مدونات

حربٌ أو تطبيع: لبنان يتحدّى العالم

أبريل 12, 2025

حربٌ أو تطبيع: لبنان يتحدّى العالم

للكاتبة: عفاف حسن عاشور

 

لبنان يتحدّى وحيداً أمام العالم خطرين. أولاً، دعونا نفهم ما هو التّطبيع مع إسرائيل؟ هو جعل العلاقات طبيعيّة بعد فترة من التّوتر أو القطيعة، ويتضمّن إنشاء علاقات دبلوماسيّة بين إسرائيل والدّولة المقاطعة. إلى الآن، يحظى لبنان من بين الدّول العربيّة بشرف عدم الاعتراف بالكيان الإسرائيلي كدولة، ولا توجد أي علاقات بينهما من النّاحية الإقتصاديّة أو الدبلوماسيّة.

ولكن، في ظلّ الظروف الحاليّة الصعبة التي تمرّ بها المنطقة، وبعد الحرب الإسرائيلية المستمرة على لبنان منذ أكتوبر ٢٠٢٣، والخسائر الهائلة التي لحقت بالبلد، هناك ضغوطات خارجيّة، مع وسائل إعلام غربيّة وعربيّة، تستغلّ هذا الظرف الحرج لتنشر وتُشجّع على موضوع التطبيع مع إسرائيل كحلٍّ لإنهاء الحرب. ولكن، هيهات من لبنان الذلّة!


“التطبيع غير مطروح أمام لبنان”، هكذا كان الموقف الرّسمي للحكومة اللبنانيّة، مطمئنةً الشعب اللبناني المقاوم أولاً، والشعب الفلسطيني الشقيق ثانياً، فلا مساومة على دماء الشّهداء. لبنان، باختلاف طوائفه وأحزابه السياسية، يرفض التطبيع قولاً واحداً، جملةً وتفصيلاً. ولكن، هل يستطيع الصمود أمام الضغوطات الخارجيّة؟

في الحقيقة، هناك موانع أخلاقيّة لامتناهية لرفض التطبيع… هناك دماء شهداء لم تجف بعد… هناك ويلات ومآسي حرب لم ولن تُنسى… هناك قلوب لا زالت ترتعش في جنوب لبنان… هناك عيونٌ تنتظر إبصار نور النّصر الحقيقي من جديد…


إليكم موجز عن تاريخ الصّراع اللبناني الإسرائيلي، المليء بالدّم والشهداء، فخلال جميع الفترات الزمنيّة الماضية، وإسرائيل تعتدي على لبنان بشكلٍ دوري، حتى ما قبل السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، عبر حروب واضحة مُعلنة أو عبر اغتيالات واستهدافات.

في عام ١٩٧٨، قام الجيش الإسرائيلي بغزو جنوب لبنان، واستشهد حوالي ١٥٠٠ مواطن لبناني وفلسطيني، وتم تهجير الآلاف من بيوتهم وقراهم.
في عام ١٩٨٢، اجتاحت إسرائيل الحدود اللبنانية مجدداً، ووصلت إلى العاصمة بيروت، واستُشهد حينها ما يزيد عن ١٤٠٠٠ مواطن لبناني وفلسطيني.
في عام ٢٠٠٦، شنّت إسرائيل عدواناً جديداً على لبنان، واستُشهد أكثر من ١٣٠٠ مواطن لبناني.
في عام ٢٠٢٣، بدأت معركة “طوفان الأقصى”، التي أدّت إلى اشتباكات إسرائيلية على الحدود اللبنانية، توسّعت لتطال جميع المناطق اللبنانيّة، واستُشهد أكثر من ٤٠٠٠ شهيد حتى الآن، علماً أنّ عدّاد الشهداء لا يزال في ازدياد.


أمّا عن الحلول التي يطالب بها لبنان لإنهاء هذا الصّراع الحالي، فأبرزها دعوة إسرائيل للالتزام بقرار مجلس الأمن ١٧٠١، المتّخذ عام ٢٠٠٦ بعد حرب تموز، والذي يهدف لحلّ النزاع اللبناني الإسرائيلي. ولكن، طبعاً، منذ ذلك الحين حتى اليوم، وإسرائيل تخترق هذا القرار ولم يتمّ تنفيذه بالكامل.

ملخّص القرار ١٧٠١ لمن لا يعلم: سحب إسرائيل لجميع قواتها من لبنان، بالتّوازي مع انتشار الجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل” في مختلف أنحاء الجنوب، وأن لا يكون هناك في المنطقة قوات مسلحة غير الجيش اللبناني و”اليونيفيل”.


ختاماً، فإنّ الشعب اللبناني يعلم جيداً أنه ضحيّة خطّة المنظومة الصهيونية في الشرق الأوسط، وأنّ إسرائيل، بطرح موضوع التطبيع، لا تبتغي السلام مع لبنان، إنّما ضمان حفظ أمنها، لتهتك ببلادنا كيفما وأينما تشاء، تحت مسمّى قوانين وأنظمة تصوغها بنفسها لمصلحة نفسها.

لقد اعتمد لبنان دائماً خيار المقاومة، لحماية الأمن القومي اللبناني، ولحماية سيادته وكرامته. ومن حقّ بلدنا أن يفعل ويقرّر ما يشاء، وما يراه في مصلحة أبناء شعبه.
لا أمان، لا سلام، ولا حياة في وجود احتلال

 

 

 

شارك

مقالات ذات صلة