مدونات

ملعب اليرموك في غزّة.. مساحة أمل مليئة بالألم

مارس 21, 2025

ملعب اليرموك في غزّة.. مساحة أمل مليئة بالألم

للكاتب: يونس جعادي


قبل ساعاتٍ قليلة، أو ربما أيام، تكون قد شاهدت مباراة كرة قدم، سواءً على شاشة التلفاز أو ربما من داخل ملعبٍ على المدرجات، تحتسي كوب قهوة دافئًا وتستمتع بالتعليق أو أهازيج المشجعين، لا يعكّر مزاجك سوى هدف في مرمى فريقك، وقد تتحوّل الأجواء إلى بهجة إذا اهتزت شباك حارس مرمى المنافس.
هل تتخيّل أنه، وفي اللحظة ذاتها، يعيش آلاف من بين مئات الآلاف، نازحين قسرًا وسط ظروف مأساوية وكارثية، على ملعب كرة قدم في مدينة صغيرة من هذا العالم؟


الخبر من آخره..
آلاف النازحين من أهل غزة يفترشون، ومنذ أشهر، الأرض داخل خيام في ملعب اليرموك، الذي قامت الجرافات والدبابات “الإسرائيلية” بتدميره بشكل كامل، يواجهون المجهول المحفوف بالمخاطر، بأجساد ضعيفة ونحيلة أنهكها السهر والخوف والجوع والترحال بعد ترك منازلهم قسرًا، بسبب وابل النيران والقصف المتواصل من جيش الاحتلال الصهيوني طيلة أشهر.


ملعب اليرموك التاريخي
يُعدّ ملعب اليرموك أو “مخيّم النزوح” واحدًا من أهم المرافق الرياضية في غزة، حيث يعتبر أحد أكبر وأقدم الملاعب في القطاع، فقد تم بناؤه عام 1952، ويتّسع لما يقارب الـ10 آلاف متفرج. وتتخذ عدد من الفرق الغزّاوية من المرفق ملعبًا رئيسيًا لخوض مبارياتها في الدوري المحلي.
وإلى جانب دوره الرياضي، يستغل الغزّيون ملعب اليرموك لتنظيم الاحتفالات والمهرجانات الكبيرة، كالأفراح الجماعية والمهرجانات الوطنية. كما يُعتبر ملعب اليرموك الملعب الوحيد في قطاع غزة الذي يحتوي على مضمار للجري.
هذا المضمار وفّر قبل العدوان على القطاع فرصًا ممتازة لممارسة رياضة الجري والأنشطة ذات الصلة.


من ملعب إلى مكان تفوح منه رائحة العذاب والموت
ما تزال صور ومقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مع بداية العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة، والتي تظهر جنودًا “إسرائيليين” وهم يجرّدون العديد من المدنيين الفلسطينيين من ملابسهم ويعتقلونهم وسط أجواء الشتاء الباردة، بينهم أطفال ونساء معصوبات الأعين في ملعب اليرموك، خالدة في الأذهان وتُظهِر بشكل جلي حجم الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في حق سكان قطاع غزة.


ظروف حياتية تفوق استيعاب البشر
يعيش النازحون من أحياء غزّاوية مختلفة داخل خيام متراصّة في الملعب، لاستيعاب أكبر عدد من العائلات، ويفتقر الملعب والخيام إلى المرافق الأساسية مثل الماء والكهرباء ودورات المياه، مما يزيد من معاناة مئات العائلات، أغلبها من نساء وأطفال فقدوا الآلاف من ذويهم ويعيشون دون مُعيل.


ملعب.. احتضن الألم ليصنع الأمل
أعلن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم قبل أيام قائمة منتخب فلسطين لمواجهة العراق والأردن بتصفيات كأس العالم 2026، عبر فيديو بطريقة جميلة ومبتكرة تعبّر عن معاناة الشعب الفلسطيني، وهو قيام بعض الأطفال بجمع صور اللاعبين الذين تم استدعاؤهم من وسط الركام، ومن بينها مشاهد داخل ملعب اليرموك، في رسالة تظهر للاحتلال والعالم أن هذا الشعب محب للحياة، ويصنع من الألم قاعدة للأمل، ولن تكون أشهر العيش في المخيم والملعب سوى 90 دقيقة ستنتهي لا محالة بهدف قاتل في مرمى الصهاينة.

شارك

مقالات ذات صلة