آراء

من يعمل بالشأن العام عليه أن يتسع صدره!

أبريل 21, 2025

من يعمل بالشأن العام عليه أن يتسع صدره!

بنيت مساري السياسي على الامتنان للمصدقين، والاحترام للمترددين والتماس الأعذار للمتشددين والتسامح مع المسيئين. لا يمكن لشخص طرح نفسه في الشأن العام ألا يتسع صدره لما يقول الناس. كثيرون ممكن آمنوا بأن الوصول مستطاع وأن الانتخابات الرئاسية السابقة كان أملا حقيقيا ونقطة تحول يؤرخ ما بعدها فارقا لما قبلها. نتعامل مع التغيير المدني الديمقراطي كما أسلفت في حوارات صحفية على أنها نضال سياسي، نغير بها ما يعتقد أنه مسلمات. هذا ما تحاول السلطة تثبيته في عقول المواطنين.


٨٢٪ من نماذج التحول الديمقراطي في دول سبقتنا إلى التجربة بتداول السلطة سلميا كللت بالنجاح تحت سقف الدستور، إما بالتفاوض أو الانتخابات أو التنازل المحاط بكتلة جماهيرية واسعة النطاق، لكن اللوم هو كتلة كبيرة تدفع باتجاه هذا المسار. مصر بالطبع ليس أقل من هذه النماذج على العكس هي رائدة في تقديم مواهب وقيادات جديدة قادرة على الإحلال والتمكين وحل مشكلات القيادات القائمة. بين الطريق الأخير الذي تدفعنا إليه هذه السلطة دفعا والانهيار مسافة قصيرة جدا. هذه المسافة كفيلة بإيصالنا إلى انفجار لا يتحمله الشعب ولا تتحمله الدولة.

 

انتخابات لم يخضع فيها كل المتنافسين على الرئاسة لنفس الضوابط والإمكانيات في الدعاية والحشد وعدم التهديد لهم ومناصريهم تكون باطلة حتى قبل أن تبدأ. معايير النزاهة والشفافية في انتخاب تحدد مصير بلد تُحكم من عشر سنوات بالحديد والنار دون دفاع أو دفاع خجول من القوى السياسية التي فرض عليها بالنيابة عن جماهيرها أن تدافع عن حقه وحقها في انتخابات نزيهة وشفافة هي انتخابات أبسط ما يقال فيها إنها غير نزيهة.

 

سبق وسلما الهيئة الوطنية للانتخابات ١٢ مطلبًا من الضمانات وصفناها بأنها دستورية وقانونية وعادلة، ولا يوجد أي مبرر للتخلف عن تنفيذها، وطالبنا الهيئة الوطنية للانتخابات بتطبيق هذه الضمانات. لم تكتف الهيئة بتجاهل المطالب أو حتى بالرد سلبنا عليها، وإنما لم تقدم شكوى ضد الحملة يعتد بها في القضية التي مثلت فيها أنا ومدير حملتي الأستاذ محمد أبو الديار وواحد وعشرون من خيرة شباب حملتي، وإنما وجهت لهم نيابة الدولة – جهة الإحالة – محاضر تحريات لم تقدم فيها الهيئة الوطنية اتهامات باعتبارها الجهة المتضررة من المحررات العرفية! ولم تنج النيابة على الرغم من ما حاولت إثبات اتهام الوزير أبدا لانتفاء أركان الاتهام أصلا لأني حضرت كل الجلسات دون أن أُطلب للتحقيق لا في الأمن ولا أمام النيابة ولا في محكمة أول درجة.

 

رئيس السلطة الحالية، الذي ادعى هو وبطانته أنه مكتسح وشعبيته لا غبار عليها كلف الأمن الوطني بمنع حملة الأمل من ملاحقة استكمال التوكيلات من بابها.  صرح للصحف الأجنبية أنه مستعد لعقد الانتخابات بوجود الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، وقال بملء الفم على الجميع أن يعلم أن الدولة المصرية تقوم بالإشراف على الانتخابات في عدد من الدول، كما أن الإشراف الدولي الحقيقي يختلف تمامًا عن ما حدث في الانتخابات السابقة، حيث إنه يوجد جهات حقيقية ونزيهة وتختلف تمامًا عن الجهات التي تم الاستعانة بها في الانتخابات السابقة. والحقيقة أنه لا إشراف ولا شفافية ولا تنافسا حقيقيا حدث.

 

مانراه الآن من يأس وعزوف كاملين من المواطنين عن مساعدة أو دعم لهذه السلطة بأي شكل، ماهو إلا نتاج طبيعي لسلوك نموذجي في الفشل وكارثي على كل المستويات. أرى أن السياسة الخارجية انعكاس للوضع الداخلي، وسياسة مصر الخارجية تحتاج الكثير من المراجعة بشكل موضوعي، حيث إن مصر تم تقزيمها على مدار السنوات الماضية، وأصبحت دولة غارقة في الديون وهذا أثر على علاقاتها الخارجية. وسيتم التعامل مع المشاكل المتواجدة في ذلك الملف بشكل موضوعي لو تغيرت هذه القيادة المتواطئة في حرب الإبادة في غزة، ولن يتضمن تعاملنا مع المشكلة أن نجعل مصر دولة تابعة ومغيبة عن ملفاتها الاستراتيجية، ومن أولها قضية سد النهضة، والتي سيتم حشد كل موارد الدولة المصرية لخدمتها.

 

كل ذلك وغيره لا يمكن أن يتسق ويعمل معه المواطن جنبا إلى جنب متحملا شدائد تحتمل لو كان الحوار عاقلا وشفافا ومستهدفه الصالح العام فعلا. لم يعقد حوار وطني في مصر، ما رأيناه هو جلسات استماع، وعندما دعيت في البداية، قبلت المشاركة وقلت وقتها انني مستعد أن أتجنب ما بيننا وبين السلطة وليس أن نتسامح فيه لأنه ليس من حقنا، ولكن بما أن السلطة تعترف بوجود أزمة، قلنا نحن لم نصنع هذه المشكلات لكن من واجبنا ان نشارك في حلها إرضاء للناس، كان يجب أن يكون هناك حوار، لكن ما حدث هو جلسات استماع، وبهذا المنطق كان أولى أن يعقده البرلمان أو الحكومة إذا كانت مقبلة على اتخاذ قرار، وكنت متمسكا ومارست كل ما أستطيع من جهد على مدار أشهر، هو أن هناك طرفين متكافئين أمام إدارة مستقلة واتفاقا واضحا على طريقة التعامل مع المخرجات، وبيان8 آيار/مايو الصادر عن الحركة المدنية الديمقراطية، الموقع عليه من 12 حزبا وعدد كبير من الشخصيات العامة، كتبته بعد مناقشات والوصول إلى صياغة مشتركة، وحذرت من أن التهاون في مطالبنا سيفرغ الحوار من مضمونه وسيمهد الطريق للسلطة لاستخدامه في الدعاية السياسية، ولن يفضي إلى شيء، والمبرر الوحيد الذي تم استخدامه للمشاركة في الحوار وهو الإفراج عن سجناء الرأي، يمكن النظر إليه من خلال الأرقام التي تؤكد أن عدد من تم إلقاء القبض عليهم في فترة مظلة الحوار الوطني يتجاوز ضعف من أفرج عنهم، وقلت قبل ترشحي في الانتخابات الرئاسية، إن المواطن المصري يقع بين بطش السلطة وبؤس المعارضة، واليوم أرى أننا أمام سلطة أشد بطشا ومعارضة أكثر بؤسا.

شارك

مقالات ذات صلة