المغردون أن من خاض قتالًا شرسًا لأكثر من ثمانية عشر شهرًا، وصنع معجزات الصمود في وجه النيران والحصار، لن يستسلم للإغراءات أو الضغوط أو الأوهام السياسية. فالمقاومة مستمرة بكل أدواتها، وستواجه مشاريع التصفية كافة بكل قوة وثبات.

وشدد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على أن أي مساومة على سلاح المقاومة الفلسطينية تعد خيانة لتضحيات الشعب، وأن أي محاولة لفرض استسلام سياسي تحت ستار التبادل لن تنجح. فالمقاومة تعرف كيف تفاوض، ومتى تصعِّد.

ولأن الذاكرة الوطنية الفلسطينية حاضرة ومشبعة بالتجارب المريرة، أعاد نشطاء فلسطينيون إحياء وتذكير أبرز ما جرى في بيروت عام 1982، عندما خرجت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، بعد اتفاق رعته الإدارة الأمريكية وقوى دولية، تخلّت خلاله منظمة التحرير الفلسطينية عن سلاحها الثقيل، وبعد أيام فقط، وقعت واحدة من أبشع المجازر في تاريخ الشعب الفلسطيني، وهي مجزرة صبرا وشاتيلا. وبعد هذا الطرح، أعاد الفلسطينيون وقتها النظر بمرارة في نتائج الرهان على الضمانات الدولية، معتبرين أن نزع السلاح دون حماية حقيقية يعني فتح الأبواب أمام المجازر.

اليوم، وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على تلك التجربة، ترفض فصائل المقاومة في غزة أي مقترحات تفضي إلى التخلي عن سلاحها، مؤكدةً أن هذا السلاح هو أداة ردع لا أداة هجوم، ويمثل الضمانة الوحيدة لحماية الشعب الفلسطيني من الاحتلال، في ظل الصمت العربي المريب، والعجز الدولي، واستمرار الحصار والعدوان وحرب الإبادة.


أثارت ردود الفعل الشعبية على وسائل التواصل الاجتماعي غضبًا واسعًا ورفضًا قاطعًا لأي مساس بسلاح المقاومة، معتبرين أن المطالبة بنزع السلاح “عار على الضحية”، وأن أي نقاش حوله هو “طعنة في ظهر الدماء الفلسطينية”. ويرى الكثيرون أن الحديث عن نزع سلاح الفلسطينيين بمثابة منح الجلاد سيفًا إضافيًا لاستكمال الذبح، وأن نزع سلاح المقاومة يعني نزع شرف الأمة العربية والإسلامية.

يرى مراقبون ومحللون أن مطالبة الاحتلال بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية في غزة تأتي في سياق سياسة المماطلة والتسويف التي تنتهجها حكومة الاحتلال، وذلك بهدف مواصلة حرب الإبادة الجماعية التي طالت كل شيء في القطاع. ويعتبرون ذلك مجرد تكتيك تفاوضي يهدف إلى إرباك المفاوض الفلسطيني وخفض سقف مطالبه.

ووفقًا للمراقبين، فإن اشتراط الاحتلال نزع سلاح المقاومة لإنهاء العدوان المستمر على غزة يعني أن الاحتلال وداعمه الأمريكي يهدفان إلى إطالة أمد الحرب وليس إنهاءها، والسعي إلى مواصلة مخطط القتل والإبادة، لا التهجير فحسب.


في هذا السياق، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” رفضها القاطع لمناقشة هذه المسألة. وأكدت في بيان صحفي أن قيادتها تدرس بمسؤولية وطنية عالية المقترح الذي تسلمته من الوسطاء، وستقدم ردها عليه في أقرب وقت بعد الانتهاء من المشاورات اللازمة. وجددت حركة “حماس” تأكيدها على موقفها الثابت بضرورة أن يحقق أي اتفاق قادم وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحابًا كاملًا لقوات الاحتلال من قطاع غزة، والتوصل إلى صفقة تبادل حقيقية، وبدء مسار جاد لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، ورفع الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وفي السياق ذاته، صرّح رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس في الخارج، سامي أبو زهري، بأن “نزع سلاح المقاومة غير مطروح للنقاش ولن يتحقق، فسلاح المقاومة سيبقى ما بقي الاحتلال، لأنه وُجد لحماية شعبنا وحقوقنا الوطنية”.

