سياسة

استنقذوا الوطن بدلاً من تبييض وجه السلطة

أبريل 7, 2025

استنقذوا الوطن بدلاً من تبييض وجه السلطة

لم نرفض دعواتٍ حقيقيةً لاستنقاذ الوطن أبداً، أبداً. لكننا ميّزنا بين أي دعوة أو مبادرة حقيقية لاستنقاذ الوطن، وبين الكرنفالات السياسية التي تهدف إلى تبييض وجه السلطة، دون إرادة، ودون فعل، ودون أثر.

المعارضة ليست مناطحة، بل المعارضة الصادقة هي حكومة ظلّ لحكم رشيد، وبديلٌ يستعد لتداول السلطة عن حكمٍ فاشل.

خلال السنوات الماضية، حُكمنا تحت عنوانٍ واضح، ولن نخدع أنفسنا، ويمكن أن نقول فيه اقتباساً: “ما تسمعوش كلام حد غيري”.
الرسالة التي ضُيِّفت قبل سعيي لاستبدال هذه السلطة برئاسة جديدة واعية، وفريق رئاسي قادر على إنقاذ هذا الوطن، كانت: إن الوطن يتسع للجميع، وإن الخلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية.
الإنصاف يقتضي – وقد صرّحت بذلك في حوارات صحفية – أننا لسنواتٍ قاربت على العشر، كنا لا نسمع فيها سوى أصوات المؤيدين.


النتيجة شديدة السوء على كافة الأصعدة.
ولو كانت هذه النتيجة، التي تطنطن بها السلطة يومياً مستخدمةً كل أدواتها الترويجية، هي ما تسمّيه إنجازات، فهي كارثة مكتملة الأركان.

لن نتسامح فيما فات، ولا سنقدّم شيكاً على بياضٍ لما هو آتٍ.
التغيير حتمي وسيحدث، ولا بديل عنه.
لا لأن الوضع الحالي كارثي فحسب، بل لأنه غير مستدام.
لم تعد الأسر المصرية – المالك الحقيقي لهذا البلد الكبير – قادرةً على الاستمرار. وقد فرغ صبرها منذ سنوات، ولم يستمع إليها أحد.
فلو غُيبتُ جزئياً بالحَبس، أو كلياً بالتصفية، سيحدث التغيير، وسيحدث بعنف.
أنا وحملتي وكل من حولي لم ولن نعتمد – وأشدد على ذلك – لم ولن نرضى بغير الديمقراطية السلمية والطرق القانونية والدستورية طريقاً واحداً لاستبدال هذه السلطة.

قلتُها من قبل: إذا كانت هناك رؤية أمينة لما وصلنا إليه، فستكون متأكدة – مما لا أبالغ إذا قلت – أنها كانت لحظة فارقة وتاريخية.
في هذه اللحظة حذّرت فيها بصدق، وبالعمل أثناء مسؤوليتي نائباً عن هذا الشعب في البرلمان، وسيؤرَّخ لها بمقدماتٍ أدّت إلى نتائج.
حذرنا في عام 2014 بالقرائن والحجج.
وفي عام 2019 أطلقتُ رؤيةً إصلاحيةً شاملةً في مبادرة “الطريق الثالث”، بينما كانت التعديلات الدستورية تؤسس للتمديد الرئاسي وتُغلّ يد دولة المؤسسات.
كنت أرى القادم، وللأسف وقع ما كنا نخشاه.
ما نحن فيه اليوم، إن تعامل الناس معه بمنطق التكتيك والمناورة وتجاوز اللحظة، فإنهم يرتكبون جرماً في حق أنفسهم وفي حق بلادهم.

أنا سياسي، وأدرك تماماً الفارق بين المهام التي أتصدى لها، أكانت نائباً برلمانياً، أو رئيساً لحزب، أو محللاً سياسياً، أو مترشحاً رئاسياً.
كنت دائماً مسؤولاً، ولا أسعى لافتعال المشاكل نائباً برلمانياً، لكني لا أتهرّب من مواجهتها إذا فرضت عليّ.

لا يُعقل أن يكون عدد النواب محدوداً يناقشون قضايا جوهرية متحدثين باسم شعب كامل في مرحلة بهذه الحساسية في وطنهم، وعلى هذه الدرجة من الخطورة إقليمياً بعد السابع من أكتوبر 2023.


وهنا أفرّق بين القضايا السياسية والشأن الجاري، وبين قضايا وطنية، وهي ما أتحدث عنه – أتحدث عن قضايا تغيّر مسار الوطن.

إذا مُكِّن أي منا من الوصول لهذا الدور في البرلمان أو غيره ليمثل هذا الشعب، وضيّعه بافتعال المشاكل، فهو شخص غير مسؤول، خاصةً لو كان أصحاب الحق وسالكو طريقه قليلين وقابضين على الجمر.
وإذا ظنّ أي شخص أنني سأعيش في دور المغلوب على أمره والمستضعف، فهو بالتأكيد مخطئ.
وهذا أمر يتعلق بالكرامة الشخصية، لا بافتعال الحالة.

أنا، حين أعمل تحت القسم، حتماً أبر بالقسم.
وحين خضتُ غمار المعترك نحو الانتخابات الرئاسية، عقدتُ العزم على الإنجاز الحقيقي في هذا الدور تحت القسم، بدون تجاوز، وبدون تهاون.
وشعاري دائماً: دولة القانون والمؤسسات.
يتحتم على الرئيس أن يكون أميناً إذا وعد الشعب المصري بأن كل سلطة في هذا الوطن، وكل مؤسسة، ستقوم بدورها على أكمل وجه، وملء استطاعتها، على النحو الذي رسمه الدستور كاملاً، دون انتقاص، ودون تدخل، ودون افتئات على حق سلطات أخرى، وفي المقام الأول على حق المواطن المصري.


من المهم الإشارة إلى القادم.
من يتصدى لمهمة إدارة دولة ورئاستها، لا يمكن أن يكون في خصومة مع مؤسساتها.
الرئاسة وظيفة مكلفة بالمسؤوليات.
لا يمكن التصرف فيها بانفراد وبدون دراسة.
وأنا مؤمن إيماناً راسخاً بالإصلاح، لا بالهدم.
والإصلاح ليس عملية تجميلية أو شكلية.
هناك مؤسسات بعينها إصلاحها يحتاج أن يكون عميقاً وواسع النطاق، لكنه في الوقت نفسه بحاجة لأن يكون عاقلاً، ومتدرجاً، ورشيداً.
لكنه بالتأكيد حاسم فيما نكابده الآن.

شارك

مقالات ذات صلة