سياسة

 الانتخابات النيابية القادمة!

مارس 31, 2025

 الانتخابات النيابية القادمة!

سُئلت يومًا إن كنت أستبق كل استحقاق انتخابي بتحديد نقاط فساده لأبرر “فشلي” في الفوز به، وإن كانت حملتي الانتخابية عام 2014 لخوض انتخابات البرلمان قد جاءت بعد حملة حافلة بالاتهامات من جميع المنافسين. كما أُسأل عن الاستقطاب الشديد ودمج دائرتي دسوق وقلين في كفر الشيخ.


في الواقع، لدي إجابة واحدة لا تتغير أمام هذا السؤال: بداية، أنا – بفضل الله عليَّ – لم أخسر انتخابات واحدة في حياتي، لا برلمانية، ولا حتى حملتي الرئاسية لو اكتملت، وأنا شديد الإيمان بعملي وبرنامجي وزملائي في هذا اليقين. ذلك لأنني أفكر مليًا وأحترم مسبقًا اتجاهات الرأي العام قبل اتخاذ خطوة من هذا النوع، وقد بلغت من الخبرة ورأيت الكثير في المعتركات الانتخابية. أول انتخابات مُورس فيها العنف ضدي والتلاعب بإرادة الناس كانت عندما ترشحت رئيسًا لاتحاد طلاب مدرستي الثانوية. أما الانتخابات التي سُئلت عنها، فهي انتخابات 2020، والتي قلت عنها بوضوح في مقابلة تلفزيونية عام 2023، بل وأجزم بكل الثقة، وحالي كحال كل من مر بها أو كان له يد أو صوت أو إدلاء، يعلم علم اليقين أنني فزت في تلك الانتخابات.


كوني أعترض على التجاوزات لا يعني أنني مثالي أو حالم، وقلتها مرارًا: عندما أدخل معتركًا سياسيًا، أعرف الحالة الانتخابية وطبيعتها وأدوات المنافسين فيها، ومن يقف خلفهم من السلطة. وقلت وسأظل أردد: كفاني شرفًا مشقة المصوتين وتحملهم كل ما تكبدوه أمام الأمن والرشوة والبلطجة. وما زالت مطالبي بسيطة؛ ستارة وصندوق، لأن هذا ما يستحقه هذا البلد الذي أحبه، ولشعبه الذي يستحق أفضل من ذلك بكثير.


عندما قررت وزملائي وحملتي الرئاسية، بعد المنع والتهديد وحبس شباب وأعضاء الحملة وتلفيق القضايا لي ولمدير حملتي محمد عواد الديار، أعلنا في مؤتمر صحفي أننا ننهي حملة انتخابية ونبدأ مشروعًا سياسيًا سيغير مصر في سنوات معدودة؛ فهو تشخيص للحاضر ورؤية للمستقبل. حين تقرؤون هذا المقال قد أكون مقيد الحرية، لكن هناك من الزملاء من يحاربون بجسارة في كل بلد فيه مصري أو مصرية يؤمنون بهذا المشروع: التغيير المدني السلمي الديمقراطي، بالقانون، والدستور، لانتزاع حق دستوري وتداول السلطة الحتمي، وسيأتي.


هذا الحق المقموع يبدأ من الانتخابات البرلمانية. القوائم المطلقة مؤشر على استمرار هذه السلطة في اختبار صبر المواطنين وفرض قوائمها في البرلمان ومصالحها خارجه. خوف السلطة، بل رعبها، من منازلتنا على الستارة والصندوق لا يعكس إلا فشلًا وخوفًا مرتعدًا، يستحيل معه تحقيق إنجازات حقيقية في مصر، ولا يخلف إلا مزيدًا من الفشل والقمع والاستبداد. لأن النتيجة ببساطة: سيأتي يوم يبلغ فيه صبر المواطنين المصريين منتهاه، وسيعبرون ما هم فيه من سنوات، وإن منعه القمع هنا في مصر، فسيشجعه المصريون في الخارج، وسيحدث في يوم ما قريب بلا أدنى شك. الشعب المصري، الذي لا تخطئه العين، ينتظر غدًا أفضل، مع المستقبل، ويريد رؤية نظام حكم مدني ديمقراطي، مع دولة القانون والمؤسسات، والفصل والتوازن بين السلطات. دولة يكون غرضها الإنسان، تصون وترعى القيم العليا في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.


نحن نريد استرداد بلدنا المختطفة. وكل صوت أرسل لنا رأيه أو رؤيته أو خطابًا أو وجهة نظر أو توكيلًا قرأناه بعناية، وراجعنا برنامجنا، واستدعينا مستشارينا الأجلاء، وناقشنا كل شيء، ولن نكل عن المطالبة بحقوقنا وواجباتنا. عندما فزت في انتخابات البرلمان، وقفت وسط دائرتي في ديسمبر 2015 وقلت لناخبيَّ الذين رفضوا أن يباعوا ويشتروا آنذاك: “انتخبتم فكرة، وليس شخصًا. أن نضع أيدينا في أيدي بعضنا ونعمل سويًا”، وبالفعل كانوا خير عون طوال خمس سنوات من تمثيلي لهم في البرلمان. وبكوا بحرقة عندما نجحت في 2020 بعد السنوات الخمس، وسقطت السلطة أمام أعينهم حين خرجت النتيجة على غير الحقيقة.


في الواقع، وعي الناس دائمًا يبهرني، وأنا سعيد بالمواطنين الذين يطلبون الحد الأقصى من الرقابة، وأتمنى من نخبة هذا الشعب أن تستمر على التشدد في هذه المواقف، لأنني خُذلت كثيرًا من هذا الجانب من هذه النخب. أعني بذلك من يهيئ للمواطنين أن هذا هو الحد الأدنى، ومن يقبل بغيره يشارك في تمثيل مسرحية سياسية. أتمنى أن تظل النخب على موقفها.


أنا أدرك أن تكون الشاشات الإعلامية منحازة تمامًا للسلطة، بل إنها تتعدى على أي معارضة حقيقية، لكنني أراهن على وعي الناس، وليس إعلام الإذاعة المدرسية. أما الإعلام الفضائي المصري المملوك للدولة، فأنا مواطن مصري وجزء من تمويله يأتي من ضرائبي، وأتمنى أن تزول عنه إملاءات الأمن والمخابرات وباقي الأجهزة التي أفسدت الإعلام.


أنا أدرك أن الوضع المثالي غير مستحيل، لكن هناك ضمانات للتنافس الانتخابي، وضمانات أخرى تتعلق بصحة النتائج. الكتلة التصويتية في الانتخابات البرلمانية تكون عينة ممثلة لتوجهات الشعب المصري. استخدمت السلطة فيها كل ما تستطيع، وانتصر الشعب. إذا كانت النتائج سليمة، فتعظيم سلام للشعب المصري، أقولها وأعنيها حرفيًا. أنا ملتزم بواجبي الوطني: لن أترك الناس تفاضل بين اليأس والانفجار.

شارك

مقالات ذات صلة