بدوره، قال المحلل السياسي العراقي لقاء مكي: “حقيقة ما تريده ‘إسرائيل’ لا يتعلق بنزع سلاح المقاومة كشرط لإنهاء الحرب، بل بافتعال الأسباب لاستمرارها بهدف التهجير.” وأضاف مكي في منشور عبر صفحته على منصة (X) أن “مشكلة ‘إسرائيل’ ليست المقاومة في غزة، بل غزة ذاتها. ولأن البحر لن يغرقها كما تمنى رابين ذات يوم، فالحل هو إفراغها من سكانها، فحين تخلو من الناس، لن يكون للمقاومة أثر أو وجود.” وأشار إلى أن “إسرائيل طرحت فكرة نزع سلاح المقاومة وهي تعلم أنها غير قابلة للتطبيق وستُرفض، بل تعلم أنه بعد حركة ‘حماس’، ستظهر من بين أنقاض غزة مقاومة أشدّ. لذلك، هي لا تريد إنهاء المقاومة، بل تشتيت الشعب الذي صنعها وأمدّها بالرجال وذاد عنها واحتضنها، وسيصنع غيرها إن لزم الأمر”.


أكد مكي أن “هذه المعركة صفرية، ومن سيوقف ‘إسرائيل’ هي ‘إسرائيل’ ذاتها”، موضحًا أن “استمرار القتل والبطش والعدوان، سيرهق القاتل حتى يتحول إلى مسخ يأكل بعضه بعضًا”. وتابع: “هي معضلة كبرى، وهذا النزيف لأهلنا في غزة موجع وفوق كل احتمال، لكن بديله هو الشتات والمنافي، وليست ريفيرا ترامب، ولا عطف نتنياهو بقليل من الدقيق والسكر”.


من جهته، وصف المحلل السياسي علي أبو رزق مقترح تسليم السلاح بأنه “نكتة سمجة”، مؤكدًا أنه “لا يوجد في غزة أي نوع من السلاح الثقيل، فلا طائرات ولا دبابات ولا صواريخ باليستية ولا مسيّرات نوعية”. وأضاف أبو رزق، في منشور عبر صفحته على منصة (X)، أن “السلاح الموجود في غزة مصنف ضمن السلاح الدفاعي الخفيف في القانون الدولي، أو السلاح الشرطي، بما فيه من عبوات وقذائف آر بي جي والياسين والغول المصنعة محليًا”. وأكد أن وضع هذا الشرط لإنهاء الحرب يعني أن الاحتلال وداعمه الأمريكي يهدفان إلى إطالة أمد الحرب لا إنهاءها، ومواصلة مخطط القتل والإبادة بدلًا من الاكتفاء بالتهجير. وأضاف: “هذا يعني أنهم يسعون إلى تحويلها إلى مقتلة على غرار سربرنيتشا دون أن يُخدش جندي ‘إسرائيلي’ واحد، ومذبحة رواندا دون أي مقاومة تُذكر!”.

يتضح مما سبق أننا أمام مؤامرة تستهدف سلاح المقاومة، وليعلم الجميع أن الرفض الفلسطيني لأي نقاش حول هذا السلاح هو موقف مبدئي وشعبي ورسمي، ينبع من التجربة والمعاناة، وليس مجرد موقف سياسي، ففي ظل الاحتلال والمجازر الوحشية، لم يعد السلاح خيارًا، بل ضرورة وجودية، وصوتًا أخيرًا في وجه عالم ظالم وأعمى وأصم.

 

شارك

مقالات ذات صلة